لم يكن يتخيل أبدا أن يصبح يوما ما عاشقا محبا مغيب العقل كهؤلاء الذين سمع بهم في قصص العشق .. أو كهؤلاء الذين مروا على حياته وقد سقطوا غرقى في بحور الهوى .. يذكر الآن صديقا قديما قال له: إنك لن تفهم لماذا يفعل المحبون كل ذلك بدون وعي .. لأنك لم تحب .. ويبدوا أنك لن تحب أو لا تريد أن تحب لم يكن متزوجا عن حب .. بل لم يكن مقتنعا بالفكرة نفسها من الأساس .. ظل هكذا دون حب عمرا طويلا إلى أن عرفها مصادفة .. لم يصدق نفسه في البداية لأنه لم يكن يقتنع بوجود الصدف في مثل هذا الزمان .. كما أنه لم يكن يتوقع أن يتحرك قلبه بعد موته طيلة كل هذه السنوات وجد فيها كل ما كان يفتقده في حياته .. لدرجة أنه إكتشف أن هناك الكثير الذي كان يفتقده دون أن يدري .. عشقته بجنون وأحبت كل شيء يتعلق به .. كانت تسأله عن أعماله كل يوم .. كانت أحيانا تطلب منه أن يعطيها بعض الأعمال التي يمكنها القيام بها كي تساعده .. كانت تحيا كزوجة إفتراضيه له دون أن تنتظر أي مقابل سوى بعضا من الكلمات الرقيقة التي أضحت تخرج من قلبه لأول مرة في حياته .. تعلق بها كثيرا وأحبها بجنون .. أصبح على شفا أن يحكم قلبه على عقله .. تذكر أخيرا كلمات صديقه القديم .. الآن فقط أدرك لماذا يبدو العشاق كمسلوبي الإرادة والعقل والتفكير لكنها لأنها رائعة بالفعل وجديرة فعلا بهذا الحب .. رفضت أن تنساق وراء قلبها أكثر من ذلك .. طلبت منه ألا يتعلق بها أكثر من ذلك .. أحبت زوجته وأولاده لأنهم جزء منه ودون أن تراهم .. لم ترد أن تهدم حياتهم وحياته .. وعدته ألا تنساه وأن تظل دائما تذكره وتدعوا له بالتوفيق والنجاح في كل يوم .. فنجاحه دوما يرضيها ويكفيها