هل يريد أحد منكم أن يتخرب بيته ؟

هل يريد أحد منكم أن يتخرب بيته ؟ ستقولون وما هذا السؤال السخيف ؟ لا .طبعاً . ولكن إذا صدر قانون جاء فيه ، أن من تخرب بيته بالسيل أو بالرياح أو بأي آفة من الآفات التي لاعمل فيها للإنسان

، تمنحه الدولة بدلا ً عنه قصراً ضخماً في شارع بغداد . ألا تتمنون حينئذ أن يتخرب البيت ؟ ستقولون الآن : نعم . لأنكم واثقون من أن الدولة إذا وعدت وعداً بقانون فإنها تفي به . والله عز وجل ، وهوأصدق من الدولة قولاً ، وأوثق عهداً ، تعهد للمؤمن بأن يعطيه بكل مصيبة تناله ، صغيرة كانت أو كبيرة ، من الشوكة التي تشك يده إلى موت الولد وذهاب المال ، أجرا ينسى معه المصيبة، ويتمنى لو أنها كانت أكبر ، ليكون الأجرعليها أكبر . فياأيها الشباب ،الذي يرى النساء المتبرجات والفاحشة والميسورة ، والذائذ المعروضة ويسمع من رفيقه المغري ، ويرى في المجلات صورها المثيرة ، ثم يصبر عنها ابتغاء وجه ثواب الله ؛ اعلم ياأيها الشاب أنه إذا كان المحشر ، وازدحمت الخلائق ودنت الشمس ، وسال العرق . اعلم أن مكانك في ظل عرش الله ،أفلا يتزاحم الناس يوم العرض ليكون لهم مكان مشرف على الطريق . فكيف إن كان لهم كرسي في سدة الشرف مع الوزراء والكبراء. فكيف إن كان ذلك يوم القيامة ، يوم العرض الأكبر . يوم تختلف المقاييس البشرية ، فينزل إن كان عاصياً الوزير والكبير ويرتفع إن كان تقياً العامل الأجير ؛ويصير الغني فقيراً لسيئاته والفقير غنياً بحسناته والجبار ضغيفاً مسكيناً والمسكين قوياً بعمله الصالح . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله عرشه  يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ( أي موظف مستقيم لايجابي ولايرتشي .لايرتشي بالمال ولابالجاه ولابالجمال ...)وشاب نشأ في عبادة الله . ورجل قلبه معلق بالمساجد ( أي للعلم والعبادة لا الجلوس مع الأصحاب وقطع الوقت  ) ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه ( لا لدنيا ولا لمصلحة مالية ولا ابتغاء لذة ومتعة ) ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال ،فقال : إني أخاف الله (فضل اللذة الدائمة في الجنة على هذه اللذة الموقتة التي تتبعها جهنم ) ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم يمينه ماتنفق شماله .ورجل ذكر الله خالياً ( منفرداً ) ففاضت عيناه ( بكى من خشية الله ) .

                  فصول إسلامية 224/226-227