الحسين بن علي
هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي السِّبْط الشهيد بكَرْبَلاء, ابن بنت رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاطمة الزهراء رضي الله عنها وريحانته من الدنيا ، وُلِدَ الحسينُ سنة أربع من الهجرة، وله من الولد : علي الأكبر، وعلي الأصغر، وله العَقِب، وجعفر، وفاطمة وسكينة.
رُوِيَت أحاديث عديدة تدل على فضله وتعلق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم به، وبأخيه الحسن منها: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هما ريحانتاي من الدنيا يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما. انفرد بإخراجه البخاري.
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وعن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني" يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما.
وعن علي رضي الله عنه قال: الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل ذلك.
وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: حَجَّ الحسين بن علي رضي الله عنهما خمسًا وعشرين حجة ماشيًا, ونجائبه تُقَادُ معه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم الحسن والحسين رضي الله عنهما ويحبهما حبًا شديدًا ويحنو عليهما، وقد توفي وهو عنهما راضٍ، ثم كان الصديق رضي الله عنه فكان يكرم الحسين ويعظمه وكذلك عمر وعثمان، وصَحِبَ الحسينُ أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها في الجمل وصفين، وكان معظَّمًا موقَّرًا، ولم يزل في طاعة أبيه حتى قُتِل، فلما آلتِ الخلافة إلى أخيه الحسن وأراد أن يصالح معاوية شَقَّ ذلك عليه ولم يسدِّد رأي أخيه، وحثَّه على قتال أهل الشام؛ فقال له أخوه: والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك، فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم، فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد عليه مع أخيه الحسن فيكرمهما إكرامًا زائدًا، ويعطيهما عطاءً جزيلاً، فقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال: خذاها وأنا ابن هند، والله لا يعطيكاهما أحد قبلي ولا بعدي، فقال الحسين: والله لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلاًَ أفضل منه، ولما توفي الحسن كان الحسين يَفِدُ إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه، وقد كان في الجيش الذي غزا القسطنطينية مع يزيد ابن معاوية في سنة إحدى وخمسين، وعندما أُخِذَتِ البيعةُ ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس, ثم مات ابن أبي بكر وهو مصمم على ذلك فلما مات معاوية سنة ستين وبُويِعَ ليزيد، بايع ابن عمر وابن عباس وصمَّمَ على المخالفة الحسين وابن الزبير.
عن علي بن حسين عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصلي المريض قائما إن استطاع فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا رجله مما يلي القبلة
عن أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته .
بعد وفاة معاوية رضي الله عنه سنة ستين، ولي الخلافة يزيد بن معاوية فلم يكن له هم حين ولي إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية البيعة له؛ فكتب إلى عامله على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان يأمره بأخذ البيعة من هؤلاء النفر الذين أبوا على معاوية استخلاف ولده وعلى رأسهم الحسين بن علي فيزعم الرواة أن الوليد بن عتبة استشار مروان بن الحكم فأشار عليه مروان أن يرسل إليهم ويطلب منهم مبايعة يزيد، ومن أَبَى ذلك ضرب عنقه قبل أن يعلموا موت معاوية ويظهروا الخلاف والمنابذة، وعندما أرسل إلى الحسين وطلب منه ماطله الحسين، واستنظره حتى يجتمع الناس للبيعة فإنه سيبايع وقتها علانية، وكان الوليد يحب العافية فوافقه على ذلك، وقال لمروان الذي حرضه على حبسه أو قتله: والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا ومُلْكها وأني قتلت حسينًا، سبحان الله ! أقتل حسينًا أن قال: لا أبايع ؟ والله إني لأظن امرءًا يحاسَب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة، فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت.
ولا تفسر لنا هذه الرواية على نحو مقنع سبب تغيير مروان رأيه، كما لا تعطي مبررًا كافيًا لنصحه الوليد بقتل الحسين، ولا ريب أن عداء الرواة من الشيعة لبني أمية ـ ومروان جد المروانيين منهم ـ قد قادهم إلى تشويه موقفه من هذه الأحداث، وسوف يتهمونه بعد ذلك بالشماتة في مقتل الحسين، هذا على حين تثبت روايات أخرى أن مروان كان من المحذرين ابن زياد أمير العراق من إساءة التصرف حيال الحسين بعد خروجه إليه، كما أنه كان من الآسفين على قتله والباكين عليه.
وقد خرج الحسين تحت جنح الظلام متجهًا إلى مكة، واستصحب معه بنيه وإخوته وجُلَّ أهل بيته، وفي الطريق لقي ابن عمر وابن عباس الحسين وابن الزبير في طريقهما إلى مكة، وكان ابن عمر وابن عباس قادمَيْن منها إلى المدينة فسألاهما عما وراءهما فقالا: قد مات معاوية، والبيعة ليزيد، فقال لهما ابن عمر: "اتقيا الله ولا تفرقا جماعة المسلمين".
وعندما قدما المدينة وجاءت البيعة ليزيد من البلدان بايع ابن عمر وابن عباس، ولم تكد أخبار وفاة معاوية ولجوء الحسين وابن الزبير إلى مكة ممتنعين عن البيعة ليزيد تصل إلى أهل الكوفة حتى حَنُّوا إلى تمردهم وانتقاضهم القديم، فراسلوا الحسين ودعوه إليهم ووعدوه النصرة.
لقد كثر إرسال الكتب من أهل العراق إلى الحسين وخاصة بعد ذهابه إلى مكة يحثونه فيها على سرعة المجيء إليهم، فقد كتب إليه شيث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث بن رويم، وعمر بن حَجَّاج الزبيدي ومحمد بن عمر بن يحيى التميمي: "أما بعد فقد أخضرت الجنان وأينعت الثمار، وفطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند مجندة لك والسلام".
فالتزم الحسين ـ رضي الله عنه ـ الحذر والحيطة، وأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إلى العراق ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتفاق، فإن كان متحتمًا وأمرًا حازمًا محكمًا بعث إليه ليركب في أهله وذويه، فسار مسلم من مكة فاجتاز بالمدينة وأخذ منها دليلين فسار بهما على براري مهجورة المسالك, ثم مات الدليلان من شدة العطش بعد أن ضلُّوا الطريق، فكتب مسلم إلى الحسين يستشيره فيأمره فكتب إليه يعزم عليه أن يدخل العراق وأن يجتمع بأهل الكوفة ليستعلم أمرهم ويستخبر خبرهم.
فلما دخل مسلم بن عقيل الكوفة، تسامع أهل الكوفة بقدومه فجاءوا إليه فبايعوه على إمرة الحسين, وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم، فاجتمع على بيعته من أهلها ثمانية عشرة ألفًا.
فقد كان الشيعة في الكوفة يبايعون مسلم بن عقيل سرًا مستغلين ورع عامل يزيد على الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري الذي لم تُجْدِ نصائحه لهم بالطاعة ولزوم الجماعة حتى كتب بعض أهل الكوفة الموالين لبني أمية إلى يزيد بما يحدث، فأرسل إلى عبيد الله بن زياد عامله على البصرة يضم إليه الكوفة ـ أيضًا ـ وكان ابن زياد قد استطاع بحزم أن يقضي على بوادر تمرد الشيعة بالبصرة، عندما وصلت إليهم أخبار الحسين ورسالة منه يطلب منهم فيها النصرة والبيعة.
ولقد استطاع ابن زياد أن يكتشف أمر مسلم بن عقيل ومقره وأعوانه عن طريق مولى لهم، فقبض ابن زياد على بعض أتباع مسلم بن عقيل وحبسهم؛ فغضب مسلم فركب في الخيل ونادى بشعاره "يا منصور أمت" فاجتمع إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة، وحاصروا قصر بن زياد، ولم يكن مع ابن زياد إلا ثلاثون رجلاً من الشُّرَط وعشرون من أشراف الناس وأهل بيته ومواليه، وقد استطاع هؤلاء الأشراف تخذيلَ الناس من حول مسلم بن عقيل، فانصرفوا عن مسلم حتى لم يبق معه سوى خمسمائة نفس ثم تقالُّوا إلى ثلاثمائة ثم إلى ثلاثين ثم إلى عشرة ثم وجد مسلم نفسه وحيدًا في جنح الظلام يتردد في الطرقات لا يدري أين يذهب، فأتى بابًا فطرقه فخرجت إليه امرأة فاخبرها بخبره قائلاً: أنا مسلم بن عقيل كَذَبَني هؤلاء القوم وغَرُّوني فأوته، ثم علم ابن زياد بمكانه فأحيط بالدار التي هو فيها فدخلوا عليه؛ فقام إليهم بالسيف فأخرجهم من الدار ثلاث مرات وأصيبت شفته العليا والسفلى, ثم جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب فضاق بهم ذرعًا فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، ثم أعطوه الأمان وجاءوا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه فلم يبقَ يملك من نفسه شيئًا، فبكى عند ذلك وعرف أنه مقتول فيئس من نفسه، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال بعض من حوله: إن من يطلب مثل الذي تطلب لا يبكي إذا نزل به هذا؛ فقال: أما والله لستُ أبكي على نفسي، ولكن أبكي على الحسين، وآل الحسين، إنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة، ثم التفت إلى محمد بن الأشعث فقال: إن استطعت أن تبعث إلى الحسين على لساني تأمره بالرجوع فافعل؛ فبعث محمد بن الأشعث إلى الحسين يأمره بالرجوع فلم يصدق الرسول في ذلك, وقال: كل ما حَمَّ الإله واقع.
ثم وصل مسلم بن عقيل إلى قصر ابن زياد وهو مثخن بالجراح وفي غاية العطش مخضب بالدماء في وجهه وثيابه، ثم جلس فتساند إلى الحائط من التعب والكَلال والعطش فبعث عمارة بن عقبة بن أبي معيط مولى له إلى داره فجاء بقُلَّة عليها مِندِيل ومعه قدح؛ فجعل يفرغ له في القدح ويعطيه فيشرب فلا يستطيع أن يسيغه من كثرة الدماء التي تعلو على الماء مرتين أو ثلاثًا؛ فلما شرب سقطت ثناياه مع الماء، فقال: الحمد لله لقد كان بقي لي من الرزق المقسوم شربة ماء ثم أدخل على ابن زياد.. فأمر به فأُصْعِد إلى أعلى القصر, ومُسْلِمٌ يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر، ويصلِّي على ملائكة الله ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرُّونا وخذلونا ثم ضُرِبَ عنقه، وأُلقي رأسُه إلى أسفل القصر، وأُتبع رأسه بجسده، ثم أُمِرَ بهانيء بن عروة المذحجي فضربت عنقه بسوق الغنم، وصُلِبَ بمكان من الكوفة يقال له: الكناسة، ثم إن ابن زياد قَتَلَ معهما أناسًا أخرين، وبعث برؤسهما إلى يزيد بن معاوية في الشام.
عندما تتابعت الكتب إلى الحسين من جهة أهل العراق, وتكرَّرت الرسل بينهم وبينه, وجاءه كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله، ثم وقع في غضون ذلك ما وقع من قتل مسلم بن عقيل، والحسين لا يعلم بشيء من ذلك، فعزم على المسير إليهم، والقدوم عليهم، وكان ذلك أيام التروية قبل مقتل مسلم بيوم واحد ـ فإن مسلمًا قُتِلَ يوم عرفة ـ وعندما استشعر الناس خروجه أشفقوا عليه من ذلك، وحذَّرُوه منه، وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق، وأمروه بالمقام في مكة، وذكروه ما حدث لأبيه وأخيه معهم.
فقال له ابن عباس: يا ابن عمّ؛ إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبين لي ما أنت صانع ؟ فقال: إني قد أجمعت المسير في أَحَدِ يومي هذين إن شاء الله تعالى، فقال له ابن عباس: أخبرني إن كانوا قد دعوك بعدما قتلوا أميرهم, ونفوا عدوهم, وضبطوا بلادهم؛ فَسِرْ إليهم، وإن كان أميرهم حيًّا, وهو مقيم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم، فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس، ويقبلوا قلوبهم عليك، فيكون الذين دَعَوْكَ أشد الناس عليك، فقال الحسين : إني أستخير الله وأنظر ما يكون.
فلما كان من العشي أو الغد جاء ابن عباس إلى الحسين فقال له: يا ابن عم إني أَتَصَبَّرُ ولا أَصْبِر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قومُ غدرْ فلا تغترَنَّ بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصونًا وشعابًا ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس في مَعزِل، واكتب إليهم وبثَّ دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب، فقال الحسين: يا ابن عم والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير، فقال له: فإن كنت ولابد سائرًا فلا تسر بأولادك ونسائك، فو الله إني لخائف أن تُقتَلَ كما قُتِلَ عثمانُ ونساؤه وولده ينظرون إليه.
أما ابن عمر فعند ما بلغه أن الحسين قد توجه إلى العراق لحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال: أين تريد ؟ قال: العراق، وإذا معه طوامير وكتب. فقال: هذه كتبهم وبيعتهم، فقال: لا تأتهم فأبى، فقال ابن عمر: إني محدثك حديثًا: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم, واللهِ ما يَلِيَها أحدٌ منكم أبدًا، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم؛ فأبى أن يرجع، فما كان من ابن عمر إلا أن اعتنقه وبكى, وقال: أستودعك اللهَ من قتيل.
أما ابن الزبير فقد تعجب من مسير الحسين إلى أهل العراق وهو يعلم علم اليقين أنهم قتلوا أباه وطعنوا أخاه، فقال له: أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك ؟ فقال: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن تُستَحَلَّ بي ـ يعني مكة ـ .
وعندما تردد الحسين في المسير إلى الكوفة جاءه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الله إني لكم ناصح وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملُّوني وأبغضوني، وما يكون منهم وفاء قطُّ، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم نيات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف.
ثم كتب مروان بن الحكم إلى ابن زياد يحذره من قتل الحسين قائلاً: "أما بعد فإن الحسيين بن علي قد توجه إليك وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاللهِ ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء، ولا تنساه العامة، ولا تدع ذكره آخر الدهر والسلام"..
أما يزيد بن معاوية فقد كتب إلى ابن زياد قائلاً: "قد بلغني أن الحسين قد توجه إلى نحو العراق فضع المناظر والمسالح واحترس, واحبس على الظِّنة, وخذ على التهمة، غير أن لاتقتل إلا من قاتلك, واكتب إلي في كل ما يحدث من خير والسلام"، وهذا القول واضح وظاهر في أن لا يقتل عبيد الله الحسين وأصحابه إلا إذا قاتلوه.
وكتب عبد الله بن جعفر إلى الحسين مع ابنيه عون ومحمد: أما بعد فإني أسألك بالله لما انصرفت حتى تنظر في كتابي هذا، فإني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك، إن هلكت اليوم طُفِيءَ نورُ الإسلام، فإنك عَلَمُ المهتدين ورجاء المؤمنين، فلا تعجل بالسير فإني في أثر كتابي, والسلام، ثم نهض عبد الله بن جعفر إلى عمرو بن سعيد أمير مكة فقال له: اكتب إلى الحسين كتابًا تجعل له فيه الأمان، وتُمَنِّيه في البر والصلة، وتوثق له في كتابك وتسأله الرجوع لعله يطمئن لذلك فيرجع، فقال له عمرو: اكتب عني ما شئت وَأْتِني به أختمه، فكتب عبد الله بن جعفر ما أراد ثم جاء إليه بالكتاب فختمه، فقال عبد الله بن جعفر لعمرو بن سعيد: ابعث معي أمانك، فبعث معه أخاه يحيى فلحقا بالحسين؛ فقرأ عليه الكتاب فأبى أن يرجع وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقد أمرني فيها بأمر وأنا ماضٍ له، فقالا: وما تلك الرؤيا ؟ فقال: لا أحدث بها أحدًا حتى ألقى ربي عز جل.
وفي الطريق إلى الكوفة لقى الحسين الفرزدق الشاعر فقال له: أعطاك الله سُؤْلك وأملك فيما تحب، فسأله الحسين عن أمر الناس وما وراءه؛ فقال له: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء، فقال له: صدقت، للهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، يفعل ما يشاء وكل يوم ربنا في شأن، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يَتَعَدَّ من كان الحق نيته، والتقوى سريرته، ثم حرَّك الحسين راحلته، وقال: السلام عليكم ثم افترقا.
وأثناء سير الحسين رضي الله عنه في طريقه إلى العراق بلغه خبر مقتل ابن عمه مسلم، فأثناه ذلك، واعتزم العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم قالوا: "والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقتَلَ؛ فقال: لا خير في الحياة بعدكم"..
وانتهت الموقعة بشكل يدعو إلى الأسف والأسى والحزن، وحُزَّ رأسُ الحسين، وأرسل إلى عبيد الله بن زياد،
عندما أشرف الحسينُ على العراق، رأى طليعة لابن زياد، فلما رأى ذلك رفع يديه فقال:"اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثِقةً وعُدَّة، فكم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي وليُّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية".. وكان قوام هذه الطليعة ألف فارس بقيادة الحر بن يزيد التميمي، فقال لهم الحسين: أيها الناس إنها معذرة إلى الله وإليكم إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أن أَقْدِمْ علينا فليس لنا إمام لعل الله أن يجعلنا بكم على الهدى؛ فقد جئتكم فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه فلم يجيبوه بشيء في ذلك، ثم قال له الحر: إنا أُمِرْنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد، فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك, ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا فمنعهم الحر من ذلك، فقال الحسين: ثكلتك أمك ما تريد؟ فقال: أما واللهِ لو غيرُك من العرب يقولها ما تركت ذِكْرَ أمه بالثكل كائنًا من كان، ولكني والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه, ثم لازمه حتى لا يتمكن من العودة إلى المدينة، ثم أتى الجيش الذي أرسله عبيد الله بن زياد وعدته أربعة آلاف فارس، والتقوا في كربلاء جنوبي بغداد، ويدل التقاؤهم في هذا المكان على أن الحسين كان متجهًا إلى طريق الشام وقد عدل عن الكوفة، وعندما التقوا خيَّرهم الحسينُ بين ثلاث فقال: "إما أن تَدَعُوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور". وكان أمير الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان ابن زياد قد هيأه ليرسله في حملة إلى الديلم، وقد عصى أهلها ثم حوله إلى الحسين، فاستعفى عمر من هذه المهمة، فلم يُعْفِهِ منها وهدده، فاستمهله إلى اليوم الثاني فأمهله، وقَبِلَ في اليوم الثاني أن يسير إليه. وعندما سمع عمر بن سعد كلام الحسين استحسنه، وأرسل إلى ابن زياد بذلك يحسِّن له أن يختار أحد الاقتراحات الثلاثة، وكاد عبيد الله أن يقبل لولا أن شمر بن ذي الجوشن ـ وهو من الطغاة أصحاب الفتن ـ قال له: "لئن رحل من بلادك، ولم يضع يده في يدكم، ليكوننَّ أولى بالقوة والعز، ولتكوننَّ أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فإنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة، وإن غفرت كان ذلك لك".. وقد استثار شمر بكلامه هذا ابن زياد، فهو جبار لا يقبل أن يوصف بالوهن والضعف، فوافق على كلام شمر، وأرسله ومعه كتاب إلى عمر بن سعد مضمونه أن الحسين إذا لم يستسلم ويأت إلى عبيد الله فليقاتَل، وإذا لم يُرِدْ عمر أن يقاتله، فليتنحَّ عن إمرة الجيش وليسلمها إلى شمر. وعندما ورد شمر على على عمر بن سعد بن أبي وقاص وأفهمه رسالته؛ خاف عمر على نفسه من ابن زياد، ولم يقبل بأن يتنحَّى لشمر. واستمر قائدًا للجيش، فطلب إلى الحسين تسليم نفسه، لكن الحسين لم يفعل ونشب القتال، ويجب أن نلحظ هنا أن الحسين لم يبدأ بالقتال بل إن موقفه كان عدم الاستسلام فقط. وقع القتال بين فئة صغيرة لا تبلغ الثمانين رجلاً وبين خمسة آلاف فارس وراجل، على أنه انضم إلى الحسين أفراد رأوا أن أهل العراق خانوا الحسين، وأن من واجبهم الاستماتة بين يديه، فانتقلوا إليه مع معرفتهم بالموت الذي ينتظرهم، وكانت الواقعة فقُتِلَ رجال الحسين عن بكرة أبيهم (حوالي 72 رجلاً) وقتل الحسين معهم. ونرى خلال القتال ما كان يُستحث به أهل العراق على حرب الحسين فكان يقال لهم: "يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مَرَقَ من الدين وخالف الإمام".. فكان أهل الكوفة إذًا يستحثون على الطاعة ولزوم الجماعة، ويُبيَّن لهم أن الحسين وأصحابه إنما هم مارقون من الدين. وقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك قال: أُتِيَ عبيد الله بن زياد برأس الحسين؛ فجعل في طست ينكت عليه, وقال في حسنه شيئًا، فقال أنس: إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوبًا بالوسمة"..
عندما أشرف الحسينُ على العراق، رأى طليعة لابن زياد، فلما رأى ذلك رفع يديه فقال:"اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثِقةً وعُدَّة، فكم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي وليُّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية"..
وكان قوام هذه الطليعة ألف فارس بقيادة الحر بن يزيد التميمي، فقال لهم الحسين: أيها الناس إنها معذرة إلى الله وإليكم إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أن أَقْدِمْ علينا فليس لنا إمام لعل الله أن يجعلنا بكم على الهدى؛ فقد جئتكم فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه فلم يجيبوه بشيء في ذلك، ثم قال له الحر: إنا أُمِرْنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد، فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك, ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا فمنعهم الحر من ذلك، فقال الحسين: ثكلتك أمك ما تريد؟ فقال: أما واللهِ لو غيرُك من العرب يقولها ما تركت ذِكْرَ أمه بالثكل كائنًا من كان، ولكني والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه, ثم لازمه حتى لا يتمكن من العودة إلى المدينة، ثم أتى الجيش الذي أرسله عبيد الله بن زياد وعدته أربعة آلاف فارس، والتقوا في كربلاء جنوبي بغداد، ويدل التقاؤهم في هذا المكان على أن الحسين كان متجهًا إلى طريق الشام وقد عدل عن الكوفة، وعندما التقوا خيَّرهم الحسينُ بين ثلاث فقال: "إما أن تَدَعُوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور".
وكان أمير الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان ابن زياد قد هيأه ليرسله في حملة إلى الديلم، وقد عصى أهلها ثم حوله إلى الحسين، فاستعفى عمر من هذه المهمة، فلم يُعْفِهِ منها وهدده، فاستمهله إلى اليوم الثاني فأمهله، وقَبِلَ في اليوم الثاني أن يسير إليه.
وعندما سمع عمر بن سعد كلام الحسين استحسنه، وأرسل إلى ابن زياد بذلك يحسِّن له أن يختار أحد الاقتراحات الثلاثة، وكاد عبيد الله أن يقبل لولا أن شمر بن ذي الجوشن ـ وهو من الطغاة أصحاب الفتن ـ قال له: "لئن رحل من بلادك، ولم يضع يده في يدكم، ليكوننَّ أولى بالقوة والعز، ولتكوننَّ أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فإنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه فإن عاقبت فأنت ولي العقوبة، وإن غفرت كان ذلك لك"..
وقد استثار شمر بكلامه هذا ابن زياد، فهو جبار لا يقبل أن يوصف بالوهن والضعف، فوافق على كلام شمر، وأرسله ومعه كتاب إلى عمر بن سعد مضمونه أن الحسين إذا لم يستسلم ويأت إلى عبيد الله فليقاتَل، وإذا لم يُرِدْ عمر أن يقاتله، فليتنحَّ عن إمرة الجيش وليسلمها إلى شمر.
وعندما ورد شمر على على عمر بن سعد بن أبي وقاص وأفهمه رسالته؛ خاف عمر على نفسه من ابن زياد، ولم يقبل بأن يتنحَّى لشمر.
واستمر قائدًا للجيش، فطلب إلى الحسين تسليم نفسه، لكن الحسين لم يفعل ونشب القتال، ويجب أن نلحظ هنا أن الحسين لم يبدأ بالقتال بل إن موقفه كان عدم الاستسلام فقط.
وقع القتال بين فئة صغيرة لا تبلغ الثمانين رجلاً وبين خمسة آلاف فارس وراجل، على أنه انضم إلى الحسين أفراد رأوا أن أهل العراق خانوا الحسين، وأن من واجبهم الاستماتة بين يديه، فانتقلوا إليه مع معرفتهم بالموت الذي ينتظرهم، وكانت الواقعة فقُتِلَ رجال الحسين عن بكرة أبيهم (حوالي 72 رجلاً) وقتل الحسين معهم.
ونرى خلال القتال ما كان يُستحث به أهل العراق على حرب الحسين فكان يقال لهم: "يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مَرَقَ من الدين وخالف الإمام".. فكان أهل الكوفة إذًا يستحثون على الطاعة ولزوم الجماعة، ويُبيَّن لهم أن الحسين وأصحابه إنما هم مارقون من الدين.
وقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك قال: أُتِيَ عبيد الله بن زياد برأس الحسين؛ فجعل في طست ينكت عليه, وقال في حسنه شيئًا، فقال أنس: إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوبًا بالوسمة"..
وفي رواية أخرى عن البزار قال له أنس: "إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثم حيث يقع قضيبك
وقد نَدِمَ عبيدُ الله بن زياد على قتله الحسين، فلذلك نجده يأمر لنساء الحسين وبناته وأهله بمنزل في مكان معتزل، وأجرى لهنَّ الرزق، وأمر لهن بنفقة وكسوة، ويظهر هذا الندم واضحًا في الموقف الذي يصوره لنا ابن كثير في "البداية والنهاية" فيروي أنه انطلق غلامان ممن كانا مع الحسين من أولاد عبد الله بن جعفر؛ فأتيا رجلاً من طييء فلجآ إليه مستجيرين به، فضرب أعناقهما وجاء برأسيهما لابن زياد، فغضب ابن زياد، وهَمَّ بضرب عنقه وأمر بداره فهدمت..
ثم بعث ابن زياد بالرؤوس ومن بينها رأس الحسين إلى يزيد بن معاوية بالشام، وانظر إلى هذا المشهد الأليم الذي يصوره لنا ابن كثير عن أحد شهود العيان بأرض الشام وهو "الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير" قال: والله إني لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زُحَر بن قيس فدخل على يزيد، فقال له يزيد: ويحك ما وراءك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله عليك ونصره، وَرَدَ علينا الحسين بن علي بن أبي طالب وثمانية عشر من أهل بيته، وستون رجلاً من شيعته، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتل، فغدونا إليهم مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كل ناحية حتى أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، فجعلوا يهربون إلى غير مهرب ولا وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذًا كما لاذ الحمام من صقر، فوالله ما كانوا إلا جزر جزور أو نومة قائل حتى أتينا على أخرهم فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مزملة وخدودهم معفرة، تصعرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرَّخم..
فدمعت عينا يزيد بن معاوية وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين, لعن الله ابن سمية (عبيد الله بن زياد) أَمَا واللهِ لو أني صاحبُه لعفوت عنه، ورَحِمَ اللهُ الحسين. ولم يصل الذي جاء برأسه بشيء، ثم أنشد قول الحسين بن الحمام المري الشاعر:
يفلقن هامًا من رجالٍ أعزةٍ علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
ثم أكرم يزيد بن معاوية نساء الحسين وأهله وأدخلهنَّ على نساء آل معاوية وهُنَّ يبكين ويَنُحْنَ على الحسين وأهله, واستمر ذلك ثلاثة أيام، ثم أرسل يزيد بن معاوية إليهن يسأل كل امرأة عما أُخِذَ منها ؟ فليس منهنَّ امرأةٌ تدَّعي شيئًا بالغًا ما بلغ إلا أضعفه لها.
ثم أمر يزيد بن معاوية النعمان بن بشير أن يبعث معهنَّ رجلاً أمينًا معه رجال وخيل يصحبهن أثناء السفر إلى المدينة.
وعندما ودعهن يزيد قال لعلي بن الحسين ـ علي الأصغر ـ قبَّح الله ابن سمية, أما والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكنَّ الله قضى ما رأيت، ثم جهَّزه وأعطاه مالاً كثيرًا, وكساهم وأوصى بهم ذلك الرسول، وقال لعلي: كاتِبْنِي بكل حاجة تكون لك.