معجزات نبي الله موسى عليه السلام

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org

معجزات نبي الله موسى عليه السلام
الشبهة
ورد في القرآن قوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ} [الأعراف :133] ، كما ورد فيه أيضا قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً } [الإسراء :101] ومعلوم أن الله ضرب المصريين على يد موسى عشر ضربات وليست خمسة كما في الآية الأولى، ولا تسعة كما في الآية الثانية، وكذلك فإن الطوفان لم يصب مصر زمن فرعون بل كان حدثًا مشهورًا حلَّ بقوم نوح.
 
الرد عليها
مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
ليس في الآيات ما يدل على حصر عدد المعجزات:
    ليس في الآيتين المذكورتين تعرُّض لحصر المعجزات في عدد مُعَيَّن ، فالآية الأولى لم يرد فيها ذكر لعدد أصلاً فضلاً عن أن يكون فيها حصر بعدد معين ، كما أن الآية الثانية –وإن ورد فيها ذكر لعدد- إلا أنها لم تحصر معجزات موسى في هذا العدد؛ إذ قد تَقَرَّر أن تخصيص العدد بالذكر لا يدل على نفي الزائد عليه.
 
 

معجزات موسى كثيرة :

    الآيات التي آتاها الله موسى - عليه السلام - كثيرة ، وقد اسْتَخْرَج الإمام الرازي من آيات القرآن الكريم منها ست عشرة؛ إحداها: أن الله تعالى أزال العُقْدَة من لسانه، وثانيها: انقلاب العصا حيَّة، وثالثها: تلقف الحية حبالهم وعصيهم مع كثرتها، ورابعها: اليد البيضاء، وخمسة أُخَر: وهي الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم. والعاشر: شق البحر : وهو قوله: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ} [البقرة :50] ، والحادي عشر: الحجر، وهو قوله: {اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ} [البقرة :60]، والثاني عشر: إظلال الجبل ، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأعراف :171] والثالث عشر: إنزال الْمَن والسلوى عليه وعلى قومه، والرابع عشر والخامس عشر: قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف :130]، والسادس عشر: الطمس على أموالهم من النخل والدقيق والأطعمة والدراهم والدنانير" (1).
 
 

لماذا خص الله هذه التسع؟

    ويبقى السؤال: لماذا ورد تخصيص هذه التِّسع بالذكر في آيتين من القرآن الكريم؟
ونقول هذا يعني أن من بين معجزات موسى تسعًا لها خاصية دون غيرها من معجزاته - عليه السلام - وقد اجتهد غير واحد من المفسرين في تعيينها ، ويظهر أن: "الآيات التسع هي: بياض يده كلما أدخلها في جيبه، وانقلاب العصا حيَّة، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز - وهو الدمل - والقحط - وهو السنون، ونقص الثمرات، وهي مذكورة في سورة الأعراف"(2)
    وهذه التسع يندرج فيها ما زاد عليها، ولا تندرج هي في غيرها، ولا يندرج بعضها في بعض، كما أن هذه الآيات التسع تتميز عن بقية الآيات التي أوتيها موسى - عليه السلام- فهي من الآيات التي أوتيها ليواجه بها فرعون، وذلك غير الآيات التي أرسلها الله لبني إسرائيل ، وقد تكرر ذكر التسع آيات في موضعين من القرآن الكريم آية الإسراء: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء :101] وآية النمل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [النمل :12] وكلا الآيتين واردتان في مورد محاجة فرعون وقومه.
    قال ابن كثير: "قد أوتي موسى - عليه السلام - آيات أُخَر كثيرة، منها : ضربه الحجر بالعصا وخروج الماء منه، ومنها: تظليلهم بالغمام، وإنزال الْمَن والسلوى، وغير ذلك مما أوتيه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر هنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر فكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرًا وجحودًا(3).
 
 

الطوفان:

    أما الطوفان المذكور في الآية الأولى فهو قطعًا غير الطوفان الذي حَلَّ بالأرض زمن نوح - عليه السلام- والعجب أنه قد ورد في الكتاب المقدس ذكر للطوفان الذي أصاب مصر أيام فرعون، واستغاثة فرعون بموسى - عليه السلام - لرفع هذا الطوفان، فكيف يُغفل عن مثل هذا؟! فقد قيل لفرعون: "أنت معاند بعد لشعبي حتى لا تطلقه ها أنا غدًا مثل الآن أمطر بردًا عظيمًا لم يكن مثله في مصر، فنزل المطر والبرد، فوعد فرعون موسى بإطلاق شعب بني إسرائيل، لكن فرعون لما رأى أن المطر والبرد والرعود، وقد انقطعت عاد يخطئ وأغاظ قلبه هو وعبيده …" [الخروج 9/17-34].




الهوامش:
 

(1) التفسير الكبير 21 / 64 0
(2) تفسير التحرير والتنوير 15 / 225 بتصرف يسير.
(3) تفسير ابن كثير 3 / 66 وما بعدها وهو وجه لا يخفى على اللبيب0