لقمان

الناقل : heba | المصدر : www.dar-alifta.org

الشبهة
جاء في القرآن: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 12 ، 13] وورد في التفسير: لقمان هو ابن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت أيوب، وقيل ابن خالته، وعاش حتى أدرك داود عليه الصلاة والسلام وأخذ منه العلم، وكان يفتي قبل مبعثه. فكيف يقول القرآن إن لقمان نبي؟ وكيف يقول إنه عاصر أيوب وداود وبينهما بعدًا زمانيًّا ومكانيًّا فبينهما 900 سنة، ونشأ أيوب في بلاد عوص وداود في فلسطين.
 
الرد عليها
مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية
لم يقل القرآن الكريم  إن لقمان نبي، وإنما قال: إنه رجل آتاه الله الحكمة، وجمهور العلماء قالوا: إنه كان حكيمًا صالحًا (1)، وذكر ابن عطية: أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لم يكن لقمان نبيًّا ولكن كان عبدًا كثير التفكير حسن اليقين أحب الله تعالى فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة" (2) فتبيَّن بهذا أن الله مَنَّ عليه بالحكمة ولم يَمُنّ عليه بالوحي، وما ذكر من تعليمه لابنه وهو يعظه فهو تعليم لابنه لا تبليغ شرع.
    أما القول بأنه عاصر أيوب وداود، فنقول: لم يقل القرآن هذا، وإنما جاء هذا في كلام بعض المفسرين، وهو اجتهاد منهم، إن أصابوا فلهم أجران، وإلا فلهم أجر واحد، وقد شغل بعضهم نفسه بِجَمْع كل ما قيل حول الآية؛ ليتمم الفائدة.
    وعلى فرض صحة ما قيل بأن لقمان ابن أخت أيوب فهذا لا يقطع بأن لقمان أدرك أيوب، ولا يقطع بأن أيوب أدرك داود، وكذلك لا يفهم هذا وجودهم في مكان واحد؛ إذ قد يكون لقمان من أقارب أيوب، ثم رحل إلى بلاد داود مثلاً.
    والقول بأنه كان بين داود وأيوب 900 سنة، فهذا أمر لم يأت السائل بدليل عليه، ولم يتعرض القرآن ولا التفسير لذكره، لذلك فتحديد هذه المدة بينهما أمر يصعب إثباته.
    ومعنى قول بعض المفسرين "وكان يفتي قبل مبعثه" أن الهاء في كلمة (مبعثه) عائدة على داود لا على لقمان، والمعني أن لقمان كان يفتي قبل مبعث داود، والبعثة المقصودة هنا هي بعثة سيدنا دواد عليه السلام.
 
---------------------------
(1) قد ورد ذكره في كتب أهل الكتاب، واسمه "لوكيوس" فى اليونانى، و"لقمان" فى العبرانية. ففى سفر أعمال الرسل: "وكان فى أنطاكية فى الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا وسمعان الذى يدعى نيجر ولوكيوس القيروانى ومناين . ." [أع 13 : 1]، وفى سفر الرسالة إلى أهل روما أنه كان معاصراً لبولس وصديقًا له: "يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي، ولوكيوس وياسون . ." [رو 16 : 21].
   واللغة اليونانية تضيف حرف السين في آخر الاسم مثل يوسيفوس ـ هيرودس ـ أغسطس قيصر . بيركلينوس وهو اسم أحمد رسول الله فى إنجيل يوحنا. وفى العبرانية " يونان " بالألف والنون، وفى اليونانية " يونس ".
 
(2) أورده في كنز العمال (14/2)، وعزاه للديلمي وابن عساكر في تاريخ دمشق ، وهو عند ابن عساكر (17/85)