أولاً: إن الوارد في هذا الإصحاح المذكور هو نَسَب يوسف النجار ابن هالى, لا نسب مريم بنت عمران وهذا يكشف لنا بوضوح كثيرًا من الخلط الذي يقع بسبب عدم التثبت في نقل العلم، يقول لوقا: (ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما يظن ابن يوسف ابن هالى) [لوقا 3: 23]. ومن ثم فلا ضير أن تكون مريم هي ابنة عمران كما ذكر القرآن ولا تعارض في هذا بين القرآن والواقع ولا بين القرآن والكتاب المقدس. ثانيًا: أما كون مريم أخت هارون فمعناه أنها تنسب إلى هارون النبي إما في صلاحها أو لأنها من نسله أو أنَّ لها أخًا اسمه هارون آخر غير النبي، وهذا من الأساليب السائغة في اللغة فعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي فَقَالُوا : إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ ، وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا . فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : « إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ»([1]). كما يستفاد من إصحاحات الكتاب المقدس أن مريم عليها السلام كانت من سبط هارون فكيف يستبعد أن تكون أخت هارون؛ أي : من نَسْلِه، جاء في بدء إنجيل لوقا أنَّ إليصابات زوجة زكريا - عليه السلام - كانت من نَسْل هارون من سبط لاوي وكان زكريا من نَسْل هارون من سبط لاوي وتزوَّجها؛ لأن شريعتهم تُوجِبُ أن يتزَّوج كل واحد من سبطه فقط، وأن مريم كانت قريبة لإليصابات([2]). وإذا ثبت أنها قريبة لها ثبت أن مريم هارونية من سبط لاوى.
الهوامش: --------------------------- ([1]) صحيح مسلم4/249 ([2]) انظر لوقا 3 : 23