تحلقت الأسرة حول الأب الذي جلس كعادته في سرد حكايا حبلى بالحكم والأشعار والنصح على ألسنة بشر وجان وحيوان ، حكايا تبدأ خيوطها مع خيوط شمس المغيب من كل يوم وتنتهي بعد صلاة العشاء مباشرة ، على ضوء فنار تفوح منه رائحة الجاز التي اعتادت عليها أنوفهم ، الجميع ينصت لقصص رب الأسرة ، الأولاد والزوجة وعجوز طاعنة في السن والدة الراوي ومنبع أغلب هذه القصص والروايات التي طورها وأضاف لها حوارات مشوقة ، وفي ليلة شتوية كان الأب يسرد إحدى قصصه وأفراد الأسرة يقاومون النعاس ، باستثناء الولد الأصغر مصطفى الذي صرعه سلطان أولى الحكايا فغط في نوم عميق ، الأعين ترصد حركة الراوي بتركيز شديد ، والآذان تعانق حروفه باهتمام ، وهذه الحكايا هى بمثابة التلفاز والمسلي في ليالي هذا المنزل الذي تلفه العتمة باستثناء ضوء الفنار الخافت ....