الرد على الشبهة :
إن العلّة المترتبة على صلب المسيح هى غفران خطايا من يؤمن به ربًّا مصلوباً والغفران لكل من كان فى المدة من آدم إلى المسيح إذا قدّر أنهم لو كانوا له مشاهدين ، لكانوا به مؤمنين . فهل هذه العلة صحيحة ؟
بالتأكيد ليست بصحيحة . وذلك لأن آدم لما أخطأ هدته الحكمة أن يعترف بخطئه وأن يتوب . فتاب الله عليه . وإذ هو قد تاب ، فأى فائدة من سريان خطيئة آدم فى بنيه ؟ ففى سفر الحكمة : " والحكمة هى التى حمت الإنسان الأول أب العالم الذى خلق وحده لما سقط فى الخطيئة ؛ رفعته من سقوطه ، ومنحته سلطة على كل شىء" [حك 10 : 1ـ2]. وفى التوراة : أن نجاة المرء من غضب الله يكون بالعمل الصالح حسبما أمر الله . ومن لا يعمل بما أمر الله ؛ فإنه لا يكون له نجاة . ففى سفر الحكمة عن نوح ـ عليه السلام ـ وولده : " وعندما غاصت الأمم فى شرورها ؛ تعرفت الحكمة برجل صالح ، وحفظته من كل عيب فى نظر الله ، وجعلته قويًّا يفضل العمل بأمر الله على الاستجابة إلى عاطفته تُجاه ولده " [حكمة 10 : 5]. انظر إلى قوله " تجاه ولده " أى ولده الذى غرق لعدم إيمانه وعمله . وهذا النص من سفر الحكمة عن " ولده " ليس له نظير فى قصة نوح الموجودة فى التوراة العبرانية. ويقول المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ : " كل كلمة فارغة يقولها الناس؛ يُحاسبون عليها يوم الدين . لأنك بكلامك تُبرّر، وبكلامك تُدان " [متى 12 : 36ـ37]. وفى التوراة : " لا يُقتل الآباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء . كل إنسان بخطيئته يُقتل " [تث 24 : 16]. وفى الأناجيل أن المسيح بعد حادثة القتل والصلب ؛ ظهر أربعين يوماً للحواريين ، وتكلم عن ملكوت الله معهم . وهو ملكوت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففى بدء سفر أعمال الرسل : " الذين أراهم أيضاً نفسه حيًّا ببراهين كثيرة بعدما تألم ، وهو يظهر لهم أربعين يوماً ، ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله " [أع 1 : 3] وظهوره وكلامه عن الملكوت ؛ يدلان على استمراره فى الدعوة.