مالا يكره في الصوم
الناقل :
mahmoud
| المصدر :
www.islampedia.com
مالا يكره في الصوم:
-لا يكره للصائم- ما يلي، مع الخلاف في بعضها:
أ- الاكتحال:
ذهب الحنفية والشافعية
إلى أن الاكتحال غير مكروه بل أجازوه، ونصوا على أنه لا يفطر به الصائم ولو وجد طعمه في حلقه.
واحتجوا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم" رواه ابن ماجه.
ومذهب المالكية
: في الاكتحال، فقالوا: إن كان لا يتحلل منه شيء لم يفطر، وإن تحلل منه شيء أفطر.
وقال مالك إذا دخل حلقه، وعلم أنه قد وصل الكحل إلى حلقه، فعليه القضاء ولا كفارة عليه. وإن تحقق عدم وصوله للحلق لا شيء عليه، كاكتحاله ليلاً وهبوطه نهاراً للحلق، لا شيء عليه في شيء من ذلك.
ومذهب الحنابلة
: إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه ويتحقق الوصول إليه فسد صومه، وهذا الصحيح من المذهب. واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: ليتقه الصائم" رواه أبو داود، ولأن العين منفذ، لكنه غير معتاد، وكالواصل من الأنف.
ب- التقطير في العين، ودهن الأجفان، أو وضع دواء مع الدهن في العين.
ذهب الحنفية والشافعية
إلى أن التقطير في العين، ودهن الأجفان، أو وضع دواء مع الدهن في العين لا يفسد الصوم، لأنه لا ينافيه وإن وجد طعمه في حلقه.
وذهب المالكية والحنابلة
إلى أن التقطير في العين مفسد للصوم إذا وصل إلى الحلق، لأن العين منفذ وإن لم يكن معتاداً.
ج- دهن الشارب ونحوه، كالرأس والبطن، لا يفطر بذلك
عند الحنفية والشافعية
، ولو وصل إلى جوفه بشرب المسام، لأنه لم يصل من منفذ مفتوح، ولأنه ليس فيه شيء ينافي الصوم.
ومذهب المالكية
: من دهن رأسه نهاراً، ووجد طعمه في حلقه، أو وضع حناء في رأسه نهاراً، فاستطعمها في حلقه، فالمعروف في المذهب وجوب القضاء.
والقاعدة عندهم: وصول مائع للحلق، ولو كان من غير الفم.
د- الاستياك، لا يرى الفقهاء بالاستياك بالعود اليابس أول النهار بأساً.
وذهب الحنفية والمالكية
إلى عدم كراهة الاستياك بعد الزوال، وذلك: لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خير خصال الصائم السواك" رواه ابن ماجه.
ولقول عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مالا أحصي، يتسوك وهو صائم" رواه الترمذي.
وقد أطلقت هذه الأحاديث السواك، فيسن ولو كان رطباً، أو مبلولاً بالماء.
وشرط المالكية
لجوازه أن لا يتحلل منه شيء، فإن تحلل منه شيء كره، وإن وصل إلى الحلق أفطر.
وذهب الشافعية
إلى سنية ترك السواك بعد الزوال، وإذا استاك فلا فرق بين الرطب واليابس، بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه أو من رطوبته.
وذهب أحمد بن حنبل
إلى ترك السواك بالعشي، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الأذفر"(1) رواه البخاري.
وعن أحمد روايتان في الاستياك بالعود الرطب: إحداهما: الكراهة، والأخرى: أنه لا يكره.
هـ- المضمضة والاستنشاق في غير الوضوء والغسل لا يكره ذلك ولا يفطر.
وقيده المالكية
بما إذا كان لعطش ونحوه، وكرهوه لغير موجب، لأن فيه تغريراً ومخاطرة، وذلك لاحتمال سبق شيء من الماء إلى الحلق، فيفسد الصوم حينئذ.
وفي الحديث عن عمر رضي الله تعالى عنه "أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم؟ فقال: أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس! قال: فمه" رواه أبو داود.
ولأن الفم في حكم الظاهر، لا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين.
ذهب الحنابلة
إلى إن المضمضة، إن كانت لحاجة كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه، فحكمه حكم المضمضة للطهارة، وإن كان عابثاً، أو مضمض من أجل العطش كره.
- ولا بأس أن يصب الماء على رأسه من الحر والعطش، لما روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج، يصب الماء على رأسه وهو صائم، من العطش، أو من الحر" رواه أبو داود.
وكذا التلفف بثوب مبتل للتبرد ودفع الحر
عند الحنفية
لهذا الحديث، ولأن بهذه عوناً له على العبادة، ودفعاً للضيق.
و- اغتسال الصائم، فلا يكره، ولا بأس به حتى للتبرد،
عند الحنفية
وذلك لما روي عن
(1) الجيد إلى الغاية.
عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما قالتا: "نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنباً، من غير احتلام، ثم يغتسل ثم يصوم" رواه البخاري.
وأما الغوص في الماء، إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه، فلا بأس به، وكرهه
بعض الفقهاء
حال الإسراف والتجاوز أو العبث، خوف فساد الصوم.
الآثار المترتبة على الإفطار
حصر الفقهاء الآثار المترتبة على الإفطار في أمور، منها: القضاء: والكفارة الكبرى، والكفارة الصغرى (وهذه هي الفدية) والإمساك بقية النهار، وقطع التتابع، والعقوبة.
أولاً: القضاء:
من أفطر أياماً من رمضان -كالمريض والمسافر- قضى بعدة ما فاته، لأن القضاء يجب أن يكون بعدة ما فاته، لقوله تعالى: {
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
} [البقرة: 185].
ومن فاته صوم رمضان كله، قضى الشهر كله، سواء ابتدأه من أول الشهر أو من أثنائه، كأعداد الصلوات الفائتة. فالقضاء لما فات من رمضان بالعدد: فمن أفطر رمضان كله، وكان ثلاثين، وقضاه في شهر بالهلال، وكان تسعة وعشرين يوماً، صام يوماً آخر. وإن فاته صوم رمضان وهو تسعة وعشرون يوماً، وقضاه في شهر -وكان ثلاثين يوماً- فلا يلزمه صوم اليوم الأخير، لقوله تعالى: {
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
} [البقرة: 185].
ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف، ويجوز عكسه، بأن يقضى يوم صيف عن يوم شتاء، وهذا لعموم الآية المذكورة وإطلاقها.
- وهل قضاء رمضان يكون على التراخي؟
قيد الجمهور
التراخي بما إذا لم يفت وقت قضائه، بان يهل رمضان آخر، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، لمكان النبي صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري، كما لا يؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية.
ولا يجوز
عند الجمهور
تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر، من غير عذر يأثم به، لحديث عائشة هذا، فإن أخر فعليه الفدية: إطعام مسكين لكل يوم، لما روي عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتى أدركه رمضان آخر: عليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم.
وهذه الفدية للتأخير، أما فدية المرضع ونحوها فلفضيلة الوقت، وفدية الهرم لأصل الصوم، ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده.
ومذهب الحنفية
، إطلاق التراخي بلا قيد، فلو جاء رمضان آخر، ولم يقض الفائت، قدم صوم الأداء على القضاء، حتى لو نوى الصوم عن القضاء لم يقع إلا عن الأداء، ولا فدية عليه بالتأخير إليه، لإطلاق النص، وظاهر قوله تعالى: {
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
} [البقرة: 185].
وعند غير الحنفية
يحرم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان، ولا يصح تطوعه بالصوم قبل قضاء رمضان، ولا يصح تطوعه بالصوم قبل قضاء ما عليه من رمضان، بل يبدأ بالفرض حتى يقضيه، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض، لأن الصوم عبادة متكررة، فلم يجز تأخر الأولى عن الثانية، كالصلوات المفروضة