"بعض الناس يعبد المنصب والجاه، وبعضهم يعبد السلطة أو الأبطال، وهم يتنازعون ويختلفون فيما بينهم، ولا يمكن أن يتحدوا حول هذه المثل المعبودة، لكنهم جميعا يعبدون المال".. بهذه الكلمات افتتح الكاتب فلسفته عن المال، فمارك توين اشتهر كاتباً وعالماً وحالماً ومغامراً، وكان أيضا بائعاً ومشترياً نهماً للأسهم، جمع في حياته ثروتين طائلتين، وفي هذا الكتاب يكشف أندروليكي حكمة مارك توين الفذة وذكاءه اللماح في خمسين درساً صائباً حول إدارة إنسان القرن الحادي والعشرين للمال، حيث يبدأ كل درس برؤية حالية متبصرة أو مثال نموذجي مستمد من كتاب مارك توين، ثم يتوسع بالتفصيل ليشمل كيفية بناء الثروة والتخطيط لضمان المستقبل والتمتع بثمار ثروة وفيرة. أسوأ وأفضل الأوقات للاستثمار يرى الكاتب أنه في حين يتوجب على المستثمر العادي شراء الأسهم على المدى الطويل بحذر وتجاهل توقيت السوق، لكن ينبغي عليه فهم بعض المقومات المتعلقة بأداء السوق وهي: إعادة سوق الأسهم لدوراتها المتكررة، وميل الحركة الصاعدة في السوق لأن تكون أكثر تدرجاً، في حين يمكن للحركة المعاكسة أن تحدث بشكل هبوط حاد وشديد تماماً، ثم إن العرض النقدي الوفير ومعدلات الفائدة المنخفضة والاستخدام القوي للعمالة والاستقرار السياسي والاقتصادي تشكل جميعاً نبضات محفزة للسوق. وإن ندرة النقد والارتفاع في نسب الضرائب ومعدلات الفائدة ونسبة البطالة والمفاجآت التي تحدث على الصعيد الدولي تمثل مقومات معينة على تحديد أوقات واتجاهات المستثمر في مجال الأسهم.. خطة للاستثمار والادخار هناك أفكار مفيدة لنجاح أي خطة للاستثمار والادخار، نذكر منها: - اقتطاع مال إجباري بشكل آلي من الراتب. - توسيع النقاط في مرحلة الادخار إلى مرحلة الاستثمار عن طريق - -توظيف الأموال في أسهم عدة كالصناديق الاستثمارية المشتركة. - لا بد من أخذ التدابير الوقائية الضرورية من إطلاق الأكاذيب والشائعات، وهذا يفترض في المستثمر افتراض أن أي معلومة تصله ليست صحيحة مائة بالمائة. قبل أن تقوم بالاستقصاء والبحث، اتصل بالمسؤول المباشر للشركة أو المنتج أو الخدمة أو المهمة للتأكد من صحة المعلومة. يقرر الكاتب أنه ليس هناك شكل واحد صحيح لتوزيع الأصول المالية، بل عليك اختيار ذاك الذي يناسب شخصيتك الاستثمارية، فالمستثمر المعتدل يمكن أن يستثمر 65% من حافظته النقدية في الأسهم و25% في السندات و20% من النقد السائل، وهذا يعرضه لبعض المفاجآت، لكنه لا يمنع أحداً من النوم ملء جفونه في الليل. المستثمر المغامر قد يفضل استثمار 85% من حافظته المالية في الأسهم و10% في السندات و5% من النقد السائل. بين المؤلف والمصارف مقولة شهيرة أطلقها الكاتب "صاحب المصرف هو الشخص الذي يعيرك مظلته حين تكون السماء صافية ويريد استردادها لحظة هطول المطر" وهي نظرة تشاؤمية، فينبغي على المستدينين من المصارف أن يدرسوا العملية الاستثمارية جيداً قبل الدخول فيها، فمراجعة المصرف والتأكد من معدل فائدة معقول (حسب النظام الغربي) والتأكد من القدرة على السيطرة على عملية السداد كلها محاذير يجب وضعها في الاعتبار. إن الاستثمار اليوم يمثل لعبة ممتعة للعديد من الناس، وهي لعبة تمتلك مضامين كبرى لرفاهية المرء المالية، الآن هناك الكثير من الأدوات والوسائل الممتازة وبرامج الكمبيوترات والمواقع على الشبكات الإلكترونية يمكن الاستفادة من كل ذلك في مجال الاستثمار، فكن دائماً محتفظاً بسجل يتعقب ما أصبت من نجاح ولا تجعل من الاستثمار كدحًا مضنيًا يؤدي في نهاية المطاف إما إلى التقاعد وإما إلى ترك (صُرة) كبيرة من المال إلى الوراثة من بعدك. لا تحول أمورك المالية إلى لعبة حظ لقد اكتسحت شعبية الائتمان أمريكا منذ حقبة مارك توين، فالأمريكيون اليوم يحتلون المرتبة الأولى في الاقتراض على مستوى العالم، فالعائلة الحديثة النموذجية ترزح تحت وطأة عبء ثقيل من ديون بطاقة الائتمان. إن المستثمرين الذين تشغلهم أعباء الديون يشعرون في كثير من الأحوال بأنهم مجبرون على قبول مخاطرات أعظم ضمن استراتيجيتهم الاستثمارية، في محاولة للتعريف عن الفارق، لكن هذا لا يفيد فإن لم يكن من المستطاع تسديد كل الديون حالاً فحاول بطريقة ممنهجة ومتدرجة تقليص فاتورة ديونك المعلقة كل شهر. لا يمكن لأي فرد من أن يتمتع بالذكاء والحذق في كل الأوقات، لكننا نستطيع على الأقل أن نكون جديرين بالاحترام، ولا نتحول إلى أوغاد لمجرد شعورنا بأن الدائنين جائرون ولا يستحقون الاحترام. ميزانية العائلة بعض الناس يعبد المنصب والجاه وبعضهم يعبد السلطة والأبطال، وآخرون مؤمنون بالله وحده، وهم يختلفون ويتنازعون ولا يمكن إن يتحدوا حول هذه المثل المعبودة، لكنهم جميعاً على اختلاف بينهم يقيمون للمال وزناً في حياتهم، فقد افتتن مارك توين دومًا بسطوة المال، ووصف تأثيره القوي على حياة الناس في مواضيع كثيرة، لم تتغير الطبيعة البشرية، ففي عالم اليوم ما زال مظهر الثراء مهمًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. إن من المهم صياغة ميزانية عائلية مدروسة برؤية ينبغي الالتزام ببنودها، ابدأ بمراقبة كم تنفق فعلا بدقة وعناية بما في ذلك مصروف الجيب الذي ينسى بعض الناس كل شيء عنه، يمكن استخدام دفتر (أستاذ) بسيط أو برنامج مالي شامل على الحاسب لاقتفاء أثر عاداتك في الإنفاق بدقة، قم بحساب نسبة دخلك التي تذهب على مختلف النفقات، وعلى سبيل المثال من الأفضل ألا تنفق أكثر من ثلثي دخلك الشهري على الضروريات كالطعام والسكن والمنافع الأخرى، حاول إبقاء الفواتير الشهرية كالأقساط أو الديون في حدود 10% من دخلك، وحالما تعرف جميع الأرقام يمكنك تقليص النفقات...اعمل على صياغة ميزانية عائلية واقعية حين يكون لديك بعض الأهداف المحدودة المتفاوتة في مدة تحقيقها مثل قضاء عطلة أو شراء سيارة أو تعليم أطفال أو العيش في حياة هادئة، وحالما تصمم على هذه الأهداف يمكن تحديد السبيل المنضبط باتجاه تحقيقها، ضع نصب عينيك كل يوم عمل شيئا لم تكن تريد عمله، هذه هي القاعدة الذهبية لاكتساب عادة القيام بواجبك دون معاناة. مع بحث المستثمرين المتواصل عن الجديد القادم يصبح من السهل عليهم إغفال الاستثمار القائم على الأمانة والبداهة السليمة والمنطق العقلاني الذي لا يوجد فيه صيغ سرية أو كرات سحرية تزعم التحديق إلى المستقبل، لقد رمى الكثير من المستثمرين الماضي وراء ظهورهم – لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار معتقدات وآراء الخبراء الذين تمتلك فلسفاتهم القدرة على الاحتمال والصمود، ويبدو أنهم يجدون دائمًا النقطة المعينة حين يفشل الآخرون في اكتشافها. الاستثمار والقرار الذاتي لا تستسلم لغزيرة القطيع، فقد كان مارك توين ينتقي ما يفضله من المجتمع ومن عالم الاستثمار عمومًا، كما طور موقفه تجاه المال على الأغلب اعتماداً على ما عاناه خلال الأوقات الصعبة التي مر بها، لكنه احتفظ على الدوام بحاسة تمييزية تنزع نحو التنكولوجيا المتقدمة او المستقبل الآتي، يتوجب على المستثمر اتخاذ قراره بنفسه بالمتابعة النشطة ومتابعة الأمر لمعرفة النفقات التي يتطلبها صندوقه الاستثماري بدقة. خاتمة بقي أن نختم استعراضنا لهذه الكتاب المفيد بمقولة شهيرة قالها كاتبنا في خواتيم عمره: إن البرنامج الذي تسير على هديه الأشياء موضوع بشكل معكوس، فالحياة يجب أن تبدأ بالشيخوخة بحكمتها ومزاياها وذخيرتها المتراكمة وتنتهي بالشباب بطاقته وقدراته للاستمتاع بتلك الفوائد والمزايا الرائعة، لكن تبعاً لطبيعة الأشياء الآن فإن دولاراً واحدًا في عهد الشباب يمكن أن يشتري لك مائة من المسرات، لكنك لا تستطيع الحصول عليه، وحين تشيخ وتمتلكه لا تجد ما يستحق شراؤه به، إنها خلاصة الحياة نصفها الأول مكون من القدرة على الاستمتاع بها دون امتلاك الفرصة، ونصفها الآخر مؤلف من الفرصة المتاحة من دون القدرة ..غنياً أم فقيرًا استمتع مارك بمباهج الحياة حتى الثمالة في كل المراحل والأحوال، وشكل المال جزءاً واحدًا من حياته، لكنه كان مقومًا ومهمًا ودرسًا يمكن الاستفادة منه والتعلم من عبره الكثيرة.