أشار الكاتب (تيري سفاج)، وهو كاتب في الشئون المالية، إلى الخطورة التي يعيشها الصغار وهم في جهل تام بقيمة النقود والتعب الذي يقدمه الوالدان للحصول على هذه النقود في نهاية الشهر. فعندما يشاهدنا الأبناء الصغار نذهب إلى ماكينة سحب النقود، وقد يساعد هو في عملية سحب النقود من الماكينة، هل يعلم هذا الصغير كيف تم الحصول على هذه النقود؟ وهل يعلم أنها نتيجة عمل مجهد ومتعب وانتظار لها في نهاية كل شهر؟ أم أنها عملية حظ، وضغط أرقام في هذه الماكينة لتخرج النقود المطلوبة. احترام المال ضرورة: يقول الكاتب إن تعليم الصغار المحافظة المال واحترامه أمر في غاية الأهمية، وهو امتداد للتربية في الأمور الأخرى، فإن تعليم احترام المال والنقود يعني تفهيم وتعليم الصغير عدم صرف النقود فيما لا فائدة منه، فهي لم تأت من السماء أو من كلمات سحرية أو أرقام سرية تقال لماكينة سحب النقود. ويقدم هذا الكاتب عدة نصائح للوالدين لتعليم الصغار وتدريبهم على ذلك: 1- عندما يرافقك الأبناء في التسوق فاحترس من إظهار الثراء والغنى، حتى ولو كان ذلك حقيقة، ويجب عدم ملء السلة بما يحب الأبناء وما يشتهون، حتى ولو لم يكن في بالهم عند القدوم للسوق. فهو وإن كان هذا أمر يمكن أن تفخر به أمام أبنائك إلا أن المال يجب ان يحترم ويقدر، ويجب غرس قيمة المال في نفوس وعقول الأبناء من صغرهم، بتعليمهم معرفة الأسعار، ومقارنتها بالفائدة التي تعود إلى المشتري منها، كما عليه ان يعرفهم أيضا بالبدائل المتاحة، فهناك مثلا دجاج مجمد له سعر، وهناك دجاج مبرد أكثر سعرا من المجمد، وهناك دجاج مقطع إلى أوصال، وله سعر أعلى من العروض السابقة، ويوجد لحم دجاج صاف بدون عظم، ويكون هذا أكثر غلاء. وعلى ولي الأمر أن يستعين بالصغير لكي يقرر أي الأسعار أفضل، وعلى الكبير أن لا يلتقط البضائع ويضعها في السلة قبل أن يعرف وزنها وسعرها وتاريخ إنتاجها، وهل السعر المطلوب لهذه السلعة معقول، كل هذه الأمور يجب أن تتم بوجود الأبناء الذين سيدركون أن هناك أمورا عددية يجب أن يعلموها ويعملوها قبل الشراء، وقبل دفع النقود. 2- علم أبناءك أن يتخذوا قرارات مالية من صغرهم، فقد يطالبك ابنك أن تشتري له لعبة وأنت تعلم أنها لعبة لن تعمر كثيرا، وقد تتطلب مصاريف إضافية كالبطاريات، وتعلم أيضا أن عدم تلبية طلبات الصغير قد تولد لديه شعورا بالنقص عن زملائه، فاجعل له الخيار بأن تعطيه النقود وتطلب منه أن يشتري بها لعبة أكثر فائدة أو أكثر تحملا، أو أن يحتفظ بالنقود ليشتري بها أمرا أكثر نفعا، وقد تشير إليه بأنك ستساعده ماليا على شراء جهاز كمبيوتر له، أو عجلة، فيما لو غض الطرف عن هذه اللعبة السريعة العطب الكثيرة المصاريف، فهنا يشعر الصغير بأنه لم يحرم، وأصبح هو صاحب القرار. 3- الوالدان هما القدوة التي يتلقى الصغير منها التعليم والتقليد، لذا فكلما كان الوالدان حريصان على عدم الصرف فيما لا يجدي، أو أن يكون معيار الصرف هو مقدار الفائدة المرجوة، فإن صغارهما سيتعلمون هذه الدروس، فالأب الذي يهمل التقاط العملة النحاسية أمام أبنائه من الأرض لتفاهة قيمتها، فإنه يلغي درسا قيما يقدمه لأبنائه عن احترام المال، فهذه النقود على تفاهتها لها احترامها الكبير، فالنقود الكبيرة هي تجميع لهذه القطرات الصغيرة. 4- علم أبناءك تحصيل عمل حتى ولو كان صغيرا أو بأجر قليل، لا تحرمهم من تغسيل سيارتك وتنظيفها مقابل المبلغ الذي تدفعه عادة لمن ينظف سيارتك، ولا تطلب من أبنائك أن ينظفوا السيارة مجانا، فأنت هنا تقدم لهم نموذجا هاما لمعرفة قيمة النقود، وأنها لا تأتي من الفراغ أو نتيجة الحظ، بل إن العمل والعرق هو الذي يقدم ويحضر النقود. 5- يمكن للوالدين أن يجعلا من العيدية التي تمنح للصغار في كل عام وقت الأعياد بأن تكون نواة لاستثمارات مالية جادة، بأن يساهم الأب ويساعدهم ويكمل لهم ما نقص عليهم من مال في شراء بعض الأسهم لأبنائه حتى ولو كان قليلة العدد أو الاشتراك في أحد الصناديق المالية، بسلفة لهم وعليهم ردها إلى صاحبها من مصروفهم، ويجب على الوالدين متابعة حركة الأسهم مع أبنائهما ليتعرفوا على دنيا المال والأعمال من الصغر ولتنمية هذه الروح العارفة بالمال والمحترمة له. ويجب أن تكون الفكرة الأساسية هي تعليم الأبناء احترام المال وتنميته، بدلا من الفكر الدارج أن هذه النقود هي للصغير ليتمتع بها ويصرفها كيفما شاء، فهو هنا لن يتعلم احترام المال، ويشعر أن إضاعته في شراء لعب أفضل من الاستثمار، وذلك لعدم معرفته وعدم تعليمه على احترام المال واستثماره. 6- المقصود في كل ما سبق هو تنمية احترام المال، وليس عشق المال وتجميعه أو عدم التفريط فيه لينقلب الأمر لتعليم البخل والشح، وهنا يكون دور الوالدين لشرح الفرق بين هذين الهدفين، فالنقود هي وسيلة للتمتع في الحياة وليست غاية بذاتها، فالمال ليس له قوة أبدا، قوته فيما يمكن أن يصنع منه الشخص الذي يملك المال. 7- يجب شرح مبدأ الصرف والأنفاق بين ما هو ضروري وبين ما هو ترفيه، وبين الصرف على الأساسيات، وبين الصرف على الكماليات. وبين ماهو مشاركة الآخرين في همومهم ومساعدتهم لاجتياز الصعاب، وبين التبرعات المنافقة والمنافسة والمكابرة على كسب شهرة أو سمعة. ***