فيلم بالأبيض والأسود في ركن هادئ كان جلوسنا اليومي.. في ذلك المقهى خافت الضوء.. نادل المقهي لطيف يميز في دقة، في يوم جئنا إلى الركن نفسه.. كان هناك من سبقنا إليه... فأوحى لمن فيه بمغادرة المكان.. في لقائنا الأول كان الأمر غريباً.. "هذه أول مرة أجلس مع فتاة في مكان كهذا.." . قلتها ببساطة.. ولا أظنها صدّقت أواقتنعت! "بالأصح لعلها أيضاً أوّل مرة أجلس مع أنثى جلسة كهذه".. "ما أجمل كلمة أنثى.. هي أجمل من كل الكلمات التي توصف بها المرأة".. "هل تصدقين أني أحبك؟".. "لا أدري.. لست متأكدة.. لكني بدأت أصدقك..". "طيب.. أعطني قبلة".. "لا". "لمسة". "بالطبع لا". "إذن.. غمرة".. "ها..ها..ها..". ............... ............... هذه الضحكة تنسج ابتساماتي.. تزرع في نفسي كل آهاتي.. تمزق في كياني كلّ ماضيّ المارق.. "كنت مخطئاً دون شك لأني قلت لك كل أشيائي.. ما كان لي أن أقول وقد كان بـإمكاني".. "لا تستطيع". صحيح ما تقول.. طبعاً لا أستطيع.. لقد كنتُ أمامها سطراً مكتوباً، أو فيلماً قديماً يعاد عرضه بالأبيض والأسود.. وكانت هي أول المشاهدين وآخرهم.. أعترف أنها ما قالت يوماً خطأً.. "أنا لا أتصنع الحب.. أقول ذلك ولأول مرة.. كلمة لم أقلها لكل النساء اللاتي عرفتهن في حياتي.. أنا أريد الزواج منك.. أنا لا أريدك عابرة سرير".. "أنت تتخيل".. قالت بغضب.. "لا أقصد.. تذكرت فقط تلك الرواية الشهيرة (عابر سرير)..". "أنت تحلم". (ما أجمل الأحلام في عينيك.. هاتان العينان اللتان تبرقان في ضوء المقهى الخافت. تشعلين في قلبي نواقيس الفرح التي لا تنطفئ..). "أريدك زوجة.. لا صاحبة".. "لا هذا ولا ذاك.. مستحيل".. "وما المانع.. ألأني متزوج؟".. "لا.. أبي لن يوافق". "إذا وافق أبوك هل توافقين؟".. أحنت رأسها... قالت بصوت منخفض واثق: "نعم". (صدّقت كلامها ببراءة.. بل بجنون.. ربما). "لأذهب إلى أبيك الآن فوراً".. "أنت مجنون.. مجنون، مستحيل لن يوافق.. أتعلم من هو؟".. "لا يهمني من هو؟.. المهم عندي أنت".. "كلام أسمعه منذ صباي، حولي كثيرون يقولون ذلك كل يوم".. "الله.. الله.. يا حبيبتي".. "هل هذا حقيقي؟؟ أنت تضحكني.. أنا أدري.. أنت تتمنى جسدي..". "جسدك؟! (هههههههه) النساء كثيرات.. حولك كثير من الرجال وحولي كثير من النساء.. لكنك لست كالنساء.. أنا أحلم بك ملكة في بيتي.. لكنه حلم مستحيل..". "إذن لنبقَ في الأحلام.. ألا تكفيك هذه المشاعر الطيبة؟".. "هل تصدقين لو قلت لك إنّ رؤية وجهك تحت الضوء ولو كان خافتاً.. أحبّ إليَّ من أي شيء آخر".. "نصاب.. أنت نصاب.. بل نصاب كبير".. "نصاب أو غير نصاب.. هذه حقيقة واقعة.. صدقي أولا تصدقي..".