إني أخاف الله

الناقل : heba | المصدر : ozkorallah.net

وقفات مع حديث الرجل الذي قال : إني أخاف الله

إني أخاف الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :

فإن هذه الكلمات الثلاث جملة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله وذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله . وأية داعية تلك ؟ وإلى أي شيء دعته يا ترى ؟ .
والجواب : إنها المرأة التي تنازلت عن عفتها وحيائها وأستسلمت لهوى نفسها ووسوسة شيطانها وحصرت تفكيرها في شهوة عابرة سوف يعقبها الندم وسوء العاقبة والمصير .

إنها المرأة التي لم ترع حرمة حياتها الزوجية إن كانت محصنة أو إنها لم تفكر في هول الفضيحة إن كانت عذراء لم تتزوج بعد ..
نعم إنها امرأة وداعية سوء نبذت روعة الفضيلة وآثرت أن تستسلم للرذيلة فإذا بلسانها يترجم ما دار في خلدها فتدعو واحداً من الرجال تراوده عن نفسه لفعل فاحشة وصفها العزيز الحكيم بقوله سبحانه ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (
ولكن خاب فأل تلك المرأة التي أرادت أن تدنس عرض الذي دعته لنفسها يوم فاجأها بما لم يكن في حسبانها حيث قال لها : إني أخاف الله ! .

نعم لقد استشعر في قرارة نفسه عذاب الله فأشفق منه فقال : إني أخاف الله .
لقد تأججت حرارة الشهوة الجنسية في جسمه لكونه بشراً فأطفأها الخوف من الله .
إنه موقف لا ينجو من شره إلا المؤمنون ولا يتجاوزه إلا المتقون المعنيون بقوله سبحانه ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ )
إني أخاف الله : جملة مصدرها الإيمان وسر تأثيرها الخوف من الرحمن القائل في محكم التنزيل : ( فَلاَ تَخَافُوَهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( .

هذه الجملة عندما تخرج من القلب يتبعها نور الإخلاص وشعاعه المبهر فتكون أشد تأثيراً وأعظم وقعاً وأمضى نفاذاً تمنع الرجل من ارتكاب الزنا وتنير للمرأة الضالة بصيرتها وربما جعلتها تشعر بالذنب فلا تعود مثله تارة أخرى . هذه الجملة فيها تربية للروح وتزكية للنفس لابتعاد صاحبها عن ارتكاب المعصية قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) هذه الجملة فيها دحر للشيطان الذي يوسوس بارتكاب الذنب لكنه يخنس عندما يذكر العبد ربه ويستعيذ بالله منه مصداقة قوله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ )
ولو أننا قارنا بين اللذة الفانية التي يستمتع بها الزاني وبين النعيم المقيم الذي أعده الله سبحانه لمن خاف مقام ربه وعف عن الزنا بعد أن هيئت له الأسباب فإننا لا نجد مجالاً للمقارنة وشتان شتان بين ذلك فأين المتفكرون ؟! وأين المتدبرون ؟! .
وإن الجزاء المذكور لا بديل عنه يوم الدين حيث لا ظل إلا ظل عرش الرحمن ولا مراوح تلطف الجو ولا مكيفات هواء تنبعث منها البرودة المنعشة والناس في حالة ازدحام ممقوت وحرارة خانقة . ويرون بأم أعينهم جماعات يتفيؤون ظلال عرش الله سبحانه جزاء ما قدموا من صالح العمل ومنهم أولئك الذين عفوا في الحياة الدنيا عن ارتكاب فاحشة الزنا خوفاً من الله .
وهنا لابد لكل مؤمن عاقل إلا أن يقول : سبحانك اللهم كم للعفة عن الزنا عندك من شأن عظيم حتى أجزلت العطاء والمثوبة لصاحبها يوم الدين فجعلته في ظل عرشك يرتع في نعيم مقيم .

وإتماماً للفائدة أُحِبُ أن أوجه الأسئلة التالية لكل من زني أو تسول له نفسه أن يزني لا سمح الله وأن أجيب عن هذه الأسئلة لعل بعض الفائدة يحصل بهذه الطريقة الاستجوابية :

س 1 - ما معنى الزنا ؟ .
ج - الزنا هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر ومعناه الفجور أيضاً ويسمى سفاحاً وبغاء ويسمي عنتاً باعتبار ما يترتب عليه من إثم .

س 2 - ما هي عقوبة الزاني ؟ .
ج - عقوبة الزاني إن كان محصناً أو كانت محصنة : الرجم بالحجارة حتى الموت وإن كان عازباً أو كانت عزباً ، فالجلد مائة جلدة وتغريب سنة كاملة للرجل .

س3 - ما هي مضار الزنا ؟ .
ج - 1 - الإصابة المتوقعة بأمراض خطيرة استعصي على الأطباء علاجها في الوقت الراهن رغم تقدم الطب .
2 - مفسدة للأعراض .
3 - مضيعة للأنساب .
4 - هتك للشرف والأخلاق .
5 - عدوان مبين .
6 - نشر للرذيلة .
7 - سبب لظهور الخبث وتلوث البيئة .
8 - سبب للفقر وضنك العيش .
9 - يذهب بهاء الوجه ونوره .
10 - وقوع في أحضان الرذيلة .
11 - سبب للمقت وسوء العاقبة .
12 - انعدام الشخصية باستسلام صاحبها لسيطرة الشهوة الجنسية
.

س 4 - هل يرضي الزاني أن يزني أحد بإحدى محارمه أو زوجته ؟ .
ج - لا شك أنه سيقول لا وتثور ثائرته ويغضب لما سمع .. ولكن عليه أن يهون على نفسه ويئوب إلى رشده ويتفكر في قول الشاعر :
إن الزنا دين فإن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم


س 5 - هل للزاني من توبة ؟ .
ج - نعم إن باب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمة صادقة وإقلاع عن الذنب وندم على ما فات وتوبة نصوح وعدم مجاهرة بما سلف .
قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [ [6] .


وأرجو من القارئ الكريم أن يلحظ الفقرة الأخيرة من جواب السؤال الخامس وهي عدم المجاهرة - بسبب أن الذين يرتكبون المعاصي والفواحش ويجاهرون بها قد ورد في حقهم وعيد شديد بعد العفو عنهم والعياذ بالله والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه " .
ولو فكر المجاهر بما يترتب على مجاهرته لما تكلم ولا فضح نفسه وربما هتك ستر غيره .
إضافة إلى أن المجاهر بالمعصية يشجع غيره على ارتكابها والسفر إلى أماكنها وبذلك يكون قد دعا إلى وزر سيبوء بإثمه وإثم من عمل به إلى يوم القيامة .

فليتق الله المجاهرون وليستغفروا ربهم عن مجاهرتهم ويسألوه أن يعفو عنهم قبل فوات الأوان وانقضاء العمر .

وختاماً أحب أن أدلي بالنصائح التالية للشباب وللرجال المسلمين :

1 - إتقوا الله في السر والعلن .
2 - ابتعدوا عن قرناء السوء .
3 - ابتعدوا عن مواطن الشبهات .
4 - إياكم ومشاهدة الأفلام الرخيصة .
5 - صونوا جوارحكم عما حرم الله .
6 - إياكم والخلوة بالنساء .
7 - إبتعدوا عن مقدمات الزنا - لأن ما يفضي إلى الحرام فهو حرام .
8 - تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء فإن العرق دساس .
9 - إياكم وخضراء الدمن .
10 - عفوا تعف نساؤكم .
11 - إياكم والسفر إلى بلاد الكفر إلا للضرورة القصوى .
12 - تمثلوا بعمق إيمان قول الرسول صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فلتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء " .
13 - تذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " .
14 - تزينوا لزوجاتكم مثلما تحبون أن يتزين لكم .
15 - حافظوا على نظافة أجسادكم ورائحة أفواهكم متذكرين أن النظافة من الإيمان
16 - تذكر أيها الرجل أنك أرجح عقلاً فلا تخدع المرأة بمعسول كلامك ولا بكثر مالك لتوقعها في أحضان الرذيلة .
17 - التزم بقول الله سبحانه ] قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [ [7].

كما يسرني أن أقدم النصائح التالية لكل أخت مسلمة :

1 - اتقي الله واحذري الوقوع في الحرام .
2 - لا تنخدعي بمعسول كلام الشباب ولعبة الهاتف .
3 - تذكري أن جريمة الزنا بالنسبة للمرأة فضيحة وعار لا ينسيان طيلة العمر .
4 - ابتعدي عن قرينات السوء .
5- تذكري في قول الله سبحانه : ] وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ [ ( النور : 31 ) .
6 - احذري أن تحدثي زوجك بصفات جارتك ومحاسنها .
7 - احذري أن تفضي لصديقك بما يحدث بينك وبين زوجك .
8 - إياك ومشاهدة الأفلام الرخيصة .
9 - احتشمي في لباسك وإحذري من رفع العباءة فأن رفعها لا يأتي بخير .
10 - لا تكثري من النزول إلى الأسواق والتزمي بآداب الشراء عند الاستفسار عن نوع البضاعة وسعرها واحرصي أن يكون معك محرم يكفيك السؤال والأخذ والعطاء .
11 - تذكري قول الله سبحانه : ] وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [ ( النور : 31 ) .
12 - تذكري أن العين بريد الزنا .
وأخيرا أسأل الله سبحانه أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ شبابنا من فتن الدنيا وقرناء السوء وأن يستر عوراتنا ويحفظ نساءنا وبناتنا من الزلات ويوفق الجميع للمحافظة على الصلاة لأنها السلاح الأول التي تنهي مُقِيمَها الفحشاء والمنكر . والحمد لله رب العالمين .
________________________