عقاب فرعون لقوم موسى

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org

عقاب فرعون لقوم موسى
الشبهة
جاء في القرآن الكريم: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف : 127]  
وقوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 4 - 7]
تقول سورة الأعراف إن المصريين اشتكوا لفرعون من تصرف موسى، فأمر بقتل أبناء العبرانيين واستحياء نساءهم. وتقول سورة القصص عن فرعون قبل ولادة موسى أنه أمر بذبح الأولاد واستحياء النساء حتى خافت أم موسى عليه وخبأته فى سفط ([1])) البردي إلى أن انتشله آل فرعون.
وعلى هذا فالآيتان متناقضتان؛ لأن الآية الأولى تقول بأن فرعون وعد الملأ من قومه أن يقتل أبناء بني إسرائيل ويستحى نسائهم بعد بعث موسى عليه السلام وظهور أمره ووجود أشياع له، بينما تقول الآية الثانية إن ذلك حصل قبل ولادة موسى عليه السلام، وهذا تناقض.
 


([1]) السفط: وعاء من قضبان الشجر و نحوها توضع فيه الأشياء كالفاكهة. المعجم الوسيط، مادة (س ف ط).
 
الرد عليها
مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
    لا تناقض بين الآيتين؛ لأن هذا تكرر من فرعون في كلا الموقفين ولا عجب في ذلك، فكلتا الآيتين الواردتين هنا اشتملتا على وعيد من فرعون لموسى وقومه؛ الأولى بقوله {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ ...}، والثانية بقوله {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ...} ولكن هذا الوعيد كان في موقفين مختلفين؛ فالآية الأولى: كانت بعد ظهور دعوة موسى عليه السلام وإيمان بعض بنى إسرائيل به. والآية الثانية كانت قبل ميلاد سيدنا موسى عليه السلام بقليل أو مع ولادته، وهذا مستفاد من سياق الآيات.  والوعيدان من نوع واحد, ويفهم من هذا أن فرعون كان يُمارس هذا النوع من الاستئصال على مراحل متباعدة من الزمن، فقد فعله قبل ولادة موسى عليه السلام حتى يتيقن من قتل هذا الغلام الذي علم أنه سوف يأخذ مُلْكَه فلما قتل الكثير كأنه تيقَّن من قتل هذا المولود فيمن قتل، وتَرَك هذا العذاب الذي كان يُذِيقه قوم موسى، ثم لما وُلِد سيدنا موسى عليه السلام وقدَّر الله تعالي أن ينجو من هذا القتل وبُعِث وجهر بدعوته، فُوجِئَ فرعون بخروج أمره عن يده، فبدأ يخطط في إنهاء هذه الأزمة بإعادة القتل مرة أخرى، وهذا هو قول جمهور المفسرين.