أَقْعَى بجانب وَحشتي
عند الخروج من الهزائم
عَوَّى
وأشعلَ داخل قَبْوِ فرقتنا عيونه
عيناهُ جزء ٌمن بريق المرحلة
الكل مُؤتَنِسٌ بها
وأنا الوحيدُ بلا أنيس
كلما قاربتُ للنسغ ِ
ارتعدتُ من التنابح خلف ظهري
يا أبا جُعْدَة
اتئدْ
أحتاجُ شيئاً من صفاءٍ كي يمرَّ الأنبياءُ إلى نشيدي .
...
مَنْ رفيقي في ظلامٍ قارسٍ ؟
الذئبُ ساعتُنا التي عَوَّتْ على الجدران
فانضبطتْ فرائسُنا
إلى سجادةٍ فُرِشَتْ على البحر المقيت
وانضبطتْ تروسُ نشيدنا
لتحية القرف المخيف .
ذئبٌ على مَرْمَى طموحي
مزّقتْ أنيابُهُ طرفَ الحصير
وليس لي جسدٌ يُمَدَّدُ بارتياحٍ بعد ذلك
الذئب ينهش قامتي في كل عامٍ نخلتين
يا أيها الرعبُ المحاطُ بكل مطلع نرجسة
هذا دمى
خُذهُ لِتَطْلُعَ بارتياح ٍ
وابتعدْ عنها لتنمو
كيف تجثمُ صخرةٌ فوق البراعم
كيف يفترس العواءُ أصابعَ الملَك الملازم لانتمائي
من سينشلني
والأفق يسكنهُ العواء .
عواء ٌ
كَزِرّ ٍ مزعجٍ في ياقة الليل
أُجْبِرْنَا عليه ولم نقاوم
عواءٌ
ينمو كصخر ٍ حول رأسك
داسَ الخريطةَ ثم أقعى فوقها
كالحامض الماكر ،
مُتَآكِلٌ جِدّاً أنا
في كل ليلٍ تزدريني قوتي
يا أبا جُعده
مستنقعٌ جسدي وأنت تجثم حوله
لا نار فيه ولا رصاص لتبتعد .
الجوّ قاتم
غمامةٌ خرجتْ من الكوفية العانس
وغادرتِ المكانَ إلى كتابٍ قارصٍ
حيث الجنود الحامضون
يرتلونَ نشيدَ عودتهم إلى القِشَرِ السميكة
عائدٌ ذئبُ الحكايا
سمِّمُوا هذا العشاء
فسوف ينهشهُ معي .
لقد كرهتُ مفاصلي
تخشى يدايَ من التمدُّدِ
ركبتايَ من المسير
فالذئبُ يسكن قرب أول منحنى
خمسون عاماً تحت قوقعتي
مللتُ من البُزَاق
نصفُ أنهار البلاد استهلكتها غُدَّتاي
ونصفها لم يستوِ
كيف ينضج نهدُها
ولا كفٌّ ترويها بكل مساء ؟ .
من يبتهل لي
صدر البلاد الضامر الشتوي
لا يروي مآذننا
جفتْ زخارفُ مدخل المحراب
والأنبياء تفتتوا
سقطوا تراباً
الذئبُ غصَّ بعظمةٍ فاهتاج
هاج الترابُ
أسرى سريعاً للأفق
التصقَ التصاقاً بازرقاق الجلد
أناملي انتفختْ كأعواد الثقاب
قَدَحَتْ بدعوة مظلومٍ على الأفق
فاشتعلتْ
كيف أهربُ بالنبوّة
والأرض تلبس جلدَ ذئب ؟ .
نِصْفُ يافا في الدقيق ِ
ونصفها في الماء
والعشبُ فاصل
الخبز لَمْ يَنْمُ على سطح اكتفائي
الأيادي هاجرتْ من نصف قرن
معظم الأيدي الخبيرة في العجين
ماتتْ
لا خبزٌ على الصّاج
طَقْطِقْ يديكَ على الحديد
كي ينام القوم
وينسوا جوعَهم .
خيطُ الزخارف فوق صدر " الناصرة "
فَرَطَتْهُ " مريم "
صدرُها عارٍ ولا سَتْرٌ هناك
ومن أجدَى بستر
البتول ... أم المدينة ؟
إنها لغة التبادل بين عاجزتين .
الجنود تغيرت أشكالهم
رضعوا من الصخر المجاور للدناءة
لم يرتضوا صدر النَّهَر
شربوا البِرك
شَعْرٌ كثيفٌ اعتلَى أجسادَهم
تَقْطِيبُ جبهتهم أَضَرَّ الجمجمة
استدقت مثل جمجمة الذئاب
تحلَّقْنا بخوفٍ حولهم
عندما
غَصُّوا بأرضٍ كاملة .
يا أبا جُعدة
تحياتي
لستَ مُقْلِقَنَا الوحيد
ولستَ منهجنا الوحيد
نريدُ ليلاً هادئاً ،
كلما اشتدَّ العواء
امتدَّ خدشٌ في السماء
جلدُنا المصنوعُ من قُبَلِ الأمومة
ومن مياهِ القَطْر
أرقُّ من الندى
وأهمُّ من شَدْوِ الحصاد
أبعدْ نيوبَك مرةً عنِي
ليعرفني الغناء .
القحطُ عنواني صباح اليوم
كل سنبلة أُرَبِّيها تموتُ بصرختك
أكلتَ نصفَ قصائدي
صُعِقْتُ من المرارة والجفاف
أنت الذي الْتَهَمَ الغيومَ الآتية
وتركتَ سقفي عارياً
هل كلما استيقظتُ من حلم ٍ
أُحِسُ قوافلي
جذوعَ نخلٍ خاوية ؟ .
- وليتكَ سامري –
أصنعتَ جسمَك من تصافحهم
وعظمَك من ضلوع الطاولات ؟
أَبَصَمْتَ كَشْرَتَكَ الأخيرة فوق صفحتهم
فصفّقنا ؟ !
إننا لغةٌ تعاندُ نفسها
كلماتها سقطتْ على عسل السياسةِ كالذباب
أجسادنا سِرْبٌ من النحل المهلل للسراب
ورؤوسنا أملٌ قديم
عشرون عاماً
ثم تسكن في المتاحف .
- وليتكَ سامري -
أتصحبني إلى كهفٍ يُجِيدُ صناعة الرُّسل
أتصحبني إلى كهفٍ يشاركني البكاء
إني غشيمٌ في الأماكن
بُوْصَلَتِي عواؤك
يا نبييِّ
إنني المهزومُ والمجني عليه
والمحنّك في الضياع .
افترسْنا الأنبياءَ
وانتشينا كل هذا الوقت
عَلَّمْتَنَا
أن نأكل القِيَمَ التي صَنَعَتْ نخيلاً في البلاد
فانكشفتْ شوارعنا لهم
ولم نقو َ
إلا علَى تكسيرِ زيتونةِ عيسي
بعد صلبٍ في المنافي
ازرع نيوبَك في الصميم
وانهشْ مآذننا
إننا نحيا بلا نبض ولا أحلام .
يا ذئبُ
لا جسم لي لتأكلني
ناحلٌ كالمرحلة
كُلْ فجرَنا القادم
واتركنا بلا أضواء .