فى رجل باع بعض أطيانه الزراعية بمبلغ سبعة آلاف جنيه ليشترى بدلها عمارة ولم يوفق إلى الآن ، وأنه صرف من هذا المبلغ نصفه وبقى لديه النصف الثانى ليشترى به عقارا ، وسأل هل تجب زكاة المال فى هذا المبلغ مع العلم بأنه ليس فائضا عن حاجته، وكلما احتاج إلى مصاريف سحب منه .
إن سبب وجوب الزكاة شرعا كما جاء فى الدر وحاشيته رد المحتار ملك نصاب حولى تام فارغ عن دين له مطالب من جهة العباد وعن حاجته الأصلية ، لأن المشغول بها كالمعدوم . وفسره ابن ملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد ، أو تقديرا كالدين فإن المديون محتاج إلى قضائه بما فى يده من النصاب دفعا عن نفسه الحبس الذى هو كالهلاك وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن الجهل عندهم كالهلاك ، فإذا كان له دراهم مستحقة يصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة ، كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم . فقد صرح بأن من معه دراهم وأمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية لاتجب الزكاة إذا حال الحول وهى عنده . لكن اعترضه فى البحر بقوله ويخالفه ما فى المعراج والبدائع من أن الزكاة تجب فى النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة ، وأقره فى النهر والشرنبلالية وشرح المقدسى ثم قال ابن عابدين بعد نقل ما سبق لكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقا لظاهر عبارات المتون فالأولى التوفيق بحمل ما فى البدائع وغيرها على ما إذا أمسكه لينفق منه كل ما يحتاجه فحال الحول وقد بقى معه نصاب فإنه يزكى ذلك الباقى وإن كان قصده الإنفاق منه أيضا فى المستقبل لعدم استحقاقه صرفه إلى حوائجه الأصلية وقت حولان الحول بخلاف ما إذا حال الحول وهو مستحق الصرف إليها وبهذا التوفيق بين الروايتين نفتى جوابا على هذا الاستفتاء . فما بقى فى يد السائل من هذا المال بعد الصرف فى حوائجه الأصلية وحال عليه الحول تجب فيه الزكاة ، ونصاب الزكاة من الذهب بالعملة المصرية أحد عشر جنيها وثمانمائة وخمسة وسبعون مليما ، ومن الفضة خمسمائة وثلاثون قرشا تقريبا والله أعلم . تعليق : قارن الفتوى رقم 779 من كتاب الفتاوى الإسلامية فيما يساويه نصاب الذهب والفضة .