تخبر الآية الكريمة بعض ما حدث لنبي الله موسى عليه السلام، فبعد إتمام المواعدة واصطفاء الله له بالرسالة والتكليم، أمره بأخذ الألواح والشكر على ذلك، ويخبر الله عن هذه الألواح أنه كتب فيها بعضًا من كل شيء تحتاج إليه أمَّته؛ حتى تكون موعظة وتبيانًا لكل شيء. والقرآن لم يحدد لنا عدد هذه الألواح ولم يقل أن عددها ثلاثة أو أربعة أو غير ذلك، ولكننا عند قراءتنا للكتاب المقدس في سفر الخروج نجد أن هناك نصوصًا تُبيِّن أن عدد الألواح أكثر من لوحين، فيقول: "ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله" [خروج 31: 18] ثم يوضح بعد ذلك أن سيدنا موسى عليه السلام كسَّر هذين اللوحين بقوله: "وكان عندما اقترب إلى المحلة أنه أبصر العجل والرقص فحمي غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل" [خروج 32: 19] ثم يذكر بعد ذلك أن الله أعطاه لوحين آخرين، وذلك بقوله: "ثم قال الرب لموسى انحت لك لوحين من حجر مثل الأولين فاكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين الذين كسرتهما" [خروج 34: 1] فمن هنا يتبن أن عدد الألواح أكثر من أربعة، وهو عدد يصح التعبير عنه بصيغة الجمع. ومعنى قوله تعالى: {وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ} أي فَصَّلَت كل شيء ورد في هذه الألواح من أحكام يحتاجون إليها في دينهم، فهو عموم يراد به الخصوص.(1) وكل في هذه الآية –ومثلها- يقول عنها العلماء: "كل في كل موضع بحسبها" وضربوا لذلك مثالا، وهو قوله تعالى عن الريح التي أهلكت قوم عاد: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:25] وهي مع ذلك لم تدمر السماوات والأرض وإنما دمرت كل شيء يتأتى فيه التدمير مما ظهر من سياق الآيات كالناس والزرع والنخيل وأمثالها.
الهوامش: ------------------------------- (1) التسهيل لعلوم التنزيل (2/45).