حقوق الأخوة1

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : عبد الرحمن العايد | المصدر : www.islammemo.cc

للأخوة منزلة عظيمة في بناء هذا الدين ولها ثمرات كثيرة دلت عليها الآيات والأحاديث ولها حقوق وآداب وشروط منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب ولأهمية ذلك ولكثرة مفسدات الأخوة والاستهانة بمكانتها ولتثبيت الأخيار الصادقين في أخوتهم وتبشيرهم بما لهم في ذلك من فوز كان هذا الدرس.
الحمد لله ، وأصلى وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،،،
فسيكون الكلام عن الأخوة وحقوقها من خلال النقاط التالية:
تعريف الأخوة وأنواعها.
أساليب الشارع في تحقيق الأخوة الإسلامية.
ثمرات الأخوة.
صفات الأخ المطلوب.
الوسائل المعينة على تقوية هذه الرابطة.
حقوق الأخوة وآدابها.
مكدرات الأخوة.
تنبيه.
أولاً: تعريف الأخوة:

لغةً: تطلق على القرابة في النسب والاشتراك في الولادة القريبة من الأب أو الأم، وقد تطلق في النسب البعيد كما يقال: أخو العرب ، كما جاء في القرآن }وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً{ [الأعراف: من الآية65]. هذا هو الأصل في إطلاق الأخوة.

اصطلاحاً: يقصد بها الأخوة الإسلامية، وهي الرابطة التي تجمع بين شخصين ينتميان إلى دين الإسلام، وإن لم يكن بينهما اشتراك في أبٍ أو أم. وعلى هذا فالأخوة يمكن أن يقال أنها نوعان:
أ- الأخوة في النسب. ب- الأخوة الإسلامية
والثانية هي محور كلامنا هنا.

ثانياً: أساليب الشارع في تحقيق الأخوة:
الإخبار عن وقوع الأخوة بين المؤمنين: كما قال عز وجل: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ [الحجرات: من الآية10] فهذا إخبار كأنه شئ معروف أنهم أخوة ، وهذا أبلغ من أن يقول كونوا أخوة.

جعل الأخوة نعمة امتن الله بها على عباده: وقال عز وجل: }فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً{ [آل عمران: من الآية103].

جعل الأخوة سبباً لحصول محبة الله عز وجل: ففي الحديث: [أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ] رواه مسلم .


وفي الحديث القدسي: [حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ] رواه مالك وأحمد.
جعل الأخوة أوثق عرى الإيمان: ففي الحديث: [ أَوْثَق عُرَى الْإِيمَان الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه] رواه البزار .

جعل منزلة المُحِبِ بمنزلة المُحَبِ: كما في الحديث: [الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ] رواه البخاري ومسلم .

ترتيب الأجر العظيم عليها: ففي الحديث: [إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي]رواه مسلم.

جعلها وسيلة لإكتساب حلاوة الإيمان: ففي الحديث: [ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] رواه البخاري ومسلم.

تعليق الأفضلية على شدتها:ففي الحديث: [مَا تَحَابَّ اثْنَانِ فِي الله تَعَالَى إِلاَّ كَانَ أَفْضَلهُمَا أَشَدّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ] رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه وغيرهما.

جعلها وسلة لاستكمال الإيمان:كما في الحديث: [ مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ]رواه أبو داود.

جعلها وسيلة لاكتساب الإيمان وبالتالي لدخول الجنة: ففي الحديث: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] رواه مسلم وأبوداود والترمذي وابن ماجة وأحمد.

ثالثاً: ثمرات الأخوة:
للأخوة ثمرات جليلة سواء كانت مدخرة لهم في الآخرة، أو كانت معجلة لهم في الدنيا ، فمما يدخر لهم في الآخرة:

أن يكون في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله: كما في الأحاديث السابقة.

الحصول على مكانة عالية في الآخرة: كما في الحديث: [قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ] رواه الترمذي. وهذه المكانة العالية حصلوا عليها بالمحبة في الله عز وجل.

الحصول في الآخرة على مقام أعلى مما يستحقه بعمله:كما في الحديث: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ: [ وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا] قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: [أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ] قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ . رواه البخاري ومسلم .ومن الثمرات التي تعجل له في الدنيا وهي تؤدى بدورها إلى الارتفاع الأخروي: ما يلي:
تذوق حلاوة الإيمان: كما في الحديث: [ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] رواه البخاري ومسلم.

نيل محبة الله له: وهذه المحبة لاشك أنها تعود عليه بالنفع الدنيوي والأخروي؛ لأن من منافعها الدنيوية أن ينشر له القبول في الأرض ، إذا أحبه الله تعالى نشر له القبول في الأرض وتعرفون الحديث في ذلك.

اكتساب الإيمان: كما في الحديث الذي سبق: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] رواه مسلم وأبوداود والترمذي وابن ماجة وأحمد.

استكمال الإيمان: كما في الحديث: [ مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ]رواه أبو داود.

الإعانة على الطاعة: إذ أنه يجد من أخوانه من يعينه على طاعة الله ، ويكرهه في المعاصي ، وهذا لا شك يعود عليه بالنفع الدنيوي والأخروي.

تحسين الخلق: وذلك لأنه سيقتدي بإخوانه الصالحين الذين حسنت أخلاقهم ، وإذا حسن خلقه؛ استفاد دنيوياً وأخروياً ، يكفى أنه يحصل على احترام الناس له في الدنيا، ويحصل على مقامٍ عالٍ رفيعٍ في الآخرة.

تطبيق المفاهيم الإسلامية: والخصال الحميدة التي لا يمكن تطبيقها إلا مع جماعة ، مثل الإيثار ونحوه.

الثمرات الدنيوية مثل:
الانتفاع بالأخ في قضاء الحاجات ، والانتفاع منه بجاهه ، والانتفاع منه بماله يواسيك ، يقرضك ونحو ذلك. كذلك حصول الأنس، وانشراح الصدر، وتخفيف الآلام والهموم وذلك لأنك تخالط من لا تثقل عليك نفسه.
ما يحصل لك من الاستشارة لأخيك إذا ترددت في الأمر.

تنبيه على أربع نقاط مهمة:

يشترط في الأخوة المطلوبة أن تكون لله خالصة: أما إذا لم يتوفر هذا الشرط، فإنها حينئذ لا تكون أخوة الإسلام ، ومثل هذه العلاقة التي لا تكون لله تنقلب إلى عداوة يوم القيامة كما جاء في القرآن:}الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ{ [الزخرف:67].
الناس أصناف والإنسان يألف من يجانسه ويشاكله: وربما لا يألف شخصاً مع أنه من الصالحين ، وإن كان هذا لا يعنى أنه يكرهه، لا. ولكن يحبه على قدر ما به من إيمان، ولكن ربما لا يأنس به بمثل ما يأنس بمن هو على شاكلته ، وعليه أن يهذب هذه العاطفة بما يتوافق مع محبة الله عز وجل.

اصبر نفسك مع الأخيار، ولا تخرج عن دائرة الصالحين.

لن تجد شخصاً كاملاً : فكلنا خطَّاء، وفينا عيوب، وإذا كنت تطلب أخًا لا عيب فيه فإنك تبحث عن سراب ، ولكن سدد وقارب، وابحث عن الصديق الذي ترى أن عيوبه مغمورة في بحر حسناته، وأن هذه العيوب لا تخشى منها على نفسك.

رابعاً: صفات الأخ المطلوب: إن للأخ المؤاخي صفات لابد أن يتحلى بها ومن أهم هذه الصفات ما يلي:

أن يكون مؤمناً: لأن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ، ولذلك جاء في الحديث: [لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ] رواه أبوداود والترمذي وأحمد والدارمي.

أن يكون ملتزماً بشرع الله:متبعاً أوامره مجتنباً لنواهيه كما قال عز وجل:}وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{ [الكهف: من الآية28]. وقال سبحانه: }وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَي{ [لقمان: من الآية15].
أن يكون عاقلاً: فالأحمق صداقته تضر أكثر مما تنفع وقديماً قبل: عدو عاقل خير من صديق أحمق.

أن يكون حسن الخلق:وذلك لأنك ستكثر معاملته ومعاشرته فربما إذا كان سيئ الخلق آذاك ولم يصبر على أخوتك ، وربما اكتسبت منه الخلق السيئ.

أن يبادلك الشعور بهذه الأخوة:ففي الحديث: [الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ] رواه مسلم، والبخاري- تعليقا- . فإذا كان يتضايق منك ولا يفرح بمقدمك ووجدت منه إعراضاً وجفاءاً فمثل هذا لا يصلح أن تؤاخيه ، هذا يكفى أن يؤاخي الأخوة الإسلامية العامة أما الأخوة الخاصة فمثل هذا لا يعنيك ولا يعينك على تحقيق الأخوة.

خامساً: الوسائل المعينة على تحقيق الأخوة:
إخباره بأنك تحبه في الله: كما في الحديث: [إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ]رواه أبوداود والترمذي وأحمد .
ويبين السبب في ذلك فقال: [ إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ ُ أَخَاهُ فِي الله فَلْيُعْلِمْهُ فَإِنَّهُ أَبْقَى لِلْأُلْفَةِ وَأَثْبَتُ لِلْمَوَدَةِ] رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان .
تقوية العلاقة بالله عز وجل: والسعي إلى الحصول على محبة الله عز وجل ، لأن الله إذا أحبك [نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ] رواه البخاري ومسلم. فإذا أحبك الله أحبك عباده ومنهم هذا الأخ الذي تريد أن تؤاخيه.

معرفة ثمرات الأخوة في الله: إذا عرفت ثمرات الأخوة الدنيوية والأخروية وما فيها من الخير والأجر ، سعيت إلى تحقيقها وتقويتها.

معرفة سير السلف الصالح في الأخوة:وكيف كانت أخوتهم.

مراعاة حقوق الأخوة:لأنها تزيد في الأخوة، وتبعدها عما يضرها .

من محاضرة: حقوق الأخوة للشيخ/ عبد الرحمن العايد