صفة السعي

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : موقع الحج والعمره | المصدر : www.tohajj.com

صفة السعي

ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الركعتين بعد طوافه خرج إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية فقال: ابدأ بما بدأ الله به فرقى الصفا حتى رأى البيت فاستقبله- يعني بوجهه وجسده، فوحد الله وكبره ثلاثا وقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده وفي لفظ: أنه صلى الله عليه وسلم قاله ثلاث مرات- ثم دعا بين ذلك .

فيشرع للحاج والمعتمر إذا صعد على الصفا أنه يتوجه بوجهه وجسده إلى البيت ثم يرفع يديه على هيئة الدعاء بحيث يجعل بطونهما قبل وجهه وجسده إلى البيت ثم يرفع يديه على هيئة الدعاء بحيث يجعل بطونهما قبل وجهه وظهورهما نحو الأرض فيكبر هذا الذكر ويدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة يصنع ذلك ثلاث مرات. قال الإمام أحمد وغيره: يدعو بدعاء ابن عمر رضي الله عنهما، وهو اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك. اللهم جنبني حدودك. اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وأولياءك وعبادك الصالحين. اللهم يسر لي اليسرى، وجنبني العسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين. اللهم انك قلت: ادعوني أستجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد. اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى توفاني وأنا على الإسلام، اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسوء الفتن .

قلت: ثم ينزل ماشيا متوجها من الصفا إلى المروة فإذا وصل العلم- أي العمود- الأخضر فيشرع للرجل- دون المرأة- الإسراع إن تيسر له وهو السعي أي شدة الركض حتى يصل إلى العلم- أي العمود- الأخضر الثاني، ثم يعود إلى المشي.

فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يسعى ببطن المسيل قلت: وهو ما بين العمودين الأخضرين فإنهما جعلا علامة عليه. وعند أحمد وغيره عن حبيبة بنت أبي تجرأة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور به من شدة السعي، وسمعته يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي . والعمدة في وجوبه، سعيه صلى الله عليه وسلم مع قوله: خذوا عني مناسككم

ومن حكمة شرعية السعي ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما سعى رسول صلى الله عليه وسلم بالبيت، وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته رواه البخاري .

وأما المرأة فالمشروع في حقها المشي في كل المسعى فإنها عورة. وليس للسعي بين الصفا والمروة ذكر مخصوص غير ما سبق، بل يستحب أن يكثر في سعيه من الذكر والدعاء وقراءة القرآن، فإنما شرع الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى.

وقد ثبت عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يقولان في السعي: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز والأكرم .

فإذا وصل إلى المروة رقى عليها- إن تيسر له- وقال ما قاله عند الصفا، وفعل كما فعل، فإن الدعاء على الصفا والمروة محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا تم له الشوط الأول.

ثم يرجع متوجها من المروة إلى الصفا بنفس الكيفية التي جاء بها إلى المروة، يمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه، ويشتغل بذكر ربه ودعائه حتى يصل إلى الصفا فيرقى عليه، فيفعل كما فعل في المرة الأولى وبهذا تم له الشوط الثاني.

وهكذا يتردد بين الصفا والمروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، حتى يتم له من ذلك سبعة أشواط، ينتهي منها بالمروة، وبذلك يتم سعيه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم بدأ بالصفا وانتهى بالمروة، وقال: أبدأ بما بدأ الله . وفي لفظ: ابدءوا بما بدأ الله به . وقال: خذوا عني مناسككم . وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

تنبيهات تتعلق بالسعي

الأول: يستحب أن يسعى المحرم وهو على طهارة كاملة من الأحداث والنجاسات، فإن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه توضأ قبل أن يطوف ويسعى، ولذلك فهي مستحبة عند أكثر أهل العلم. وجمهور أهل العلم على أن السعي لا تشترط له الطهارة، فلو سعى المحرم على غير طهارة أو حاضت- المرأة بعد الطواف فالسعي صحيح ومجزئ، ومن أدلة ذلك قوله-صلى الله عليه وسلم للحائض والنفساء: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري . فقد استنبط أهل العلم من هذا التوجيه النبوي الكريم أن غير الطواف من المناسك لا تشترط له الطهارة، فيصح من غير طهارة .
الثاني: الأفضل أن يسعى المحرم بعد الطواف مباشرة ، وأن يتم سعيه حتى ينتهي منه فإن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن لو أخر السعي عن الطواف لمرض أو عجز أو نحو ذلك من الأمور الضرورية، ثم سعى في نفس اليوم ولو فى الليل فقد رجح جواز ذلك بعض أهل العلم. وهكذا لو احتاج إلى قطع السعي لصلاة فريضة، أو جنازة، أو ليستريح من تعب ونحو ذلك قطعه، ثم أتم ذلك إذا زال سبب القطع، ويبدأ من المكان الذي انتهى عنده من الشوط، فلا يحتاج أن يعيد من أول الشوط الذي قطعه، وسعيه صحيح على الصحيح من أقوال أهل العلم.
الثالث: إذا شك في عدد أشواط الطواف أو السعي:

فإن كان كثير الشك أي من عادته كثرته فلا يلتفت إلى ذلك، فإنه من الوسواس.

أما إن لم يكن كثير الشك:

فإن كان شكه بعد أن أتم الطواف والسعي، فإنه لا يلتفت إليه إلا إن استيقن أنه ناقص فيكمل النقص.

وأما إن كان الشك وهو في أثناء الطواف أو السعي، فلا يدري مثلا هل هو في الشوط الثالث أو الرابع، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بالراجح، وإن لم يترجح عنده شيء عمل باليقين وهو الأقل، فإذا تردد هل هو في الثالث أو الرابع ولم يترجح عنده شيء اعتمد أنه في الثالث وكمل ما بقي.

إذا أكمل السعي :

فإن كان معتمرا- في غير أشهر الحج- أو متمتعا بالعمرة إلى الحج لأنه في أشهره، فإنه يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، إلا أن يكون متمتعا وكان قدومه قريبا من وقت الحج فيقصر ليترك شيئا من شعره للحج، فإنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالرحمة-. وفي لفظ: المغفرة ثلاث مرات، وللمقصرين مرة . وأمر صلى الله عليه وسلم الذين لم يسوقوا الهدي من أصحابه- وكان قدومهم صبح رابع من ذي الحجة- أن يحلوا بعد طوافهم ويقصروا، ولم يأمرهم بالحلق.

ولا بد من تعميم التقصير عض الجهال الذين يخدعهم الصبيان في المسعى، بأخذ شعرتين أو شعرات من أطراف الرأس، فإن هذا لا يجزئ و، يحصل به التحلل وكمال النسك. والمرأة الواجشعر رأسها فتأخذ منه قدر أنملة وهي رأس الإصبع الذي فيه الظفر ويكفي ذلك في تحللها. أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوها عمرة، ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي . وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، منهم ابن عباس وغيره.

وبالحلق أو التقصير من المعتمر والمتمتع يكون قد تحلل من عمرته وفرغ من إحرامه فيحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام. ويكون حلال حلا تاما كهيئته في بلده.

وأما المفرد أو القارن الذي ساق الهدي فإنه لا يحلق ولا يقصر بعد السعي بل يبقى على إحرامه حتى يرمي الجمرة يوم العيد، ويحلق أو يقصر أو يطوف طواف الإفاضة وبذلك يتحلل التحلل الأول فإذا فعل الثلاثة كلها حل الحل التام.

ويشرع لمن أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة ولم يسق الهدي إذا فرغ من السعي أن يقصر من رأسه ويحل من إحرامه فيجعلها عمرة، لما في الصحيح عن جابر- رضي الله عنه-: