هل يمكن التسلح ضد الألم النفسي والحزن؟

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : يوسف ميخائيل أسعد | المصدر : www.balagh.com

كيف يعد الأنسان نفسه قبل أن يهاجمه الألم النفسي على ما قد يلاقيه من النوائب؟
إننا نلخص ذلك فيما يلي :
اولا – عود نفسك على مجابهة المواقف الصعبة , وهذا ما يعرف عند العرب بالأخشوشان , فالواقع أن اولئك الذين نشأوا في حياتهم وهم في عزلة عن مواقف الحياة الخشنة , قلما يستطيعون تحمل الآم الحياة وأحزانها , فكلما كان الشخص أكثر تعودا على مجابهة صعاب الحياة , كان بالتالي أكثر قدرة على تحمل آلامها وهضم احزانها عندما يجد الجد , وعندما تقلب له الحياة ظهر المجن .
ثانيا – التواجد مع أصحاب الأحزان ومواساتهم في آلامهم وأحزانهم , ذلك ان اعتياد تلك المواقف يعطي المرء منعة بإزائها , فإذا ما انخرط هو شخصيا في موقف حزين يدعو إلى الحزن , فإن خبراته السابقة في المواقف المتباينة تفيده إلى حد بعيد في مجابهة الموقف المؤلم نفسيا , ذلك إنك في موقفك من الحزانى تنظر الى حالتهم بنظرة موضوعية , بينما هم ينظرون إليها من زاوية ذاتية , فعندما ياتي دورك في موقف محزن أو مؤلم , فإنك تجد نفسك قد أعتدت على الموقف الموضوعي الذي سبق لك التلبس به وأتخذته مع غيرك .
ثالثا – قراءة القصص التراجيدية وتأمل الكتابات التي تعرض للموت والأحزان ونحوها , فالواقع أن العيش في إطار تلك القصص أو تأمل تلك الكتابات التراجيدية لما يكسب المرء خبرة نفسية في مجابهة المواقف المحزنة التي تصادفه فعلا في الحياة وتساعده على هضمها بطريقة سليمة.
رابعا – عبر عن إنفعالاتك التعبير الطبيعي بغير مبالغة وبغير قمع لمشاعرك , فمن الخطأ أن يمنع المرء نفسه من التعبير عن أحزانه بالدموع , أو عن الآمه بالأنين , فإعطاء المرء نفسه فرصة التعبير السوي عما يدور بخله من إنفعالات هائجة , لما يخفف عنه تلك الآلام والأحزان , أما القمع فإنه يسبب الحسرة ويطبع علامات الحزن حتى المات على ملامح الشخص , ومن جهة أخرى فأن تهييج المشاعر أو المبالغة في التعبير عما يعتمل في القلب يشبه إثارة الجلد المتقيد بالهرش والحك , فذلك الهرش أوالحك يؤدي الى زيادة الأكال والتهيج.
خامسا – إقرأ في علم النفس وتفقه إفاق النفس الإنسانية وكيف ينفعل الإنسان وكيف يعبر عن إنفعالاته , فكلما وقفت على حقيقة نفسك كإنسان , كنت بالتالي أكثر قدرة على مجابهة مواقف الحياة الصعبة بما تحمله من الآم وأحزان , ولكن عليك أن تساند قراءاتك في علم النفس بما يتسنى لك اكتشافه عن طريق تأملاتك الشخصية , فعليك بالتامل لأن ما تستطيع اكتشافه بالتامل قد يفوق في الغالب ما تستطيع أكتشافه فيما تقوم بقرأته من كتب .
فالحكمة في مجابهة مواقف الحياة وهضم أحزانها لا تتأتى بحفظ المعلومات الواردة بالكتب , بل تتأتى عما يصير من لحم فكرك الشخصي , أجعل من المادة التي نقرأها في كتب علم النفس مادة أو نقطة انطلاق لتاملاتك الشخصية , ولكن يجب أن تنظم تأملاتك واستعن في ذلك بتسجيلها وما سوف تتأمله في اليوم التالي , والواقع أن تذرعك بالتأمل سوف لا يساعدك على هضم الآم الحياة وأحزانها فحسب , بل أنه سوف يعمل أيضا على توسيع أفقك وعلى تفتيق ذهنك وكشف ما تتضمنه الحياة من أسرار