الرياض - طارق طلال عبد الرحمن
تعتبر الإنترنت تقنية حديثة نوعا ما وفعالة أيضا في مجال المعلومات والمعرفة واستكشاف ما هو جديد وواسع في العالم. فما أن يبدأ الشخص بالإبحار في هذا الفضاء الافتراضي، حتى يدرك أن ما يحصل عليه من معلومات في مدة معينة لا تمثل إلا جزءاً بسيطاً مما تحويه هذه الشبكة الواسعة، ولا يزيده هذا الإدراك إلا إصراراً على معرفة واكتشاف المزيد في هذا البحر الواسع، وبالتالي يجد نفسه متعلقاً بشكل كبير بهذه الشبكة، دون أن يشعر بمرور وقته الفعلي من ساعات ودقائق، ويتولد عنده ما يقارب الارتباط النفسي بهذا المصدر المعلوماتي المفتوح. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: متى وكيف يكون هذا الإدمان ممدوحا أو مذموما؟ تطويع الرغبات الإجابة تحددها طبيعة الاهتمام، فيكون هذا الإدمان سلبياً عندما يستسلم الشخص بشكل كامل لهذه الشبكة واضعاً وقته وعمله وحياته الاجتماعية تحت رحمتها، مما يؤدي به إلى تدهور اجتماعي قد يؤثر سلبياً على حياته العادية، ويكون العكس إذا كان الهدف هو الاهتمام بالتثقيف وتنمية المعلومات فيما يخص مجال الإنترنت أو غيره، بالإضافة إلى من يستخدم هذه الأداة لأغراض تجارية واستثمارية، أو لإدارات المشاريع والمخططات الهادفة والمشاركة فيها عن بعد. وفي حين أنه من الصعب تحديد عدد مدمني الإنترنت، إلا أن هناك إحصاءات تفيد أن المدمنين تتراوح نسبهم ما بين 5% إلى 10% من مستخدمي الشبكة العالمية، وعند النظر للفئة والتركيب العمري لهؤلاء نجد أن أغلبهم من الذكور وفي سن 29عاما. إدمان يقتضي العلاج ؟! بعض الجهات الأمريكية أدركت خطورة الأمر و أصدرت كتباً ووضعت مواقع على الشبكة لمعالجة مدمني الإنترنت وتوعيتهم في طريقة استخدامها، إذ يكفي أن يتم إرسال البريد الإلكتروني الخاص بالشخص المدمن، إلى أحد هذه المواقع، وهم سيتكلفون بمتابعة هذا الشخص ومعالجته من حالات الإدمان، كما وضعوا معايير وامتحانات شخصية يتم على أساسها تصنيف المستخدم لنفسه إن كان من المدمنين أو لا، وقد دعا عالم النفس "ديفيد جرينفيلد" المهتمين بموضوع إدمان الإنترنت، عبر موقع على الإنترنت وعلى نطاق العالم، الإجابة بـ «نعم» أو «لا» على عشرة أسئلة حول استخدام الإنترنت؛ وقد أجاب حوالي 6% من 14251 شخصاً شملهم المسح بـ«نعم» على خمسة أسئلة، مما يعني أنهم قابلوا معيار جرينفيلد الخاص بإدمان الإنترنت. إدمان عالمي توصل جرينفيلد في استبيانه إلى إن 11.4 مليون شخص حول العالم ربما يكونون من مدمني الإنترنت، وقد استجاب المتشككون بسرعة لهذه الدراسات، قائلين: "إن كل شيء تقريباً يمكن أن يصنف باستخدام مثل هذه المعايير غير معرفة نسب وأعداد مدمني الإنترنت". والسؤال، هل نحن بحاجة إلى بحوث أكثر تنوعاً قبل أن نجزم بوجود إدمان الإنترنت وقبل أن نستخدم معايير الاستبيان لتشخيص آلاف من الناس كمدمنين؟! وفي حال وجدت هذه المعايير بالفعل، كيف يمكن إقناع الملايين حول العالم بضرورة تقنين استخدامهم لهذه التقنية بعد أن أصبحت طبقا يوميا لا غنى عنه بالنسبة لمعظمهم ؟