سنن السعي
للسعي سنن كثيرة نجملها في الآتي :
يسن عند الأحناف تقديم السعي على الوقوف بعرفات بالنسبة لمن طلب منه طواف القدوم ، وقالت الشافعية : إن ذلك جائز وليس سنة ولا واجبا . وقال مالك وأحمد : إن هذا التقديم واجبا ، كما أن عندهما أن تأخير السعي حتى يكون بعد طواف الإفاضة بالنسبة لمن ليس عليه طواف قدوم حكمه الوجوب . أما الأحناف فيقولون : إن ذلك أيضا سنة ، والشافعية يقولون : إنه جائز فقط .
وتسن الموالاة والاتصال بين السعي والطواف ، بحيث يكون السعي بعد الانتهاء من أعمال الطواف وما بعدها ، كالصلاة خلف المقام والشرب من ماء زمزم ، وهذا عند الأحناف ومالك وأحمد ، فإن فصل فلا شيء في ذلك ولو طال ذلك الفصل أياما، وقالت الشافعية: يجب عدم الفصل بالوقوف بعرفة فإن حصل فصل بالوقوف بعرفة لم يجز السعي بعده قبل طواف الإفاضة ، بل عليه أن يؤجل السعي حتى يطوف طواف الإفاضة فيسعى بعده .
ويسن الصعود على الصفا والمروة كلما وصل إلى أحدهما ، وأن يذكر الله تعالى ويدعو وهو عليهما بما أحب ، والدعاء بالوارد أفضل ، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، وصدق عبده ، وغلب الأحزاب وحده ويصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ، ويصنع على المروة مثل ذلك . أخرجه الإمامان والنسائي والبيهقي . ويسن إذا صعد على الصفا أن يستقبل الكعبة عند الذكر الوارد ، وثبت أن ابن عمر كان يقول وهو على الصفا : اللهم إنك قلت : ادعوني أستجب لكم ، وإنك لا تخلف الميعاد . وإني أسألك كما هديتني للإسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم
والمرأة في كل ذلك مثل الرجل غير أنها تختار وقتا لا زحام فيه إن أمكن ذلك .
قال الشافعي وأحمد : المشي في السعي سنة ، وقال الأحناف ومالك : هو واجب إلا لعذر كعدم القدرة على المشي ، أو لتعليم الناس ، كما فعل صلى الله عليه وسلم ، والذي يظهر أن المشي سنة وليس واجبا .
ويمشي الساعي متمهلا حتى يصل إلى ما بين الميلين الأخضرين فيسن له الرمل إلا لعذر ، ولا رمل على النساء.. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرع بين الميلين ، وكان يسمى ما بينهما : بطن الوادي .
يسن لمن يريد السعي أن يخرج إليه من باب الصفا . ويقول ذكر الخروج من المسجد .
يسن الذكر والدعاء بما أحب أثناء السعي . ومن المأثور في ذلك أن يقول : رب اغفر وارحم ، وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
يسن أن يسعى وهو متوضئ طاهر من النجاسة كما يسن أن يستر عورته ، فلو سعى بحيث لا يراه أحد ، وكان كاشفا عورته صح السعي مع الكراهة ، كذلك يصح السعي لو كان غير متوضئ ، أو كان جنبا مع الكراهة ، ويحرم عليه إن سعى عاريا يراه الناس مع صحة السعي ، والحرمة جاءت من أن كشف العورة أمام الناس حرام اتفاقا .