زكاة الوقف

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : الشيخ محمد بخيت المطيعي | المصدر : www.dar-alifta.org

من السيد عبد الرحمن ناظر بماصورته التمس من مكارم أخلاق مولاى الغراء إرشادى إلى ما يجب عمله فى المسألتين الآتيتين على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه جعلكم الله نورا يستضاء به وموردا عذبا يغترف منه . المسألة الأولى أوقف رجل ثلث أملاكه على الأعمال الخيرية واشترط أن يحجز فى آخر كل عام عند توزيع ريعها جزءا صغيرا لما يحدث من الطوارئ ، وقد يكون عند ناظر الوقف مبلغ يزيد عن النصاب وحال عليه الحول - فهل تجب فيه الزكاة أم لا المسالة الثانية نظرا للحالة الحالية اضطر ناظر الوقف أن يضع ما عنده من الاحتياطى وما تحصل من إيراد هذا العام فى أحد المصارف بدون شرط خوف الضياع ، وفى آخر العام الميلادى أضاف المصرف ربحا على المبالغ المودعة عنده ، فهل يجوز للناظر استلام هذا الريح أم لا وإن كان يجوز له ذلك فهل يوزعه على المستحقين باعتبار أنه إيراد جديد أم يضيفه إلى الاحتياطي هذا ما نرجو من فضيلة الأستاذ الأكبر إرشادنا إليه والله لا يضيع أجر من أحسن عملا . وتقبلوا بقبول احترام المسلمين هنا .
 
الـجـــواب
فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي

      اطلعنا على خطاب حضرتكم المسطر أعلاه . ونفيد أنه مرسل لحضرتكم طى هذه الإجابة عن المسألتين المذكورتين به على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه المسطرة من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ سليمان العبد شيخ السادة الشافعية بالجامع الأزهر الشريف ، ومن حضرة الأستاذ الشيخ محمد الحلبى من كبار علماء الشافعية بالجامع المذكور . وملخص الجواب عن المسألة الأولى أن ريع الوقف إن كان الوقف على جهة عامة كالمساجد والفقراء ونحو ذلك من سبل الخير فلا زكاة فى الريع ، وإن كان الوقف على إنسان معين أو جماعة معينين وجبت الزكاة فى الريع لأنهم يملكونه ملكا تاما يتصرفون فيه جميع أنواع التصرف ، فإن بلغ نصيب كل منهم نصابا وجبت الزكاة فيه إن حصلت شروط الوجوب ، وإن نقص نصيب كل منهم وبلغ نصيب جميعهم نصابا ووجدت شروط الخلطة مع وجود شروط الوجوب وجبت الزكاة فى الريع ، وأما الأعيان الموقوفة إن كانت زكوية فلا زكاة فيها - وملخص الجواب عن المسألة الثانية أنه ليس للناظر أخذ شىء من مال الوقف على وجه الضمان ، فإن فعله ضمنه ، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فى مال الوقف . وإقراض الناظر مال الوقف كإقراض مال الصبى ، فلا يجوز لغير القاضى إقراض مال الوقف إلا لضرورة كسفر أو نهب ، فيقرضه مليا أمينا خاليا ماله عن الشبهة ، ويأخذ رهنا إن رأى فى أخذه مصلحة . وحينئذ فما فعله الناظر من الوضع فهو إما قرض بالقول فلابد من الشروط المعتبرة فيه ، ولم يوجد جميعها فى هذا القرض فهو فاسد وغير جائز له . وإما قرض وضعى بالمعاطاة مع الاتفاق المعلوم بين المصارف والمقرض فلا يجوز أيضا - وحينئذ فلا يجوز للناظر استلام هذا الربح بل هو لصاحبه الأصلى من المصارف ، وإذا كان لا يجوز استلامه له لبقائه على ملك صاحبه ، فلا يجوز للناظر رده على مال المستحقين ، ولا على الاحتياطى ، ولا يجوز للناظر الانتفاع به بل يجب رده ، وهو ضامن للمال الموضوع فى أحد المصارف ، فإذا استلمه منه فلا يبرأ من ضمانه بالاستلام بل لابد من تسليمه للقاضى ثم يدفعه له القاضى فيبرأ - وليس وضع الناظر مال الوقف المذكور بأحد المصارف من قبيل الإيداع الشرعى - لأن من شرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها ، وعادة المصارف جرت على استهلاك كل ما يودع فيها إلا إذا كان مودعا بخزينة خاصة لصاحب المال توضع هى فى المصرف ، على أن الناظر ليس له إيداع مال الوقف أيضا إلا عند القاضى الشرعى بشروطه هذا ما تفيده نصوص مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه التى يفتى بها وأما الجواب على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه فأما عن المسألة الأولى فهو أن ريع الأوقاف الموقوفة على الأعمال الخيرية لا زكاة فيه ولا فيما تكون عند الناظر وزاد عن النصاب كما هو مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه - وأما عن المسألة الثانية فوضع الناظر ما عنده من الاحتياطى وما تحصل من إيراد هذا العام كما ذكر فى أحد المصارف ليس من الإيداع فى شىء ، لأن المصارف جرت عادتها على استهلاك ما يودع فيها وشرط الوديعة أن لا تستهلك وأن ترد بعينها كما هو مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه بل هو من باب القرض وليس للناظر أن يقرض مال الوقف، وإنما ذلك للقاضى الشرعى . وحينئذ يكون الناظر المذكور ضامنا لما وضعه بأحد المصارف . وأما الربح الذى نتج عن ذلك فهو باق على ملك صاحبه ، ولا يجوز للناظر قبضه من المصرف متى كان ذلك فى دار الإسلام ، فإن قبضه وكان ذلك فى دار الإسلام كما ذكرنا ملكه الناظر ملكا خبيثا فيجب عليه رده لمن قبضه منه فإن لم يرده كان الواجب عليه أن يتصدق به على الفقراء . والله أعلم .