(اتعِدِل).. هذه هي الاستقامة.. فاستقم

الناقل : heba | المصدر : ozkorallah.net

استقم (أنت).. هذه هي أول مسؤلياتك أنت تجاه الإسلام: (استقامتك أنت)

أنت أولاً؛ { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]

هل قال لك أبوك أو من رباك يوماً: (اتعدل! .. امش عِدِل! .. اقعد عِدِل! .. اتكلِّم عِدِل!)..

(اتعِدِل).. هذه هي الاستقامة.. فاستقم

نعم استقم.. إننا أمة الاستقامة.. بين كل منا وبين الكعبة في كل صلاة خط مستقيم.. لا تمر صلاة بل ركعة إلا ونسأل الله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] .. صفوفنا في الصلاة مستقيمة، قال صلى الله عليه وسلم: " سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة" رواه البخاري، وعند مسلم: "من تمام الصلاة"

قال الله جل جلاله: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 6]

وقال سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ = وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ = وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ = وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود: 112-115]

وقال جل جلاله: { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15} [الشورى: 15]

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" [مالك وأحمد وصححه الألباني]

وقال صلى الله عليه وسلم: " أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا،واعتمروا، واستقيموا يستقم بكم" [الطبراني وصححه الألباني لغيره]

ولما أراد معاذ بن جبل رضي الله عنه سفرا فقال:" يا نبي الله أوصني قال صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله لا تشرك به شيئا" فقال: يا نبي الله زدني! قال: "إذا أسأت فأحسن" فقال: يا نبي الله زدني! قال: "استقم وليحسن خلقك" [ابن حبان في صحيحه والحاكم وحسنه الألباني]

إنها الوصية الجامعة .. فعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك" قال: "قل آمنت بالله ثم استقم" [مسلم]

فإن قلت: كيف أستقيم؟ .. فأقول:

أولاً بتصحيح الاعتقاد:

قال الله جل جلاله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30].. نعم قالوا (ربنا الله) أولا فكانت (الاستقامة) ثانياً؛ فصاحب العقيدة الصحيحة، الذي يحرص على التعلم يُهدى بإذن الله للاستقامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قل: آمنت بالله ثم استقم" فكأن هذا الإيمان، وقول الإنسان ربي الله مفتاح عونه على الاستقامة..

وهذا واضح في حياتنا بلاشك:

- فهل الذي يقرب (سيجارة) من وجهه، إيمانه قوي بأن الله خلق جهنم ليعذب بها من شاء ممن يعصيه؟

قال سبحانه: { أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ = أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ = نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 71-73]، فالله حوجنا في الدنيا لاستخدام النار لكي نتذكر نار الآخرة تأمل: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} هذا أولاً، ثم {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ}.. نعوذ بالله أن تقترب من وجوهنا النار.

- وهل التي تخاف أن تلبس الحجاب الشرعي ،إيمانها قوي بأن الله هو الرزاق وهو القوي القاهر الوكيل؟ يقول سبحانه: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 36]

يا ابنتي.. كل من هو دون الله لا يستحق أن تخافي منه على رزقك أو زواجك أو عافيتك أو زوجك وأولادك.

- وهل الذي يضع ماله في البنوك الربوية، إيمانه قوي بقول الله تعالى لآكلي الربا: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279]؟

- وهل الذي يتبع خطوات الشيطان، فيسمع الشبهات - ويصغي بفضول إلى الذين يسبون دين الله ويؤذون رسول الله - إيمانه قوي بأنه على شفا الكفر بمجرد مشاهدته واستماعه؟ قال الملك جل جلاله: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]

يا ابن الإسلام (اتعدل).. استقم

استقم.. أولا بتصحيح الاعتقاد، وتجديد الإيمان.. اللهم جدد الإيمان في قلوبنا يا رب.

ثانياً: استجب للقرآن.. استجب للواعظ الذي في قلبك.. تستقم:

في قلبك أنت (ترمومتر) الاستقامة، أنت تعلم جيداً ما هي الاستقامة، لكنك تتابع هواك، وتعرض صفحاً عن ضميرك الذي يعاتبك.. قال الله جل جلاله: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]

كلما تعلمت.. يجب أن تعمل بما تعلمت، استجب للقرآن الذي هو العلم، واستجب لنفسك اللوامة..

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعند رأس الصراط داع يقول استقيموا على الصراط ولا تعوجوا، وفوق ذلك داع يدعو. كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه . ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام وأن الأبواب المفتحة محارم الله ،وأن الستور المرخاة حدود الله، وأن الداعي على رأس الصراط هو القرآن، وأن الداعي من فوقه واعظ الله في قلب كل مؤمن" [أحمد وصححه الألباني]

استجب لنفسك كلما دعتك للاستقامة.. وإلا فستسلب هذه النعمة (نعمة النفس اللوامة)، ويقسو قلبك، وتمضي لا تفهم الإشارات الربانية، ولا تعرف معروفا،َ ولا تنكر منكرا.. اللهم إنا نعوذ بك من عمى البصيرة:

يقول سبحانه: { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]، ويقول جل جلاله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]، ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير على قلبين ؛أبيض بمثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه" [مسلم]

ثالثاً: لا تلتفت !

قال الله جل جلاله: { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15} [الشورى: 15]..

هذه علاقتنا بالمعوجين: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}

قال سبحانه: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 81]

عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا مشى لم يلتفت" [الحاكم وصححه الألباني]

نعم أيها الإخوة.. المستقيم لا يلتفت.. (المعدول) لا يلتفت..

فلا تلتفت لشبهة.. ولا تلتفت لشهوة.. ولا تلتفت لفتنة..

قيل لبعض مشايخنا:" ماذا نصنع في هذه الفتن التي حولنا يا شيخ؟ "

فقال متعجباً: "فتن ! أي فتن؟ أين الفتن؟ "

فالمستقيم ينظر بعيد جداً.. نظره إلى ظل عرش الله يوم القيامة.. نظره إلى يوم المزيد في الجنة.. فتنهار الفتن، وتنحط الشبهات، وتضعف الشهوات أمام همته ونيته.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر. ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا" [البخاري]

والتسديد يعني لإصابة الهدف؛ فمثل العامل للآخرة كمثل الذي يمسك سلاحا يسدد به هدفا بعيدا.. ألا تراه يغمض عينيه عن كل شيء إلا طرفة من عينه على هدفه..

فاعمل للآخرة ولا تلتفت.. لا تتلون.. لا تنحن.. لا تتنازل.. لا تجادل.. لا تميع.. بإذن الله تستقم

أيا من تريد الاستعداد (لحفل الإسلام).. استقم:

( بتصحيح الاعتقاد وتجديد الإيمان - بالاستجابة للقرآن وواعظ القلب - بالتسديد وعدم الالتفات )

أيها المسلمون استقيموا.. يا أهل القرآن استقيموا.. أيها المحمديون استقيموا..

إنها وصية حذيفة رضي الله عنه لأهل القرآن - وأنت تعلم من حذيفة (راوي أحاديث الفتن) - ، فاجعل لوصيته في قلبك شأناً، قال رضي الله عنه:

يا معشر القراء استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، وإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا. [البخاري]

الللهم اهدنا الصراط المستقيم

صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين

اللهم آمين