. 12) التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه ، ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه . فضائل وفوائد حفظ القرآن الكريم بقم د/ عدلي الغزالي إن حفظ القرآن الكريم من أجل القربات وأفضل الطاعات ، وبه ينال الإنسان رضا ربه سبحانه وتعالى ، وكذلك حفظ علوم الشرع من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقوال أهل العلم الموضحة لمعاني نصوص القرآن والسنة ، وفيما يلي أسرد بعض فوائد الحفظ وفضائله ليكون ذلك باعثا للهمم ، ومقويا للعزائم يستطيع المربي أن يشحذ همم أبنائه بها كي تقبل على حفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بجد واجتهاد وصبر وثبات وهمم عالية في الحفظ والفهم ومحاولة التطبيق العملي : 1) الحافظ من الذين أوتوا العلم : قال سبحانه وتعالى : ) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ[1](. ويكفي الحافظ لكتاب الله سبحانه وتعالى عزا وشرفا ، أن يوصف بهذا الوصف ، وأن ينال تلك المنزلة والمكانة . قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره : (بَلْ هُوَ) أي : القرآن )آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ( لا خفيات . ) فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ( هم : سادة الخلق وعقلاؤهم ، وألو الألباب منهم والكمل منهم . فإذا كانت آيات بينات في صدور أمثال هؤلاء ، كانوا حجة على غيرهم[2] . أ.هـ. وقال الحافظ ابن كثير : (( أي : هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا يحفظه العلماء ، يسره الله عليهم حفظا وتفسيرا )[3] أ.هـ. وآيات الله عز وجل محفوظة كما قال سبحانه وتعالى : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ([4] . ومن أسباب حفظ القرآن ، صدور الذين أوتوا العلم ، وكفى بهذا شرفا وفضلا لمن حفظ القرآن والسنة ، فإنه من أسباب حفظ الدين ووسائل حفظ الشريعة . 2) الحفظ سبب للنجاة : عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال )) . في رواية : ((من آخر سورة الكهف))[5]. فإذا كان هذا الفضل والثواب ، وهذا العطاء والجزاء ، وهو العصمة من أكبر فتنة على ظهر الأرض منذ خلق آدم وإلى قيام الساعة ، ألا وهي فتنة الدجال ، والنجاة من عاقبتها ثمرة من ثمار حفظ عشر آيات من سورة الكهف ، أولها أو آخرها ، فكيف بمن حفظ القرآن كله ، لا شك أن النجاة من العواقب الوخيمة أعظم والسلامة من الشرور أكبر ، وهذا فضل الله يمنحه من يشاء . . وكذلك فإن حفظ القرآن سبب للنجاة من النار ، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق)[6] رواه أحمد . ويقول أبو أمامة : ( اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) [7] . 3) حافظ القرآن مقدم في دنياه وأخراه : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين ) [8]. وممن رفعهم الله بالقرآن كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عبدالرحمن بن أبزى الخزاعي _ رضي الله عنه – وهو من أواخر صغار الصحابة وكان مولى لنافع بن عبدالحارث، وكان نافع مولاه استنابه على مكة حين تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان ، فقال له : من استخلفت على أهل الوادي ؟ - يعني مكة – قال : ابن أبزة. قال : ومن ابن أبزى ؟ قال إنه عالم بالفرائض قارئ لكتاب الله . قال عمر : أما إن نبيكم r قال : ( إن هذا القرآن يرفع به أقواما ويضع به آخرين )[9]. فهذا ابن أبزى - وهو عبد أعتق – أصبح أميرا على أشراف أهل مكة من الصحابة والتابعين، وما رفعه إلى هذه المنزلة إلا علمه بكتاب الله وسنة نبيه r . وهذا أبو العالية رفيع بن مهران _ رحمه الله – وهو إمام مقرئ حافظ مسند – وكان مولى لامرأة – يقول : (( كان ابن عباس يرفعني على السرير ، فتغامزت بي قريش ، فقال ابن عباس: (( هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس الملوك على الأسرة )) . قال الإمام الذهبي: هذا كان سرير دار الإمرة لما كان ابن عباس متوليها لعلي رضي الله عنهما[10]. ومن المواطن التي يقدم فيها حافظ القرآن على غيره ما يلي : أ- إمامة الصلاة : عن أبي مسعود البدري t أن النبي r قال : ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى .... الحديث ))[11] . فالأقرأ لكتاب الله تعالى هو المقدم في إمامة الصلاة ، وإن كان صبيا مميزا ، فعن عمرو بن سلمة t قال : (( لما كانت وقعة الفتح ، بادر كل قوم بإسلامهم ، وبادر أبي قومه بإسلامهم ، فلما قدم قال : جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا : فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني ، فقدموني بين أيديهم ، وأنا ابن ست أو سبع سنين .... الحديث )) [12]. ب- المشورة والرأي : فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا ))[13] . ج- الإمارة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا - وهم ذوو عدد – فاستقرأهم ، فاستقرأ كل واحد منهم – يعني ما معه من القرآن – فأتى على رجل من أحدثهم سنا ، فقال : ما معك يا فلان ؟ قال : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة. فقال: أمعك سورة البقرة ؟ قال نعم . قال : اذهب فأنت أميرهم .. الحديث )[14]. د- الدفن بعد الموت : عن جابر t : (( أن النبي r كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ، ثم يقول : أيهما أكثر أخذا للقرآن ، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد))[15]. 4) علو درجة الحافظ في الجنة : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله r : (( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ))[16] . قال ابن حجر الهيتمي : الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب ، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها . قال الإمام الخطابي – رحمه الله - : (( وجاء في الأثر أن عدد آي القرآن ، على قدر درج الجنة ، فيقال للقارئ ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن ، استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة ، ومن قرأ جزءاً منه ، كان رقيه في الدرج على قدر ذلك ، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة))[17]أ.هـ. وقال r : (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق ، له أجران ))[18] . فحافظ القرآن سيكون مع خير ملائكة الله تعالى يوم القيامة وهم السفرة الكرام البرررة عليهم السلام . وفي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة)[19] فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم : ) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ .كِرَامٍ بَرَرَةٍ ([20]. 5) القرآن يشفع لصاحبه عند ربه : قال رسول الله r : (( أبشروا ! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به ، فإنكم لن تهلكوا ، ولن تضلوا بعده أبدا ))[21] . فلا يرضى القرآن حتى يأخذ بأيدي حافظه إلى جنات عدن ، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ! . وفي يوم القيامة أيضا يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)[22]. فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب. 6) يوضع على رأس الحافظ تاج الوقار ويُكسى والداه حلتين يبشرنا رسول الهدى r بهذه البشارة حيث يقول : (( ... وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة – حين ينشق عنه قبره – كالرجل الشاحب ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول : أنا صاحبك القرآن ، الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك . وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة . فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان: بما كسينا هذه ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن . ثم يقال له : اقرأ ، واصعد في درجة الجنة وغرفها ، فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا ))[23] . 7) تزويج الحافظ بغير صداق إكراما له : قال البخاري في صحيحه ( باب : التزويج على القرآن بغير صداق ) وترجم الإمام النووي في شرحه لمسلم (باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد ) وترجم النسائي ( باب التزويج على سورة من القرآن ) . ثم أوردوا حديث سهل بن سعد الساعدي t قال : جاءت امرأة إلى رسول الله r فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست . فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . قال : فهل عندك من شيء ؟ فقال : لا والله يا رسول الله . فقال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ؟ فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتما من حديد . فذهب ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري [قال سهل : ماله رداء ] فلها نصفه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه سيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ؟ فرآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدُعي فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا وعددها . فقال : تقرؤهن عن ظهر قلب . قال : نعم. قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن )) وفي رواية ( اذهب فقد زوجتكها فعلمها من القرآن )[24] . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أتقرؤهن عن ظهر قلب ) دليل على الحفظ . فحفظه لبعض سور القرآن كان سببا في زواجه رغم شدة فقره وحاجته حتى أنه لا يجد خاتما من حديد يدفعه مهرا لزوجته وهذا دليل على فضيلة الحفظ . 8) من العون على العلم الحفظ : ورد في الكتاب والسنة نصوص كثيرة تبين قيمة العلم وشرف أهله وعلو منزلتهم عند ربهم، وفي دنياهم ومعادهم فمن ذلك : قوله تعالى : ) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ([25] . وقوله سبحانه : ) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ([26] . وقوله سبحانه : ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ([27] . وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ))[28] . وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب ))[29] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ))[30] . وغيرها كثير . فالرجل لا يكون عالما حتى يحفظ من القرآن والسنة وأقوال أهل العلم الموضحة لمعانيها ما يرفعه إلى تلك المكانة ، ويسمو به إلى تلك المنزلة . ولهذا قيل : ( احفظ فكل حافظ إمام ) ، و ( آفة العلم النسيان ) ، فالعلم هو الحفظ، ومن لم يكن حافظا لم يكن عالما . والمحمود في طلب العلم هو الحفظ والفهم والاستيعاب ، فالعلم ليس بكثرة المصاحف والكتب ولا بسعة المكتبات ، وقد يكون الرجل عالما ولا يملك من الكتب إلا أقل القليل. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( قيمة كل امرئ ما يُحسِنه )[31] ولم يقل : ما يجمعه!!. وقال أبو هلال العسكري - رحمه الله - : ( وإذا كان ما جمعته من العلم قليلا وكان حفظا، كثرت المنفعة به ، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته )[32] . وقال عبيد الله بن الحسن : ( وجدت أحضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ، ولكته بلساني)[33]. وقال عبدالرزاق : ( كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علما )[34] . وقال الأعمش : ( احفظوا ما جمعتم فإن الذي يجمع ولا يحفظ كالرجل كان جالسا على خِوانٍ ، يأخذ لقمة لقمة ، فينبذها وراء ظهره ، فمتى يشبع ؟!)[35] . 9) حفظ القرآن يقوى الذاكرة : إن حفظ القرآن ، وكثرة مدارسته وتكراره ، يقوي ذاكرة حافظيه ، ويشحذ أذهانهم، فتراهم : أسرع الناس بديهة ، وأكثرهم حفظا ، وأشدهم فهما واستيعابا ، وهذا لا يحتاج إلى برهان أو دليل وإنما يكفي أن تنظر في أحوال طلاب المدارس والمعاهد والجامعات ؛ لتجد أن الحافظين للقرآن منهم ، أتقن لدروسهم ، وأحفظ من غيرهم ، وهم على الدوام في طليعة المتفوقين ، مع أن الجميع في سن متقاربة ، وظروف بيئية واجتماعية واحدة . قال تعالى : )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ( [36]. 10) الحافظ لكتاب الله متميز بأخلاقه وسلوكه : إن الحفظ لكلام الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متميز بين الناس بأخلاقه الحسنة ، وسلوكه القويم ، وتواضعه الجم وعلاقاته الطيبة مع الناس جميعهم ، أهله وأقاربه، وأساتذته ومعلميه ، وأصدقاؤه وزملاؤه قال تعالى : )إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ([37] . 11) حفظ القرآن يقوم اللسان : إن الحافظ لكلام الله عز وجل ، والمكثر من تلاوته وتكراره عنده من الفصاحة والبيان، والبلاغة وحسن الصياغة ، وقوة التعبير وسلامته ، ما ليس عند غيره من الناس ، فهو أفصح الناس عبارة ، وأطلقهم لسانا ، وأسلمهم نطقا . قال تعالى : )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ([38]
إن حفظ القرآن الكريم من أجل القربات وأفضل الطاعات ، وبه ينال الإنسان رضا ربه سبحانه وتعالى ، وكذلك حفظ علوم الشرع من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقوال أهل العلم الموضحة لمعاني نصوص القرآن والسنة ، وفيما يلي أسرد بعض فوائد الحفظ وفضائله ليكون ذلك باعثا للهمم ، ومقويا للعزائم يستطيع المربي أن يشحذ همم أبنائه بها كي تقبل على حفظ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بجد واجتهاد وصبر وثبات وهمم عالية في الحفظ والفهم ومحاولة التطبيق العملي : 1) الحافظ من الذين أوتوا العلم : قال سبحانه وتعالى : ) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ[1](. ويكفي الحافظ لكتاب الله سبحانه وتعالى عزا وشرفا ، أن يوصف بهذا الوصف ، وأن ينال تلك المنزلة والمكانة . قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره : (بَلْ هُوَ) أي : القرآن )آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ( لا خفيات . ) فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ( هم : سادة الخلق وعقلاؤهم ، وألو الألباب منهم والكمل منهم . فإذا كانت آيات بينات في صدور أمثال هؤلاء ، كانوا حجة على غيرهم[2] . أ.هـ. وقال الحافظ ابن كثير : (( أي : هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا يحفظه العلماء ، يسره الله عليهم حفظا وتفسيرا )[3] أ.هـ. وآيات الله عز وجل محفوظة كما قال سبحانه وتعالى : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ([4] . ومن أسباب حفظ القرآن ، صدور الذين أوتوا العلم ، وكفى بهذا شرفا وفضلا لمن حفظ القرآن والسنة ، فإنه من أسباب حفظ الدين ووسائل حفظ الشريعة . 2) الحفظ سبب للنجاة : عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال )) . في رواية : ((من آخر سورة الكهف))[5]. فإذا كان هذا الفضل والثواب ، وهذا العطاء والجزاء ، وهو العصمة من أكبر فتنة على ظهر الأرض منذ خلق آدم وإلى قيام الساعة ، ألا وهي فتنة الدجال ، والنجاة من عاقبتها ثمرة من ثمار حفظ عشر آيات من سورة الكهف ، أولها أو آخرها ، فكيف بمن حفظ القرآن كله ، لا شك أن النجاة من العواقب الوخيمة أعظم والسلامة من الشرور أكبر ، وهذا فضل الله يمنحه من يشاء . . وكذلك فإن حفظ القرآن سبب للنجاة من النار ، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق)[6] رواه أحمد . ويقول أبو أمامة : ( اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن) [7] . 3) حافظ القرآن مقدم في دنياه وأخراه : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين ) [8]. وممن رفعهم الله بالقرآن كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عبدالرحمن بن أبزى الخزاعي _ رضي الله عنه – وهو من أواخر صغار الصحابة وكان مولى لنافع بن عبدالحارث، وكان نافع مولاه استنابه على مكة حين تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان ، فقال له : من استخلفت على أهل الوادي ؟ - يعني مكة – قال : ابن أبزة. قال : ومن ابن أبزى ؟ قال إنه عالم بالفرائض قارئ لكتاب الله . قال عمر : أما إن نبيكم r قال : ( إن هذا القرآن يرفع به أقواما ويضع به آخرين )[9]. فهذا ابن أبزى - وهو عبد أعتق – أصبح أميرا على أشراف أهل مكة من الصحابة والتابعين، وما رفعه إلى هذه المنزلة إلا علمه بكتاب الله وسنة نبيه r . وهذا أبو العالية رفيع بن مهران _ رحمه الله – وهو إمام مقرئ حافظ مسند – وكان مولى لامرأة – يقول : (( كان ابن عباس يرفعني على السرير ، فتغامزت بي قريش ، فقال ابن عباس: (( هكذا العلم يزيد الشريف شرفا ، ويجلس الملوك على الأسرة )) . قال الإمام الذهبي: هذا كان سرير دار الإمرة لما كان ابن عباس متوليها لعلي رضي الله عنهما[10]. ومن المواطن التي يقدم فيها حافظ القرآن على غيره ما يلي : أ- إمامة الصلاة : عن أبي مسعود البدري t أن النبي r قال : ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى .... الحديث ))[11] . فالأقرأ لكتاب الله تعالى هو المقدم في إمامة الصلاة ، وإن كان صبيا مميزا ، فعن عمرو بن سلمة t قال : (( لما كانت وقعة الفتح ، بادر كل قوم بإسلامهم ، وبادر أبي قومه بإسلامهم ، فلما قدم قال : جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا : فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة ، فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني ، فقدموني بين أيديهم ، وأنا ابن ست أو سبع سنين .... الحديث )) [12]. ب- المشورة والرأي : فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا ))[13] . ج- الإمارة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا - وهم ذوو عدد – فاستقرأهم ، فاستقرأ كل واحد منهم – يعني ما معه من القرآن – فأتى على رجل من أحدثهم سنا ، فقال : ما معك يا فلان ؟ قال : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة. فقال: أمعك سورة البقرة ؟ قال نعم . قال : اذهب فأنت أميرهم .. الحديث )[14]. د- الدفن بعد الموت : عن جابر t : (( أن النبي r كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ، ثم يقول : أيهما أكثر أخذا للقرآن ، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد))[15]. 4) علو درجة الحافظ في الجنة : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله r : (( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ))[16] . قال ابن حجر الهيتمي : الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب ، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها . قال الإمام الخطابي – رحمه الله - : (( وجاء في الأثر أن عدد آي القرآن ، على قدر درج الجنة ، فيقال للقارئ ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن ، استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة ، ومن قرأ جزءاً منه ، كان رقيه في الدرج على قدر ذلك ، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة))[17]أ.هـ. وقال r : (( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق ، له أجران ))[18] . فحافظ القرآن سيكون مع خير ملائكة الله تعالى يوم القيامة وهم السفرة الكرام البرررة عليهم السلام . وفي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة)[19] فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم : ) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ .كِرَامٍ بَرَرَةٍ ([20]. 5) القرآن يشفع لصاحبه عند ربه : قال رسول الله r : (( أبشروا ! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به ، فإنكم لن تهلكوا ، ولن تضلوا بعده أبدا ))[21] . فلا يرضى القرآن حتى يأخذ بأيدي حافظه إلى جنات عدن ، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ! . وفي يوم القيامة أيضا يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)[22]. فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب. 6) يوضع على رأس الحافظ تاج الوقار ويُكسى والداه حلتين يبشرنا رسول الهدى r بهذه البشارة حيث يقول : (( ... وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة – حين ينشق عنه قبره – كالرجل الشاحب ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول : أنا صاحبك القرآن ، الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك . وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة . فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان: بما كسينا هذه ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن . ثم يقال له : اقرأ ، واصعد في درجة الجنة وغرفها ، فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا ))[23] . 7) تزويج الحافظ بغير صداق إكراما له : قال البخاري في صحيحه ( باب : التزويج على القرآن بغير صداق ) وترجم الإمام النووي في شرحه لمسلم (باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد ) وترجم النسائي ( باب التزويج على سورة من القرآن ) . ثم أوردوا حديث سهل بن سعد الساعدي t قال : جاءت امرأة إلى رسول الله r فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست . فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . قال : فهل عندك من شيء ؟ فقال : لا والله يا رسول الله . فقال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ؟ فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتما من حديد . فذهب ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري [قال سهل : ماله رداء ] فلها نصفه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه سيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ؟ فرآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدُعي فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا وعددها . فقال : تقرؤهن عن ظهر قلب . قال : نعم. قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن )) وفي رواية ( اذهب فقد زوجتكها فعلمها من القرآن )[24] . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أتقرؤهن عن ظهر قلب ) دليل على الحفظ . فحفظه لبعض سور القرآن كان سببا في زواجه رغم شدة فقره وحاجته حتى أنه لا يجد خاتما من حديد يدفعه مهرا لزوجته وهذا دليل على فضيلة الحفظ . 8) من العون على العلم الحفظ : ورد في الكتاب والسنة نصوص كثيرة تبين قيمة العلم وشرف أهله وعلو منزلتهم عند ربهم، وفي دنياهم ومعادهم فمن ذلك : قوله تعالى : ) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ([25] . وقوله سبحانه : ) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ([26] . وقوله سبحانه : ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ([27] . وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ))[28] . وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب ))[29] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ))[30] . وغيرها كثير . فالرجل لا يكون عالما حتى يحفظ من القرآن والسنة وأقوال أهل العلم الموضحة لمعانيها ما يرفعه إلى تلك المكانة ، ويسمو به إلى تلك المنزلة . ولهذا قيل : ( احفظ فكل حافظ إمام ) ، و ( آفة العلم النسيان ) ، فالعلم هو الحفظ، ومن لم يكن حافظا لم يكن عالما . والمحمود في طلب العلم هو الحفظ والفهم والاستيعاب ، فالعلم ليس بكثرة المصاحف والكتب ولا بسعة المكتبات ، وقد يكون الرجل عالما ولا يملك من الكتب إلا أقل القليل. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( قيمة كل امرئ ما يُحسِنه )[31] ولم يقل : ما يجمعه!!. وقال أبو هلال العسكري - رحمه الله - : ( وإذا كان ما جمعته من العلم قليلا وكان حفظا، كثرت المنفعة به ، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته )[32] . وقال عبيد الله بن الحسن : ( وجدت أحضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ، ولكته بلساني)[33]. وقال عبدالرزاق : ( كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علما )[34] . وقال الأعمش : ( احفظوا ما جمعتم فإن الذي يجمع ولا يحفظ كالرجل كان جالسا على خِوانٍ ، يأخذ لقمة لقمة ، فينبذها وراء ظهره ، فمتى يشبع ؟!)[35] . 9) حفظ القرآن يقوى الذاكرة : إن حفظ القرآن ، وكثرة مدارسته وتكراره ، يقوي ذاكرة حافظيه ، ويشحذ أذهانهم، فتراهم : أسرع الناس بديهة ، وأكثرهم حفظا ، وأشدهم فهما واستيعابا ، وهذا لا يحتاج إلى برهان أو دليل وإنما يكفي أن تنظر في أحوال طلاب المدارس والمعاهد والجامعات ؛ لتجد أن الحافظين للقرآن منهم ، أتقن لدروسهم ، وأحفظ من غيرهم ، وهم على الدوام في طليعة المتفوقين ، مع أن الجميع في سن متقاربة ، وظروف بيئية واجتماعية واحدة . قال تعالى : )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ( [36]. 10) الحافظ لكتاب الله متميز بأخلاقه وسلوكه : إن الحفظ لكلام الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متميز بين الناس بأخلاقه الحسنة ، وسلوكه القويم ، وتواضعه الجم وعلاقاته الطيبة مع الناس جميعهم ، أهله وأقاربه، وأساتذته ومعلميه ، وأصدقاؤه وزملاؤه قال تعالى : )إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ([37] . 11) حفظ القرآن يقوم اللسان : إن الحافظ لكلام الله عز وجل ، والمكثر من تلاوته وتكراره عنده من الفصاحة والبيان، والبلاغة وحسن الصياغة ، وقوة التعبير وسلامته ، ما ليس عند غيره من الناس ، فهو أفصح الناس عبارة ، وأطلقهم لسانا ، وأسلمهم نطقا . قال تعالى : )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ([38]