مع التقدم التقني الكبير الذي ظهرت به صناعة الطابعات مع التلوين الدقيق الذي تقدمه آليا، إضافة إلى مكائن التصوير الحديثة، أصبحت عملية التزوير للنقود عملية سهلة، لا تحتاج إلى جهد كبير، ودخل هذا المجال العديد من المغامرين، بعد أن كان خاصاً بفئة من الفنانين الكبار الذين لديهم موهبة نقل الصورة بتفاصيلها الدقيقة بالرسم باليد. أصبحت جميع الدول تواجه موجات من تزوير عملاتها، ومهما اتخذت من احتياطات ومن تعقيدات في طباعة نقودها الورقية، إلا أنها تجد أن عصابات التزوير استطاعت تجاوز العقبات التقنية الجديدة. إحصائيات مخيفة!! تقول الإحصائيات إن الأوراق المالية المزورة، وخاصة من عملة الدولار تبلغ قيمتها بلايين الدولارات موزعة ومنتشرة في أنحاء العالم، ويسعى كل مزور ليقوم بعملية تزوير الدولار، لأنه العملة التي لها سوق في كل أنحاء العالم، لذا فإنه من السهل تسويقها عالميا بدون عين الرقيب الفاحص. وعلى الرغم من أن وسائل كشف النقود المزورة تطورت كثيرا، وأصبحت في متناول المحلات التجارية، إلا أن هذا لم يوقف التزوير أو يحد منه، ففي عام 2000 تم حجز ما قيمته 39 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل نقاط البيع والتجارة الداخلية، وزاد هذا الرقم في عام 2001م إلى أن تجاوز 47 مليون دولار، أي أن التزوير في توسع وازدهار، وهذا الرقم يزيد بمقدار 40% عما كانت عليه عمليات إحباط توزيع العملة المزورة في عام 1995 وما قبلها. البلاستيك هو الخيار!!. نجحت أستراليا في صناعة عملتها من ورق مصنوع من رقائق البلاستيك، والتي تتميز بعدة مزايا كبيرة، منها أنه يمكن غسلها، ولا تتأثر بالبكتيريا، وتعيش مدة أطول تصل إلى أكثر من خمس سنوات بالاستعمال الكثيف، مقارنة بعام واحد من عمر العملة الورقية الحالية بالاستعمال المستديم. إضافة إلى أهم ميزة في الورق البلاستيكي وهي صعوبة التزوير إن لم تكن مستحيلة في مستوى التقنية في الوقت الحاضر، حيث إن العملة البلاستيكية تتكون من شرائح فوق بعضها مما يصعب على المزور الذي يكتفي حاليا بإتقان متابعة الألوان والأشكال والرسومات أن يقلدها. واضطرت أستراليا أن تسبق العالم بهذه الوسيلة الجديدة، حيث إن ما تعرضت له من عمليات تزوير في عملتها أثر كثيرا على اقتصادها، وعلى الثقة في المال المنقول والمتداول بين الناس. والتجربة الأسترالية نجحت بكل المعايير، ولكنها تلاقي صعوبة في الانتشار في دول العالم الأخرى لعدة أسباب: 1- إن نظام الصرف الآلي مصمم على صنف ملمس الورق، لذا فإن التحول إلى الملمس البلاستيكي يعني الانتهاء من هذا الدور والانتقال إلى صناعة جديدة تكون مكلفة جدا، فمكائن الصرف الآلي الحالية والموجودة في الخدمة تقدر قيمتها ببلايين الدولارات، وتبديلها سيكلف أضعاف القيمة الحالية، والبعض يرى أن مكافحة التزوير أقل تكلفة من التحول إلى النقود البلاستكية. 2- إن عملية التحول يجب أن تكون تدريجية، وهذا لا يتحقق مع المكائن الحديثة في عمليات العد، وعمليات الفرز، أي أن هناك فترة زمنية ستكون الجهود فيها مضاعفة عند الرغبة في الانتقال إلى العملة البلاستكية، فمثلا مكائن عد النقود الحالية لا تصلح لعد النقود البلاستيكية، لأن أي خدش في العملة البلاستيكية سيؤدي إلى تدميرها في مكائن العد الورقي. 3- ستكون هناك مشكلة في صرف عدة عملات من ماكينة واحدة، فهناك كثير من البلدان تقدم عملات بلدان أخرى بجانب عملتها، مثل هونغ كونغ تقدم عملتين، وبعض البلدان تقدم الدولار مع عملتها، لذا فيجب توحيد صناعة العملتين، لكي تصرف من ماكينة واحدة. البلاستيك قادم !! وعلى الرغم من أن العوائق الصناعية كبيرة ومكلفة، إلا أن الاتجاه نحو النقود البلاستكية يسير نحو القبول، وتفكر الولايات المتحدة الأمريكية بتجربة محدودة لنقود بلاستيكية في السنوات القادمة، وفي الوقت نفسه هناك محاولات لتطوير مكائن الصرف الآلي لتكون قادرة على العمل على الطريقتين، لأن حل هذه العقد سيساعد كثيرا على قبولها وانتشارها بأقل التكاليف. وأما كندا فهي ستعمل على تجربة طبع نقودها من الفئات الكبيرة وهي المائة دولار والخمسون على ورق بلاستيكي، كتجربة، لمعرفة المشاكل والمزايا، قبل الانتقال إلى المرحلة اللاحقة. والاتحاد الأوروبي، وبعد أن وحد عملته، يفكر بالانتقال في المرحلة القادمة إلى تجربة النقود البلاستيكية في تجربة شاملة وعامة. الحل الصناعي توجد أكثر من عشرين مطبعة خاصة للنقود في العالم، وهي التي تقدم النقود الورقية للعالم، وبعضها حكومي متخصص في عملته المحلية، وبعضها يعمل للحكومات الأخرى، وهذه الشركات والمطابع التجارية بدأت تشعر بالقلق نحو مستقبلها بظهور الورق البلاستيكي، لذا فإن الكثير من هذه المطابع بدأت أبحاثها بالاستعانة بالمصانع الكيميائية الكبيرة ومع مصانع كوداك واجفا للتصوير، لتقديم العملة البلاستكية التي لا يمكن تزويرها، ولا يمكن إهلاكها بالاستخدام الكثيف. وتقول هذه المطابع إن النقود البلاستيكية قادمة لا محالة، وستكون العملة الدارجة في العقد الثاني من القرن الحالي .