كيف يأمر الإسلام بضرب الزوجات؟

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org

كيف يأمر الإسلام بضرب الزوجات؟
الشبهة
جاء في القرآن: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء :34] وهنا تناقض بين القرآن والكتاب المقدس، فالقرآن يأمر بضرب الزوجات بينما الكتاب المقدس يأمر بحب الزوجات كما أحب المسيحُ الكنيسةَ.
 
الرد عليها
مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
تقديس الإسلام للعلاقة الزوجية وتكريمه للمرأة:
    إن المتأمل في النصوص الإسلامية التي تتحدث عن العلاقة الزوجية يجدها تُحِثُّ كُلاًّ من الزوجين على أن يكون بينهما ود ورحمة وحُسْن معاملة، قال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرُّوم :21]، ووصَّى النبي صلى الله عليه وسلم الرِّجَال بِحُسْنِ معاملة نسائهم، فقال: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ".([1])، وقال أيضًا: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"([2]).
    وقد تبوأت المرأة في الشريعة الإسلامية مكانَةً لم تنلها في كثير من الشرائع السابقة، فبعض الشرائع كانت تنظر إلى المرأة على أنها شيطان، وجاء في بعضها: "أَمَرُّ من الموت المرأة"([3])، واعتبر بعضهم المرأة في بعض الأوقات من أنْجَس الكائنات وتُنَجِّس كلَّ ما تَلْمِسُه. ([4])
    أمَّا الإسلام فقد كرَّم المرأة وجعلها كَنْزًا من كنوز الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ".([5])
    والآية الواردة في نَصِّ الشُّبْهَة ليس فيها أيُّ تقليل أو احتقار للمرأة، وإنما الآية تُبَيِّن لنا مراحل مُعَالَجة مَنْ أصيبت من النساء بِمَرَض النُّشُوز، وهي المرأة التي تمتنع عن أداء حقوق زوجها، فأمر الإسلام زوج من أُصِيبَت امرأته بهذا المرض أن يُعالجها، وهذا العلاج يكون على مراحل فيبدأ أول الأمر بِوَعْظِهَا ونُصْحِهَا، فإن لم يُفد الوعظ والنُّصح هَجَرَها، فإن لم يُفد الْهَجْر ضربها، والضَّرب الذي أرشدت إليه الآية ليس ضربًا مُؤْذِيًا أو انتقاميًّا، بل هو نوع من أنواع إظهار الزوج عدم رِضَاه وغضبه من تقصيرها في أداء حقوقه، وإصرارها على هذا التقصير، وتكون أداة الضرب بنحو سواك مثلا، وتكون مرحلة الضرب آخر المراحل بعد الوعظ والهجر.
    وضرب الزوج لزوجته على هذا النحو لا يعني أنَّه يكرهها، أو يُكِنُّ لها حقدًا؛ بل هو أسلوب من أساليب تقويم المرأة، والرجل قد يضرب ابنه على خطأ ارتكبه لتأديبه وتربيته، وابنه من أحبِّ الناس إليه، فالحب هو دافع الضرب وليس العكس.
    وأغلب الحالات التي تشتكي فيها النساء ضرب الأزواج لهن، نجد أن سبب الضرب لا يَمُتُّ إلى الدين بِصِلَة، وغالبا يكون هذا الفعل من غير الملتزمين بتعاليم الإسلام، فيكون الضرب رد فعل للخلافات والمشاجرات الزوجية التي لا يجد الرجل فيها حلاَّ غير هذا، والإسلام ينهاه عن هذا، ويعتبر ضربه لزوجته على هذا النحو المؤذي لها بدنيًّا ونفسيًّا من المعاصي المحرمة.

 
 
 
 
الهوامش:
--------------------------
([1]) صحيح مسلم، كتاب الحج، حديث رقم (3009).
([2]) سنن الترمذي، كتاب المناقب، حديث رقم (4269).
([3]) سفر الجامعة [7: 26].
([4]) سفر اللاويين [15/ 19: 32].
([5]) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، حديث رقم (1666).