تنشر في الجرائد والمجلات يوميا نشرة تسمى النشرة الاقتصادية، وفيها قوائم تحتوي على أرقام مالية عن الأسهم والسندات وأسعار العملات، ومؤشرات البورصات العالمية وأسعار الفائدة، وأسعار بعض المواد الغذائية والمعادن النفيسة. وهذه النشرة تطبع ستة أيام في الأسبوع، يتابعها من يهمه الاستثمار في الأسهم والسندات والعملات، فهي تحتوي على معلومات ثمينة جدا عن كل أسهم الشركات المساهمة، ومن هذه القوائم يمكن دراسة ومتابعة تحركات أسعار الأسهم بين فترة وأخرى. فئات المستثمرين: وتعرض يوميا أسهم للبيع، ويقبل على شرائها فئات عديدة من الناس، منهم من يرغب في الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأسهم ليكون صاحب تأثير في مجلس الإدارة، وهؤلاء قلة، ولكن الكثيرين يشترون هذه الأسهم انتظارا لترتفع أسعارها، ومن ثم إعادة بيعها لتحقيق ربح ولو كان يسيرا. والبعض من هذه الفئة يقع في أخطاء استثمارية قد لا يجني من استثماره شيئا، وقد يخسر أحيانا، ولكن عادة فإن هؤلاء لا يخسرون جميع ما يستثمرونه، وتنحصر الخسائر غالبا في عدم تحقيق ربح مجز لو أحسن الاختيار، أو أن العائد لم يكن مغريا ليحجز هذا المبلغ الاستثماري فيه. وتقع هذه الأخطاء لثلاثة أسباب رئيسية: خلل المعرفة الأولية: يقدم البعض على شراء أسهم لشركة من الشركات اندفاعا عما سمعه عن تحقيق أسهم هذه الشركة من أرباح عالية، أو أن هناك طلبا كبيرا عليها، وهذا الأمر يحدث كثيرا، وتتحدث الصحف والمجالس الخاصة عن احتمالات نجاح كبير أو طلب متزايد على شراء أسهم شركة ما، ولكن هذه أمور اقتصادية تتم سريعا، وتنتهي في ظرف زمن قصير، فالتقلبات الاقتصادية كثيرة، ولا يكفي موجة ارتفاع واحدة للقيام بعملية الشراء، فيجب الاستعانة بأصحاب المعرفة والخبرة، ويجب أن يتابع الراغب في الاستثمار في الأسهم أحوال السوق عموما وأحوال الشركات المنافسة، ولا بأس بأن يستعين بأصحاب الخبرة، وحتى من استعلامات البنوك، فهي لا تمانع من إعطاء توضيحات وشروحات عن أحوالها، كما يفضل الاطلاع على الميزانيات الخاصة بهذه الشركات، ومعرفة مقدار رأس المال والممتلكات والاحتياطيات المتوفرة في حساباتها، ومعرفة صافي أرباحها، مع مراجعة لما عليها من مديونية، ومن هنا يقدم على الشراء بعد أن يتأكد من أن استثماره سيكون في أمان. وعلى المقدم على الاستثمار متابعة الأحوال الاقتصادية محليا وعالميا، فالعالم أصبح قرية صغيرة، والأموال تتحرك دائما حيث تربح، وعليه أن يتابع التحليلات الاقتصادية، أو أن يترك الأمر إلى بيوت الخبرة لتقدم له ما يحتاجه من معلومات، ويدفع لها مبلغا مقابل خدمته لحماية ماله أو تنميته. الخطأ الشائع الثاني: وضع البيض في سلة واحدة، والمثل يقول لا تضع البيض في سلة واحدة، وهذا مثل صحيح وينطبق على أحوال المستثمرين أيضا، فإن تنوع الاستثمار وشراء مجموعة منوعة من الأسهم أفضل من الاقتصار على شركة واحدة، فإن هذا الوضع يضمن تحقيق ربح ما لصاحب الاستثمار، فلو أن أسهم شركة ما تعثرت فإنه لن يكون نادما على شراء أسهمها، لأنها جزء من حافظة أسهم يتعامل بها، ولا بد أن أسهم الشركات الأخرى ستقدم له التعويض المناسب. قد يقول البعض إن أسهم شركة واحدة قوية أفضل من تشكيلة ضعيفة، وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن التجارب تقول إن أسهم هذه الشركات المغمورة كثيرا ما تكون هي المنقذ، فكثيرا ما تنهض شركة من الشركات من سباتها، لتنطلق أسهمها عاليا، والعكس أيضا في أن المغامرة مع أسهم شركة واحدة لا يضمن الربح لصاحب الاستثمار. الخطأ الشائع الثالث: قلة الصبر، فالكثير من المستثمرين ينتظر العائد السريع، ولكن هذا لا يتحقق سريعا إلا نادرا، فقد يجد هذا المستثمر أن شركة أخرى قدمت أرباحا أفضل فيعمل على بيع أسهم الشركة البطيئة وينتقل إلى أسهم الشركة السريعة في نظره، وهنا يحدث الخطأ في عدة مواضع: إن البيع السريع يصاحبه خسارة، أو على الأقل ربح قليل، إضافة إلى وجود رسوم بيع وشراء، وهذه بذاتها تكلفة تمثل خسائر. ومن التجارب العملية مع المستثمرين في الأسهم، يلاحظ أنهم يقدمون النصيحة الدائمة بأن على المستثمر أن يتحلى بالصبر، فإن أغلب الشركات تمر بأزمات، أو هبوط، ولكن هذا الأمر سيتم إصلاحه، فالاقتصاد عموما له دورات موجبة وسالبة، وكذلك الشركات، ومن ينتظر فإنه سيكسب كثيرا. والمقصود في الانتظار الطويل هو الانتظار حتى تتعدل الأحوال، وهذا قد يستغرق سنوات، والصبر خلال هذه السنوات قد يكون طويلا، ولكن الإنسان الذي يتابع السوق المالي يمكنه أن يتعرف على أساس المشكلة، ويبني قراره على البيع أو البقاء. ان عملية الاستثمار عملية دقيقة، وتحتاج إلى عدة أمور أولية ليبدأ الإنسان، ويقدم على الاستثمار في عمليات شراء وبيع الأسهم، ففي الأثر قول مشهور يقول (اعقلها وتوكل) وعقل هذه الاستثمارات هو عمل الاحتياطات التي تحمي المال وتسعى إلى تنميته، ويجب أن لا يكون الحظ والاعتماد عليه هو الدليل الاقتصادي الذي يتبعه المستثمر، فإنه سيجد أن حظه عاثر في كثير من هذه المغامرات .