من المصباح الكهربائي الى النيون و الفلوريسنت
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
الورد الجوري
| المصدر :
www.ebnmasr.net
من المصباح الكهربائي الى النيون و الفلوريسنت
لم يكن "توماس أديسون" أول من أوجد المصباح الكهربائي على الرغم من اعتباره أباً له، فقد أمضى المخترعون البريطانيون ما يزيد على نصف قرن وهم يختبرون سبل الإنارة، بالكهرباء قبل ان ينجز “أديسون” اختراعه. ويعتبر السلك الموضوع داخل حجرة مفرغة من الهواء أساس مصباح “أديسون”، حيث يتوهج السلك لدى مرور التيار الكهربي عبره. وكان اختيار المخترعين “جوزيف سوان” في انجلترا و”توماس أديسون” في أمريكا وقع على الكربون ليكون بمثابة العنصر الذي يتكون منه السلك، وقد أنجز “سوان” اختراعه عام 1878 وسجل “أديسون” اختراعه عام ،1879 وأفسح “أديسون” المجال لمصباحه للخروج من المختبر بإنشائه مشروعاً لتوزيع الكهرباء. وكانت محطة “بيرل ستريت” للطاقة في نيويورك أول مشروع يؤمن للناس الكهرباء حسب احتياجاتهم.
ومع بداية شهر سبتمبر/ أيلول عام 1882 صار بعض سكان مانهاتن وعددهم 203 أشخاص يعيشون ويعملون في النور المنبعث من 3144 مصباح كهربي. وكان متوسط العمر الافتراضي للمصباح في تلك الآونة لا يزيد على 150 ساعة مقارنة مع مصباح اليوم الذي يصل عمره الافتراضي الى 2000 ساعة.
ومع ذلك فقد أنجز “أديسون” مصباحاً يعمل 400 ساعة في بداية العام 1884 وبعد سنتين من هذا التاريخ صمم مصباحاً آخر يصل عمره الافتراضي الى 1200 ساعة. ولاقى المصباح الكهربي بداية بطيئة على الرغم من نجاح فكرته وقد اندفع الناس بداعي الفضول لرؤية هذا الانجاز لكن قلة منهم طلبوا إقامة توصيلات كهربائية في منازلهم. وارتفع عدد زبائن “اديسون” بعد سبع سنوات من الاختراع من 203 الى 710 أشخاص لكنهم أصبحوا بحلول نهاية القرن عشرة آلاف ثم ارتفع الرقم بعد عشر سنوات الى 3 ملايين واستمر في التصاعد.
غاز النيون
اكتشف العالمان الانجليزيان “ويليام رامسي” و”موريس ترافوس” غاز النيون، أما الشخص الذي ابتكر أنبوب ضوء النيون فهو العالم الفيزيائي الفرنسي “جورج كلود” في عام 1909 واستخدمه في السنة التالية لإنارة “جراند بالاس” في باريس، وأثبت “كلود” ان استبدال السلك المستخدم في مصباح “أديسون” بغاز النيون يُمكن حبيبات النيون من التوهج بغض النظر عن طولها وشكلها.
والنيون غاز لا لون له ولا رائحة ولا طعم وتعود تسميته الى الكلمة اليونانية “نيوس” والتي تعني بالانجليزية “نيو” أي جديد. وسرعان ما لاقى النيون قبولاً واسعاً بمجرد الإعلان عنه، حيث لاحق وكيل الدعاية والإعلان “جاك فونسيك” الفيزيائي الفرنسي “كلود” ليعد معه خططاً لإنتاج الأنابيب الزجاجية التي توضح على اللوحات وتضيء بشكل ملفت للنظر، فتوهجت في عام 1912 أول إشارة من النيون في باريس على لوحة للإعلان عن “بوليفارد مون مارتر” وتعني “مزين الشعر الملكي” حيث توهجت اللوحة بلون برتقالي. واكتشف العلماء بعد عدة سنوات أن وضع المساحيق الملونة داخل الأنبوب المحتوي على غاز النيون يمكن من إيجاد طيف كامل من الألوان.
الفلوريسنت
واجه مصباح “أديسون” بعد نحو 60 عاماً من إنارة المنازل في أمريكا، أعظم منافس له والذي يتمثل في مصباح “الفلوريسنت” إلا أن الصراع انتهى بين هاتين الوسيلتين المهمتين للإنارة بتقارب فيما بينهما وذلك بتركيبهما الى جانب بعضهما بعضا في الغرفة نفسها أحياناً، حيث احتل نور “الفلوريسنت” القوي غرفة الحمام، في حين احتل مصباح “أديسون” بنوره الضعيف الهادئ غرفة النوم، أما المطبخ فقد تقاسمت وسيلتا الانارة شرف انارته.
وكان الفيزيائي الفرنسي “انطوان هنري بيكوريل” مكتشف النشاط الاشعاعي لليورانيوم ابتكر “الفلوريسنت” فقام بطلاء انبوب زجاجي من الداخل بالفوسفور بداية عام ،1859 ووجد ان هذا الأنبوب يضيء بمجرد وضعه في مجال كهربي. وظهر أول مصباح “فلوريسنت” فعال في الولايات المتحدة عام 1934 على يد الدكتور (آرثر كومبتون) الموظف في شركة “جنرال الكتريك”. واعتبر المصباح الجديد اقتصادياً أكثر من مصباح “اديسون” لكونه يعمل على تيار منخفض ولأن مصباح “اديسون” يستهلك 80% من طاقته في إشعاع الحرارة بدلاً من الضوء، مما دفع العلماء الى وصف مصباح “الفلوريسنت” بالضوء (البارد).
وقد شاهد الكثيرون ضوء “الفلوريسنت” لأول مرة في معرض نيويورك العالمي عام ،1939 ووضع مصباح “الفلوريسنت” حدا لمصباح “أديسون” وأصبح الوسيلة الرئيسية للإضاءة الكهربية في الولايات المتحدة، ويرجع الفضل في انتشار هذا المصباح الى أصحاب المشاريع الذين رغبوا في تقليص تكاليف الإنارة في أماكن العمل.
ضوء “الفلاش”
نجم ابتكار وامض الضوء عن ابتكار آخر هو ضوء الزهور الكهربائي فعندما وصل المهاجر الروسي “أكيباهورويتر” الى نيويورك في تسعينات القرن التاسع عشر بدّل اسمه الى “كونراد هوبرت” وعمل مع رجل اسمه “جوشو ليونيل كوين”. ومن المعروف ان “كوين” هو الذي ابتكر “قطارات ليونيل” كما ابتكر جرس الباب الكهربائي الذي تخلى عنه الناس لأنهم اشتكوا من رنته واخترع كذلك المروحة الكهربائية التي كان محركها يصدر صوتاً مزعجاً ايضاً. وعندما بدأ “كونراد هوبرت” عمله مع “كوين” كان هذا قد أنجز لتوه مصباح الزهور الكهربائي الذي يتألف من بطارية اسطوانية موضوعة في أنبوب ينتهي من أحد طرفيه بمصباح. ويدخل الأنبوب والمصباح في مركز عاكس للضوء يستخدم لإضاءة النباتات.
وكان “هوبرت” يؤمن بشدة بالأرباح الكبيرة التي يمكن ان يحققها ترويج ضوء الزهور ولذا فقد أقنع رئيسه “كوين” بأن يبيعه حقوق الاختراع. ولاقى الابتكار فشلاً كبيراً لدى عرضه على الناس ووجد “هوبرت” نفسه مفلساً وسط أكوام كبيرة من انتاجه الكاسد. وفي محاولة منه لاسترداد بعض الأموال التي صرفها على صناعة إنتاجه، فصل “هوبرت” المصباح عن عاكس الضوء وبدل من تصميم الأنبوب الاسطواني بأن جعله أكثر طولاً ثم حصل على براءة اختراعه الجديد الذي سماه “الضوء الكهربائي الذي يحمل باليد”.
وحقق الابتكار الجديد الذي يستطيع بضغطة خفيفة ان يومض في اي اتجاه، مبيعات جيدة، الأمر الذي حدا “بهوبرت” الى انشاء مؤسسة “ايفرريدي” للضوء الوامض وترك عند وفاته عام 1928 نحو 6 ملايين دولار لدور الإحسان. أما “جوشو ليونيل كوين” فلم يتراجع أمام إخفاقاته مما جعله بعد مدة ثرياً لابتكاره مراوح بمحركات صغيرة ناعمة الصوت.
***********
منقــــ من جريدة الخليج ــــــول