التفَّ مِنْ حولي، تألفَّ مَنْ حولي، فتجهمني القريب وتملقني العدو، ثمَّ زَعَمَ أنَّه قد سبقني بنصف قرن، عَزَمَ فحاججته بالنقر، فأصابهُ الزَّمَعُ، وأَزمعَ ففاوضته حتى أوصلته إلى عشر سنين مع تحفظي الشديد على الرقم عشرة، هذا التتراكتيس هو مجموع الأعداد الأولية، واحتج بالفيثاغوريين الذين كانوا يقسمون بالعدد عشرة باعتباره ممثل للكون العام، واحتججت بمقولة ممثلنا في عصبة الأمم:نما المتجول، فارتقى الضلال، تاه ظلي، فقلت له: الغزو أخرق، فوافقني وقال لكن الغازي غير مسئول لأنَّهُ أبكم، وعدنا إلى مائدة المفاوضات المثلثة، أشعل سيكاره وقال غير مكترثٍ بالحضور:
- لنْ أتفاوض معكم ما دمتم لا تملكون شيئا نتفاوض عليه.
- وأنتَ أيضاً لا تملك شيئاً.
- هههههه، سأحكي لكم قصة قصيرة لأدلل على جهالتكم ببعض ما أملك، ما لم تُدَوِّلوا دوالها.
لي صديقٌ حاذق لا أعرف له اسماً ولا عنواناً، ولا هدفاً ولا وسيلة، قوته تتمركز في خاصية الغموض التي تترك أصدقائه وأعدائه سُكارى، وهو غير اللذان يريدان أنْ يقنعاني أنَّهما يعيشان في مستقبلي القريب، واثنان غيرهما أرسلا لي الكثير من الرسائل دون أن يظهر لي عنوانهما البريدي، كلها خطيرة لكنَّ رسالة الأربعين حرامي الالكترونية كانت الأكثر طرافة(تنويه: هنا وصلت رقما أسقطوه على سورة اقْتَرَبَتِالسَّاعَةُوَانشَقَّالْقَمَرُ) وأمَّا ما سَيرد من معلومات مبالغ فيها لا أتحمل المسئولية الأدبية والمعنوية عنها، لأنني جبان أُؤولُّ جبني عقلاً، ولصاحب الرأي المخالف حق الرد ومحاولة تفنيد ما جاء بها من حججاً(مولعٌ بالنصب أنا فاعذروني) واهية، وأسألكم ثلاثاً بهمزة واحدة، وواحدةً أخرى نداء من الميداني النيشابوري (أ غيرةً وجُبنا؟ أُوسعتك ضرباً فأوسعتنا سبّاً؟ وأنتَ السه السفلى إذا دعيت نصرُ، يا حمار الحاجات)وهذا هو نص الرسالة بغثها وسمينها، بجعجعتها وأزيزها، والأزيز للرصاص الذي لم نره رغم الجثث التي ملأت المكان، والجعجعة للمطحنة التي نراها منذ سنين لكننا لم نرَ طحيناً، هذه الرسالة بأخطائها الإملائية والنحوية وللأمانة العلمية في النقل، هذه هي كما وصلتني:
لأنني أعرف مكانتك السيئة بين أدباء ومثقفي الجيل الستيني والسبعيني وصولاً إلى الحداثوي، أطلب منك نشرها في بعض الصحف التي تتعامل معها وأنا أتنازل عن ثمن مكافأة نشرها، وأشدد على مسألة تنازلي لا لأنَّني لست بحاجتها، ولكن لمكر السيد الحاسوب بنتيوم 7، ومدير الإدارة ڤيكترا 20، اللذان يجعلان المطالب بمكافأته إلى أمِّه يلهفُ. بداية القصة:
صادف امتحان اللغة العربية الشفوي للصف المنتهي من إعدادية صلاح الدين للمتميزون (ولو أنَّ للمتميزين أحبُّ إلى سيبويه لكن عذراً فأنا وهو مولعان بالنصب)يوم السبت 25/4/2016، وكنت جالساً مع الطلاب وهم لا يرونني ولا يشعرون بوجودي، قال الأستاذ عبدالله معلم فن الرفض سأسألكم سؤالاً واحداً، ومن لم تهده الإشارة تاهَ في العبارة، ومن أجاب عنه أعطيته 29/30 ومنحتُ بقية الطلاب درجة 25/30 باستثناء من لم يرضَ فعليه أن يمتحن بمفرده ولن أكون معه متساهلاً، بالطبع لم يرفض أحد لأنَّ الأستاذ عبدالله شحيح جداً في منح الدرجات، وتدرَّج في علوم اللغة، وسألنا:
- قد أجمع النحويون على جواز تقديم خبر كان على اسمها نحو كان قائما زيد، فهل يجوز قولنا ضرب غلامُهُ زيداً؟
- لم يجبه إلا صمتنا الممزوج ولكل منَّا جولة الحائر المنفرد في عوالم أخرى وفضاءات مغايرة.
- التقديم والتأخير من التقدير، وفي التقدير يخالف اللفظ إذا عدل بالشيء عن الموضع الذي يستحقه، فلا يجوز ضرب غلامه زيدا إذا جعلت غلامه فاعلا وزيدا مفعولا.
- سؤال آخر ما فرق تقديم المفعول به(إبراهيم)على الفاعل ربُّهُ في الآية 124 من سورة البقرة(وَإِذِابْتَلَىإِبْرَاهِيمَرَبُّهُبِكَلِمَاتٍ).
- جولة الحارس المنفرد في ليلةٍ شديدة البرد والظلام.
- لأن هاهنا وقع الفاعل والمفعول كل في منزلته، فلم يمكن أن تجعل الضمير في تقدير التأخير بخلاف ما إذا قلت ضرب غلامه زيد فجعلت غلامه مفعولا وزيدا فاعلا فأما في قوله تعالى(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) فإنه وإن كان بتقدير التأخير يصير إلى قولك وإذ ابتلى ربه إبراهيم كقولك ضرب غلامه زيدا إلا أن بينهما فرقا وذلك لأن قولك ضرب غلامه زيدا تقدم فيه ضمير الاسم على ظاهره لفظا وتقديرا وقوله تعالى (وإذ ابتلى إبراهيم ربه) تقدم فيه ضمير الاسم على ظاهره تقديرا لا لفظا والضمير متى تقدم تقديرا لا لفظا أو تقدم لفظا لا تقديرا فإنه يجوز بخلاف ما إذا تقدم عليه لفظا وتقديرا.
كان سيسأل سؤالاً آخر لكنني قاطعته رافعاً يدي اليمنى إلى الأعلى، فابتسم ولم يَرَنِ وقال تفضل:
- نفدِي طُلاّباً من القواعد أسئلةً، في صنعة النحوِ أعيت كلّ أستاذِ
يا سائلاً سؤالاً أنت حرشته، ألطف قليلاً بلهفانَ لوَّاذِ.
- أشاعراً أرانيك؟ لا ضجرٌ يثنيك ولا مللُ عن غزوِ صفنا الركيك، قُلْ ولا تُطِلْ.
- هلاّ سألتنا عن تراجم الأدباء.
- بكيتُ من زمانٍ فدهاني بعدهُ زمان، تنزو نزو القردة، هاكمو هذا السؤال، أديبٌ مخضرم، اسم أبيه مركب، واسم أمه هاوية، بدأ في الكتابة في العهد الملكي، وَبَرَعَ في الجمهوري، كتبَ في كل الأجناس الأدبية، فَمَنْ هو؟
- جولة الحائر المُجْتَمِعْ مع عوالم ميتا خيالية.
- ولد في الشيوعية ورتع من القومية وترعرع في بعث النار، عاصر الطاغية ورافق نصف الطغاة، ونبتَ ريشه وشاب شعره في ظل الليبرالية، فمن هو؟
- اكتشفته الـ K G P واختارته الـ C I A وتأثر بأدب النقد الذاتي للموصاد (كان هكذا يلفظها)ومن ثمَّ استملكت حقوقه الأدبية جميع حروف الضاد من الـ A وصولاً إلى الـ Z، فمن هو؟
- امتدح الطاغية وكان الأديب الوحيد الذي تنشر نصوصه خارج القطر دونما ملاحقة بسبب قرابته من جهاز المخابرات، وكان صديقاً لرئيس الأركان، حتى قيل انَّه نشر مقالةً في العدد الأول من مجلة أصدرتها بلدية أصغر مدينة موريتانية وكان عددها الأول والأخير، فمن هو؟
- بعد سقوط بعث النار، ظهر على الملأ بزينته ولبس جبة المناضل العتيق، الذي قضى شطر عمره في سجون/قصور النظام، فاحتضنته الأحزاب، وتنافسوه، فكان بالاسم لحزبه القديم وفي الواقع رجل لكل الأحزاب، فحاز أعلى المناصب، ونظَّرَّ كبرى النظريات التي أسقط أولاها على أرض الواقع، نظرية انفصال وزارة الثقافة عن وزارة البلديات، المنفصلة عن مجلس الوزراء ليستمتع المثقفين (آسف على التغيير فأنا مولعٌ بالنصب)وبعد خروج الاحتلال ظهرَ أنَّه كان من أشدِّ المقاومين، فمن هو؟
- مستمسكٌ بالعروة المنفصمة، قيادي في الحزب الشائع، متقدم في الديمقراطي، رأس السهم في الجمهوري، نعابٌ(فرخ الغراب) في الاتحاد، رأس الرمح في التحالف من أجل الحرية، ديسمٌ(ولد الدب) في الحزب التقدمي التكنوقراطي، قدم الطير الراكل في الحزب الأخضر، رأس النعامة الشامخ في الحزب السري، عضو الاتحاد الإقليمي، دغفل(ولد الفيل) في الائتلاف الدولي، مناصر عنيد ومخلص للتيار المضاد، يشجع حزب الأوائل على مواقفه المبدئية، يؤيد المؤتمر الإسلامي في بياناته كافة، مشارك فعال وعامل في الحوار والمصالحة، ويكتب في كل الجرائد على اختلاف أيديولوجياتها، يرقص في الظلام منذ أكثر من خمسة عقود، فمن هو؟
- توقف الحارس المنفرد عن جولته الحائرية ليسأل وكيف نراه وهو في الظلام؟
- سأخرجه لكم من الظلام وإن رفض سأسلط باقة من الضوء على مكانه، لكن حذاري من تنين الهواء فهو متلون كالحرباء.
- هتف الحارس المنفرد: عرفناه إنَّه المثقف.
- يا تلاميذي في أرضِ العدوِّ خسئتم، تقمصتم خزيَّةً وخاب رأيكم وشلَّتْ أقدامكم قبل ألسنتكم الخؤونة، وعشتم دهركم عرايا.
- سقط سهوا أل التعريف في الجواب، يا أستاذ.