الأسواق النسائية بين السلبية والإيجابية

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : مجلة الأسرة | المصدر : www.islamlight.net

حدث :

أصبحت الأسواق النسائية واقعاً يكسب أرضاً جديدة، ويقتطع من حجم التسوق نصيباً متزايداً، فالتوجه العام الآن هو توفير مزيد من الخصوصية للنساء باعتبارهن قوة شرائية متزايدة، لدرجة أن تايلاند افتتحت مؤخراً سوقاً نسائياً لجذب السائحين العرب.

وشهدت مدينة أبو ظبي افتتاح أول سوق نسائي رفاقه دعوات بتعميم التجربة في بقية الإمارات .

أما السعودية فتتعدد الأسواق النسائية في معظم مدنها.

ماذا تمثل هذه الأسواق للمرأة ؟

ولماذا تقبل عليها ؟

وكيف نرى مزاياها وعيوبها .

وما رأي الرجال فيها ؟

وكيف يرى علماء الاجتماع والاقتصاد هذه الأسواق بآثارها الاقتصادية ودلالاتها الاجتماعية ؟

أسئلة متعددة سعت ((الأسرة)) إلى تقديم إجابات وافية عليها

 

تقرير:

راحة وخصوصية وأسعار عالية

 تجد المرأة في الأسواق النسائية منفعة وراحة نفسية لا تجدها في الأسواق العامة، بما تتميز به هذه الأسواق من طابع يراعي خصوصيتها الإسلامية. فالمرأة تتعامل داخل هذه الأسواق مع طاقم نسوي يضطلع بعمليات البيع والشراء والإشراف وتقديم الخدمات المختلفة التي تزدهر بها هذه الأسواق من أندية ترفيهية ومطاعم ومقاه وملاه للأطفال .

 وبالرغم من مجمل الإيجابيات التي وفرتها هذه الأسواق للمرأة إلا أن عدداً من المتسوقات يرى أن بعض الأسواق النسائية تفتقر إلى الحيوية والديكور الجاذب والبضاعة  ذات الجودة العالية والموضة ، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار مقارنة بالأسواق العامة . فيما امتدح عدد من المستثمرات والمشرفات في هذا النشاط تجربة  الأسواق النسائية . حيث أكدّن أنها من التجارب الرائدة والناجحة بكل المقاييس كونها لبّت رغبات واهتمامات كثير من القطاعات النسوية ، وقُلن إن الأسعار في الأسواق تعد عادية ومشجعة بل تنافس في بعض الأحيان الأسواقِ التجارية العامة .

  أشارت (منيرة الفايز) وهي مستثمرة تمتلك ثمانية محلات للملابس النسائية  والمشاغل تقع في سوقين نسائيين إلى أن استثمارها في هذا النشاط جاء ليلبي رغبة المرأة السعودية التي تفتقد في كثير من الأحيان إلى خصوصية التسوق ، ولإشعارها بشيء من النساء المغلقة تغطي نوعاً من الحرية للمرأة ، وعدم التقييد لحد ما بخصوصية أشياء المرأة كالملابس الداخلية والخارجية والمكياج والعطور وغيرها ومنع احتكاكها بالرجل .

وتذكر منيرة الفايز أن إيجابيات هذه الأسواق تعد كثيرة جداً ومن أهمها:

إتاحة فرصة جديدة للنساء على الصعيدين الاستثماري والوظيفي ..

أما السلبيات فهي موجودة في أي نشاط ولكن ليس بالدرجة المخلة .

 وأضافت الفائز : إن الإقبال على هذه الأسواق يزداد يوماً بعد يوم خاصة في نهاية عطلة الأسبوع مبينة أن الأسعار تعد عادية  ومشجعة حيث تبدأ على سبيل المثال أسعار الملابس من خمسة ريالات فما فوق للقطعة الواحدة وفق نوعية المنتج .

وفي السياق ذاته قالت : ( أم بشائر ) صاحبة محل لبيع مستلزمات الأطفال بسوق تولان النسائي : الأسعار في هذه الأسواق لا تختلف عن الأسواق الأخرى بينما تنخفض في بعض الأحيان خاصة في مواسم الأعياد .. وأوضحت أم بشائر أن السوق تحتوي على مستلزمات المرأة والطفل كافة ، وأن عميلات السوق من مختلف فئات النساء حيث الإقبال يرتفع أكثر أثناء العطلات الأسبوعية .

وفي الإطار نفسه وصفت ( أم عبد العزيز ) ، التي تمتلك مقهى نسائياً في أحد الأسواق النسائية تجربتها في هذا المجال بأنها ناجعة لتوفر الإمكانات المناسبة والإقبال الكبير من قبل السيدات والفتيات خاصة في نهاية العطلة الأسبوعية التي تشهد ازدحاماً كبيراً كما امتدحت الموظفات السعوديات في هذا المجال ، بقولها : إن معظم العاملات اثبتن جدارتهن وتعاملهن الرائع مع العميلات وبالتالي أعطين صورة جميلة من خلال حسن التصرف في الموافق مقارنة بالموظفات الأجنبيات رغم فارق الخبرة .

مطلوب فرع نسائي للهيئة

وأشارت بائعة سعودية في إحدى الأسواق النسائية ، إلى ازدياد الإقبال على هذه الأسواق في الآونة الأخيرة مشيرة إلى أن هناك بعض السلبيات خاصة – فيما يتعلق بسلوكيات بعض المتسوقات – التي تتطلب وجود قسم نسائي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لضبط مثل هذه التصرفات رغم أنها حالات فردية معدودة .

أيام بلا بيع

بائعة أخرى من جنسية عربية قالت : إن البيع في هذه الأسواق محدود وتأتي أيام لا يوجد فيها بيع ، مشيرة إلى أن كثيراً من مرتادات هذه الأسواق يهجرن بارتفاع الأسعار بشكل متكرر . وأضافت : ( أعتقد أن كلامهن صحيح ولا أدري سبب ارتفاع الأسعار ولكن قد يكون إيجار المحلات مرتفعاً )) .

 وفي جانب المتسوقات قالت ( أم عبد الله ) : إن البضاعة في هذه الأسواق عادية ولا يوجد تجديد .. كما أن البائعات يرفضن تنزيل الأسعار مثل الأسواق العامة التي تصل نسبة التخفيضات بها إلى أكثر من 50% .

  وقالت ( أم أحمد ) وهي من المرتادات لهذه الأسواق أن الأسواق النسائية تعتبر ملاذاً آمناً لأي امرأة تبحث عن الخصوصية  بعيداً عن عرض البائعين الذين قد يخدشون خصوصية المرأة  وحيائها بعرضهم لكثير من المنتجات الخاصة .

وأضافت : أنها متأكدة  بأن الأسعار في هذه الأسواق مرتفعة مقارنة بالأسواق المفتوحة ، ولكن بالنظر لإيجابية التسوق بحرية دون التعرض لأي نوع من الخدش والإخلال بسلوكيات سوء من البائعين أو الشباب في الأسواق العامة . فهذا يجعلنا نتحمل فرق الأسعار .

الأسواق النسائية تغيرت !

  في بريدة سوق نسائي عمره أكثر من 15 سنة مظلل ومقفل من الجوانب وله مدخلان تجلس على جانبيه البائعات ، لكل منهن ركن أو مربع خاص بها يفصلها عن الأخرى بستارة تجذبها في نهاية اليوم لتغطي بضاعتها داخل هذا المربع وتكفي لافتة ( ممنوع دخول الرجال ) لكي لا يدخلوا . أما عن البضائع فهي الأقمشة والملابس وأشياء أخرى تغطي احتياج شريحة محددة من المجتمع وكذلك تباع بعض المأكولات الشعبية .

 من داخل هذا السوق التقينا عدداً من النساء ..

  تقول ( أم حسن ) : أذهب كثيراً للأسواق النسائية أنا وبعض قريباتي لنروّح عن أنفسنا بدرجة أولى لا غنى عن الأسواق الأخرى لأن الأسواق النسائية لا تغطي احتياجات المرأة والطفل في جميع مراحله .

أدعو أصحاب هذه الأسواق أن يتوسعوا في الترفيه على الأسرة والأولاد داخل هذه الأسواق ، وأن يكثفوا النشاط الديني ، فلقد كنا في السابق نقصدها لما فيها من المحاضرات والمسابقات وحفظ القرآن بالإضافة إلى التسوق ولعب الأطفال في الأماكن الخاصة بهم . وفي هذا السوق النسائي كانت الملابس المخالفة للشرع لا تُباع وكذلك لا تُقبل أي مخالفة شرعية في لباس من تدخل السوق أما الآن فقد تغير الوضع ككل شيء .

 أما ( أم فيصل ) فتذهب للسوق النسائي مضطرة لأن زوجها لا يذهب معها إلى الأسواق المختلطة بعد أن شاهده أحد أصدقائه مع زوجته في أحد هذه الأسواق وعاتبه .

 وتقول : ( حنان – داعية )  : أفضّل الأسواق النسائية لأن فيها راحة أكثر خاصة مع الملابس الخاصة بالنساء ، ولكنّي أشعر أن هناك عدم اهتمام بمثل هذه الأسواق من ناحية تعدد البضائع ، مستوى الأسعار ، الأذواق ..وتضيف : هذه الأسواق تعتبر مجالاً خصباً للدعوة إذا كان القائمون عليها يحملون همّها وحبذا لو كان بها أشياء ترفيهية للأطفال .

 (س. ع ) تقول : الأسواق النسائية تصون المرأة من الاحتكاك بالرجال والاختلاط   - حيث ظهور الطالح أكثر من الصالح – إلا أنني ليس لدى وقت فأقضي احتياجاتي من الأسواق الأخرى مع محرمي ، كما أن في السوق النسائي قد نتعرف  على الكثير من الأصدقاء والمعارف وهذا ما لا أريده .

ملتقى الصديقات

 وفي أحد مراكز التسوق النسائي بالرياض تجولت الأسرة بين بائعات ومتسوقات متنزهات بكامل زينتهن وطمأنينتهن للوقوف على آرائهن

 تقول (سعاد سليمان) : أنا لا أطمئن إلى التسوق إلا في المراكز النسائية المغلقة وأرتادها لأنها تناسب مع التقلبات الجوية المتعاقبة . وفيها أيضاً الحرية المطلقة للتسوق بما في ذلك الثقة في اختيار المقاس واللون وقياس القطع المشتراة دون تردد أو خوف من عين رقيب متربص بعورات الآخرين . والمرأة هنا لا تشعر بالضيق من طريق لباس الأخريات  لأنه محتشم .

 ( أم سعود ) تجد في الأسواق النسائية فرصة لاستدعاء القريبات والصديقات اللاتي لا يستطعن الحضور إلى منزلها ولا تستطيع الذهاب إليهن لزيارتهن في منازلهن لأنها تجمع ما بين الصلة والتسوق والنزهة .

 أما ( أم علي ) فتقول : في الأسواق النسائية  لا توجد تحرشات ومضايقات بالقدر الموجود في الأسواق المختلطة رغم أن بعض النساء يرتدين  البنطال والمفتوح والضيّق إلا أن تبرجهن هنا قد لا يلحق بهن الضرر والأذى كالذي ينالهن في السوق المختلط ..ورغم ذلك فما زلت أشعر بخوف من ارتياد الأسواق النسائية لوجود تقنية جوال الكاميرا فمسألة المنع والتفتيش ليست كافية بالنسبة لي .

 وتشعر ( نورة) بالراحة أثناء التسوق في هذه المراكز النسائية لغياب من يُلح عليها بالانتهاء والمغادرة ولأنها لا تشعر بالحرج من البائعة عند شراء الملابس الداخلية ...

 وترى (أم عبد العزيز) اختلافاً واضحاً بين اختيار البضاعة حينما تكون لوحدها في السوق النسائي أو يكون زوجها معها في الأسواق المختلطة لأن وجوده يسبب لها الإرباك والحرج ولا يسمح لها بالكلام مع البائع أو المفاصلة فهو الذي يقوم بكل المهمة .

أزواج يدلون بآرائهم ..

 أمام عدد من الأسواق استطلعنا أراء بعض الأزواج عن سبب تفضيلهم للأسواق المخصصة وتركهم للأسواق المختلطة ، ما هي مميزات هذه الأسواق وما هي سلبياتها ؟

وقد أجمعوا على خُلُوّها ما أي سلبيات .. يقول (عبد الرحمن عبد الله الناشري) : منذ سبع سنوات ونحن نتسوق في هذه الأسواق، والتسوق هنا مريح للغاية كل ما تفعله هو أن تترك زوجتك لتقضي أغراضها ، وأنتما في أمان واطمئنان، أما السلبيات فلا أدرى أي سلبية لهذا النوع من الأسواق .

( عبد الله زاهر الشهري ) يتبنى الرأي نفسه ، ويقول : إنها أسواق مأمونة ومضمونة ، فهي مغلقة والإدارة والعمالة كلها من العنصر النسائي ، وليس هناك ما يدعوني للقلق .. أمّا ( عبد الله محمد الدوسري ) الذي كان في انتظار خروج زوجته من داخل الأسواق ، فقد لفت الانتباه لمناقشة ما يعتبره البعض (( سلبيات )) وقال : أنا مشغول ، ولا يمكنني أن أمنع زوجتي من حقها في التسوق ، ولا  يمكنني كذلك أن أقضي وقتي معها في التسوق ،وهذه الأسواق المخصصة للنساء تحل لي هذا الإشكال تماماً .. أمّا ما يقال من سلبيات وأن الزوجة تستغل غياب الزوج لساعات طويلة فأنا غير مقتنع بهذا الزعم ، لأن لكل شيء حدوداً ، والزوجة مرتبطة أصلاً بزوجها عبر الهاتف والوسائل المتوفرة .

التقاء للعائلات

 ( محمد السيد – أبو عمر ) – مقيم مصري- يؤكد كذلك على ميزات مثل هذه الأسواق وخلوّها – برأيه – من أي سلبيات ، ويقول : عدم الاختلاط يمثّل أكبر ميزة تريحنا ، فليس هناك أي مجال لأي صعلوك أو متلاعب ليتلاعب بأعراضنا ..نحن مطمئنون تماماً لهذه الأسواق ، وهي مغلقة من كل النواحي ، أمّا عن السلبيات فأنا حقيقة لم أر أي سلبية .. وبقول مشابه يتحدث ( سليمان عبد الكريم البحيري )  ويقول : إنه يفضل هذه الأسواق المنفصلة لميزات عديدة من أهمها – كما يرى – أنها تتيح للعائلات التسوق المشترك يقصد المعارف من النساء .

أقطع 35 كلم وأترك عشرات الأسواق

 وأثناء هذه الاستطلاعات وصل (محمد ظافر الشهري ) بسيارتين واحدة معه والأخرى يقودها ابنه ، وفرح كثيراً لمناقشة هذا الموضوع ، لقناعته التامة بضرورة تعميم هذه الأسواق – كما يرى – وقال : جئت من الأحياء (( الطرفية جداً ) لمدينة  الرياض (( طريق الخرج )) وتركت خلفي عشرات الأسواق الكبيرة والصغيرة لأن هذه الأسواق مريحة ومأمونة ، لا أتفهم كيف تؤخذ مقاسات التفصيل النسائية عبر الرجال الذين يعملون في أماكن التفصيل ... الآن داخل الأسواق النسائية تؤخذ المقاسات بارتياح عبر عناصر نسائية ، وهكذا بقية أغراض ومستلزمات النساء . وسألناه عن السلبيات فقال : لا توجد سلبيات ما عدا ازدحام السيارات عند بوابة هذه الأسواق وحيرة الأبوين  هل يكون أطفالهما الصغار مع الأب أم مع الأم ؟ ما عدا ذلك لا أرى أي سلبيات ..

( عبد الله عبد المحسن ) يحضر زوجته للسوق النسائي كي لا يرتبط معها وكي لا يكون أو تكون عرضة لأذى والفتنة .

أما ( ناصر محمد ) فهو يحضر زوجته إلى السوق النسائي لأنه قريب من منزله ولأنه تتخذ بحق جوال الكاميرا إجراءات صارمة تدفع للشعور بالأمان والطمأنينة في قلبه .

ويرى (أبو ثامر ) أن فكرة هذه الأسواق تتوافق مع عادات وتقاليد المجتمع السعودي المحافظ وتخدم الرجل نظراً لكثرة الارتباطات ، إلا أنه يفضّل شخصياً التسوق مع زوجته وأبنائه لاتساع الخيارات في الأسواق العامة بالإضافة إلى أنه يجدها فرصة للترويح والترفيه مع أسرته بخلاف الأسواق النسائية التي لا تسمح بوجوده مع أسرته ، بالإضافة إلى ما يسمع عن ارتفاع الأسعار فيها .

 وأشار ( أبو عبد الرحمن ) إلى أنه يؤيد فكرة هذه الأسواق بشدة لأنها تعتبر حلاً وعلاجاً للظواهر السلبية للشباب في الأسواق العامة التي أصبحت مكاناً لتجمع الشباب المتسكعين ، بالإضافة إلى المرأة تجد خصوصية وحرية في الحركة والشراء بدون حرج موضحاً أن أسعارها ليست مرتفعة بالدرجة الكبيرة خاصة وأن هناك أسوقاً نسائية متعددة منها الشعبية والراقية .

معاناة في المختلطة وغلاء في النسائية

 إقبال النساء على الأسواق النسائية وترحيب الرجال بها لم يأتيا من فراغ فمعاناة النساء في الأسواق المختلطة تكاد تكون موضوعاً يومياً لوسائل الإعلام ، ولم تنجح كل محاولات التوعية المراقبة التي تقوم بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القضاء على هذه المعاناة إلا مقاطعة تلك الأسواق وشراء حاجاتهن – لا سيما النسائية – من المشاغل وتوكيل الأزواج في شراء بقية حاجات البيت .. تقول إحدى هؤلاء النساء : أنا أحاول دائماً أن اشتري احتياجاتي الخاصة من الملابس من النساء اللائي يبعن في البسطات أو من الأسواق النسائية ، البائعون يتكشّفون على ما تريد المرأة شراءَه من بضائع وهي أشياء تخجل المرأة من عرضها على زوجها فكيف برجل أجنبي .

بعض النساء وجدن حلاً في اصطحاب الزوج بحيث يتولى عملية الشراء والتفاوض مع البائع بعد أن تختار زوجته حاجاتها من الأغراض الخاصة مثل الكحل أو حمر الشفاة أو الملابس الداخلية تقول زوجة ممن لجأن إلى هذا الحل : أكثر ما كان يؤلمني أن البائع كان يفرغ ما أدخلته من الحاجات من الكيس ويرفعها ليعرف سعرها أمام كل المشترين وهذا أمر مخجل ، أما البائعون الأكثر وقاحة فلا يتورع الواحد منهم في سبيل الإقناع بالبيع من مدح قطعة الملابس مثلاً أو حمرة الشفاة .. وربما أضاف أحدهم (( إنه يناسب لونك )) أو  (( هذه القطعة ستكون رهيبة عليك !! )) .

حيل لتجنب الحرج

 مكتب العمل وضع شروطاً لبائعي الألبسة النسائية الداخلية ومنها لا يقل عمره من 40 عاماً ليكون أكثر وعياً في التعامل مع النساء ، لكن ذلك لم يقلل من حرج النساء ومعاناتهن في شراء هذه الألبسة ، وللخروج من هذا الحرج تلجأ النساء إلى حيل شتى ، تقول إحداهن : أطلب من البائع شيئاً غير الذي أريده وخلال انشغاله أخذ طلبي من الملابس الداخلية أو أدوات التجميل وأضعها في كيس حتى إذا عاد البائع وجدني عند الخزينة أدفع ثمن ما أخذت .. ويقول أحد البائعين : النساء يتحرجن مني عند ما أعرض عليهن البضاعة أو أخرج ما اخترنه من الكيس لمعرفة سعره ، ولذلك فإني أحضر لهن الصنف وأتركه أمامهن يخترن منه ما يشأن وعند المحاسبة لا أخرج ما اخترنه من الكيس وأكتفي برؤية ورقة السعر

 تروي ( أم نوف ) ما حدث معها في أحد أسواق المختلطة بقولها : مَرّ بنا ونحن في أحد الأسواق الكبيرة شاب يخاطب ابنتي وهي بجواري ويقول: في أمل ؟ أم ما في أمل ؟! فردت بضيق : لا .. ما في أمل !! فأنصرف عنها وتبعتُه وقلتُ له : أتتجرأ على بنات الناس وهن بصحبة أهلهن فماذا أبقيت بعد ذلك ، وما ضرورة وجودي مع ابنتي إذن ؟ هذه وقاحة منك وتعدٍّ على محارم الآخرين وحرج لحيائهم وستجد من يتعدي على محارمك ؟ فانصرفت وهو في شدة الحرج ممن اجتمع حوله .

 تقول زوجة أحد بائعي محلات الذهب : أنقذونا من نساء وبنات هذه الأيام فزوجي ولله الحمد يعرف حدود الله ويعف نفسه إلا أن البنات والنساء لم يتركن أحداً إلا ويحاولن فتنته بكل الطرق وكثيرات منهن تخرج لهذا الغرض .. إحداهن تدخل محل الذهب وتقول : هل لديكم ذهب يباع مجاناً .. ؟ وتضيف : (( زوجي يعاني خاصة احتكاكه – كبائع ذهب – بأيدي النساء وكشف عيونهن وفصالهن في الأسعار والمزاح في الكلام وغيره خاصة عند ما يأتين بدون محرم ويقول زوجها : العفيفة  زيها ينم عنها .. والساقطة تعلن عن نفسها بلباسها المتبرج والعطور التي تملأ المحل عند دخولها ، دخلت علينا ذات مرة واحدة من هؤلاء فقلت لمن معي من الشباب غضوا أبصاركم .. قالوا : هي التي تدعونا إلى ذلك ، وإلا لماذا جاءتنا متعطرة ؟.

 لماذا جاءتنا كاشفة  عينيها متزينة تحدّق فيها ؟!!  ويدعو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  إلى أن تكثف جهودها ويقول : دخلت علينا في إحدى المرات فتاة أخذت تسأل عن أشياء ثم بدأت في المزاح والضحك والتمايل يمنة ويسرة حتى مالت على الواقفين في المحل من المشترين فقمت بطردها من المحل .

أوجه الآباء إلى عدم ترك بناتهم هكذا في الأسواق يجب أن يطلع الآباء والإخوان  على ما ترتديه محارمهم من النساء خاصة الفتيات بطريقة غير مناسبة قبل خروجهن من بيوتهن متبرجات سافرات داعيات الرجال إلى الاحتكاك بهن .. فأين القوامة ؟ ..أين الرجولة ؟

 وتقول : ( م . ل) : ذهبت أنا وابنتي متسترات إلى السوق وفي المحل جئنا لنفاضل أنا وابنتي بين ألوان البلوزة فتدخل البائع قائلاً : هذه تليق على لون بشرة البنت أكثر،فرميتها له بسرعة وتركنا المحل على الفور .

( س. س ) تقول : كنت أتسوق مع ابنتي (15 سنة ) في أحد الأسواق لم يبد مني أي شيء لكن البائع وهو يعطيني التنورة لمس إصبعي من على القفازات لمسة مقصودة غرضها دنيء ، فخرجت بسرعة وأنا أبكي لأني وضعت نفسي في هذا الموضع المشين ولو أن الأسواق النسائية توفر لنا كل احتياجاتنا ما جرحت مشاعر نساء المسلمين وحياءهن .

 وتشتكي ( أم ياسر ) من طريقة زوجها في التسوق التي يضطر إليها في الأسواق المختلطة وتقول : أثناء تسوق زوجي معي تطغى العصبية والاستفزازية على تصرفاته وألفاظه وربما خرجنا من السوق دون أن أنتهي من التبضع .

أما ( نجلاء العقل ) فزوجها يطلب منها تحديد الحاجة والغرض قبل الخروج من المنزل ويُطالبها بمحاولة إيجاد الحاجة في محل واحد بقدر الاستطاعة الويل لها أن دخلت عدة محلات على حد زعمها !! 

 وتلاحظ ( نور الشهري ) أن بعض بائعي المحلات المختلطة يتصفون بالجرأة وقلة الحياء مما يدفع المرأة للهرب واللجوء إلى الأسواق النسائية المعزولة لأن التعامل فيها سيكون من امرأة إلى أخرى دون حرج

 وتوافقها ( أم سعود ) في الرأي وتذكر قصة حدثت لها مع أحد بائعي الملابس الداخلية النسائية وتقول : في أيام زواجي الأولى ذهبت أنا وزوجي إلى أحد المحلات وبدأ البائع بعرض الملابس  الفاضحة بكل وقاحة ونشرها بشكل ملفت على الطاولة مما أشعر زوجي بالحرج وشدني للخارج بهستيريا واضحة  .

الأسواق النسائية خلّصت المتسوقات من هذه المعاناة ، تقول واحدة ممن يرتدن هذه الأسواق : عند ما أتعامل مع امرأة مثلي فهذا أفضل حيث يمكني فحص المشتريات جيداً ومساومتها على السعر كما يمكنني التجول في جميع المحلات لأجد ما أبحث عنه من حاجات بلا حرج فأنا وسط نساء مثلي .. وتقول أخرى : في الأسواق  العامة كنت أضطر لشراء البضاعة بسرعة أو تحت إلحاح البائع أو ضغط زوجي لكن ذلك لا يحدث في الأسواق النسائية فلا حرج من البائعة ولا استعجال في قرار الشراء .

 الراحة والخصوصية اللتان تجدهما النساء في الأسواق النسائية لم تنفيا شكواهن من بعض السلبيات في هذه الشكاوى إلى نوعين : في الأسواق النسائية العادية يشتكين من غلاء الأسعار  وعدم توفر كل ما يحتجنه فيضطرون للذهاب إلى الأسواق العامة .

 أما في الأسواق الراقية فيشتكين  من جنون الأسعار وعدم معقوليتها ، فهل يتصور  أحد أن يصل سعر الحذاء إلى عشرة آلاف ريال وسعر فستان الزّفاف إلى 30 ألف ريال وسعر ساعة اليد إلى 50 ألف ريال !

 هذه الأسعار الجنونية جعلت بعض النساء يرتدين هذه الأسواق لمجرد النزهة .. تقول إحدى هؤلاء في أحد الأسواق الراقية  لا آتي إلى هنا للتسوق  بل لتناول  الآيس كريم وشرب القهوة  ومقابلة صديقاتي ، وملاعبة أطفالي ، وتقول أخرى : الأسعار هنا غير معقولة ولا أفكر في التسوق من هنا بل آتي للترفيه وشرب القهوة .

منشطات جنية وبضاعة مجهولة

وتشير ( أم سليمان ) إلى ما أسمته أموراً خطيرة تحدث في الأسواق النسائية قد غفل عنها المسئولون عن أمن هذه الأسواق ففيها تعرض البائعات مستحضرات ومركبات مجهولة المحتوى والمصدر ويدعين أنها ذات تأثير فعَّال للعلاقة الزوجية وكذلك البشرة والجسد وتُباع بسرية وخفية !  وبأسعار زهيدة أيضاً وتضيف أم سليمان أن البضاعة في هذه الأسواق مكررة من محل لآخر ويطغي عليها القِدم ..

أما ( هيفاء ) فهي تأتي إلى هذه الأسواق للاجتماع بالقريبات ليس إلا !!

 وتقول إن بضاعتها لا تناسب حشمة المرأة الخليجية وأن البائعات فيها يتمتعن بكثير من الإلحاح والفظاظة ما يدفع بالزبونة إلى الشراء للتخلص من إلحاحهن المزعج !!

وتقول ( سعاد سليمان ) : هذا النوع من الأسواق لا يخلو من السلبيات !! فغالباً ما تكون البضاعة قديمة وغير متجددة وأسعارها مرتفعة مقارنة بالأسواق الأخرى ، أما دورات المياه فيها تعاني الإهمال والقذارة .

 

الدكتور ( عبد الله الجاسر – أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض ) يشير إلى أن الأسواق النسائية ظاهرة تاريخية معروفة في مجتمعنا ففي الرياض كان يوجد سوق يسمى (( سوق الحريم )) قبل أكثر من 30 عاماً ، فالأسواق النسائية إذن ليست ظاهرة مستحدثة وتاريخياً كان النساء يبعن في الأسواق مند أقدم العصور .

 ويشير الدكتور ( عبد الله سير المباركي – رئيس قسم الاجتماع بجامعة الإمام ) إلى أن الأسواق النسائية يتوفر فيها الأمان بالدرجة الكافية التي يحتاجها الزوج والزوجة أما الأغراض والمستلزمات النسائية الخاصة ، فإنه يؤسفنا أن تباع بواسطة الرجال وكان من المفترض أن يصدر قرار بيع هذه المستلزمات بواسطة المرأة منذ فترة طويل .. المرأة في الأسواق الخاصة بالنساء تأخذ راحتها .

الأسواق النسائية هل تشعل حمى التسوق ؟!

 يميل الكثيرون إلى الربط بين النساء والإسراف إلى درجة اعتبار الأخير ظاهرة نسائية بامتياز .. الأبحاث والدراسات التي أجريت حول ما يسمى بهوس التسوق أو حمى التسوق قد تعطي الحجة لهذه المقولة .

 ونساء الخليج لسن استثناء من هذه المقولة أو التهمة بمعنى أدق ، فالأرقام تقول أنهن ينفقن 3 مليارات ريال لشراء العطور سنوياً و15مليون ريال على صبغات الشعر إذ يستهلكن منها 445طن ، أما أحمر الشفاة فيستهلكن منه 600طن إضافة إلى 50 طن من طلاء الأظافر 

إذا كان الأمر كذلك فهل ستؤدي الأسواق النسائية إلى مزيد من هذه الحمى ، ومزيد من الأطنان من احتياجات النساء وبالتالي مزيداً من المليارات المهدرة ؟

 حتى الآن لا يستطيع أحد أن يتهم الأسواق النسائية بالمسؤولية عن شيء من هذا الهدير ، فمعظم النساء يشترين حاجاتهن من الأسواق العامة ، وحمى التسوق تصيب المرأة الغربية كما تصيب المرأة العربية ، رغم أنه لا توجد أسواق نسائية هناك ، لكن ما هو جدير بالملاحظة ما كشفته الأبحاث من أن المرأة يسهل خداعها من قبل البائع إذا كانت بمفردها ، وأن أكثر من يوصف سلوكهن التسوقي بالحمّي  يخفين ما اشترينه عن أزواجهن فقد كشفت دارسة لمؤسسة لانيس آند ليسنز أن 75% من عينة النساء اللاتي استطلعت آراءهن قلن : إنهن يخفين ما أنفقنه من الأموال على مشترياتهن . السلوك نفسه يحدث لدى النساء العربيات .

أحد استطلاعات الرأي الذي أجرته مؤسسة إعلامية في الخليج يؤكد ذلك  تقول موظفة في هذا الاستطلاع : أرفض بشدة إطلاع زوجي على ما اشتريته وأمزق الفاتورة أو أخفيها بعيداً عنه حتى لا يشعر بالإحباط عند ما يتعرف على نفقاتي .. وتدعو أخرى كل امرأة إلى أن تخفي نفقاتها الخاصة عن الزوج – لا سيما – إذا كانت عاملة – حتى ترتاح ويرتاح زوجها على حد قولها .

وتقول ثالثة : أخفي السلع التي أشتريها عن زوجي ولا أشعر بالخجل من ذلك فهذه الأمور خاصة بالنساء لا يفهمها الرجال الذين يجب تثقيفهم حول حاجات النساء الخاصة .

  و يعترف البائعون  في ذلك الاستطلاع أن أكثر زبائنهن من النساء يرفضن اصطحاب أزواجهن أثناء التسوق وأن ذلك يمثل فرصة ذهبية لهؤلاء البائعين في إقناع المتسوقات بشراء السلع الغالية .

 نفى (د. الجاسر ) أن تتسبب كثرة الأسواق النسائية في إشعال حمى التسوق لدى النساء . فإسراف بعض النساء في التسوق لا يرجع إلى تسويقهن من أسواق نسائية بل إلى أسلوب التسوق نفسه ، فالمسرفة مسرفة سوء تسوقت من سوق نسائي أو سوق مختلط .

وأيده في ذلك الدكتور ( عدنان جعفر آل حسن ) بقوله : معظم النساء السعوديات يتسوقن منفردات وبدون أزواجهن في الأسواق التقليدية وهو ما يفعلنه أيضاً في الأسواق النسائية قد تشعر المرأة بالخصوصية وبالسهولة في التعامل مع البائعات من النساء مما يؤدي إلى زيادة مشترواتهن .

 هل تجعل الأسواق النسائية من البائعات فئة ذات أسهم مرتفعة في سوق الزواج ؟ يجيب الدكتور الجاسر : ربما : فالمرأة ذات الدخل عامل جذب للشباب الباحث عن الزواج ، لكن الدخل ليس هو المغناطيس الوحيد في هذا المجال .

 وأكد ( د. الجاسر ) أن الأسواق النسائية لن تصبح بديلاً للأسواق المختلطة وتوقع استمرار النوعين معاً ، وقال : إن ذلك من صالح المستهلك لأن ذلك يعني تعدد البدائل أمامه . كما أن التنافس بين النوعين من الأسواق سيؤدي إلى تقديم أفضل السلع والخدمات بأقل الأسعار .

 وقال (د. آل حسن ) : لا غنى للمرأة عن الأسواق التقليدية ، لأنه وحتى هذه اللحظة لم توفر الأسواق النسائية جميع ما ترغب به المرأة بالإضافة إلى أن الأسعار في الأسواق النسائية مرتفعة ولا تتناسب مع الطبقة العادية في المجتمع ، وبالتالي فإنه من السابق لأوانه الحديث عن زيادة الطلب على إيجار محلات جديدة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار أكثر مما هي عليه الآن .

 مديرة أسواق تولان :

الأسواق النسائية تلبي حاجة ملحة للمرأة

 التقينا ( أم فيصل – مديرة أسواق تولان ) التي بادرتنا بالقول :

 إن الأسواق النسائية استجابة ملحة لحاجة المرأة المسلمة إلى الخصوصية وتجنبها مخالطة الرجال في الأسواق العامة ، فمعاناة النساء من هذا الاختلاط لا يختلف عليها اثنان . وعن جوانب الجذب في الأسواق النسائية قالت ( أم فيصل ) : هذه الأسواق تقدم للمرأة احتياجاتها الخاصة واحتياجات أسرتها في مكان واحد ، كما أنها تتضمن أماكن للترفيه وألعاب الألطاف وأخرى للمطاعم وثالثة للجلوس ، أي أنها تمثل بيئة متكاملة للتسوق والتنزه والترفيه في آن ، ونفت ( أم فيصل ) المخاوف التي تتردد من تحول الأسواق النسائية إلى ساحات لعرض الأزياء وقالت : إن تجربتها مع هذه الأسواق تؤكد أن معظم مرتادات هذه الأسواق من النساء المحافظات .

 سألنا ( أم فيصل ) عما إذا كانت الأسواق النسائية تزيد من حمى التسوق لدى النساء ، أو تتحول إلى مجرد متنفس للمرأة للفرجة والترويح عن النفس كهدف رئيس بعيداً عن الشراء والتسوق فقالت : إن تسوق المرأة تحكمه ميزانيتها وليس المكان الذي تتسوق منه ، وبالتالي فمن تتصف بالتبذير وحمى التسوق ستفعل ذلك في السوق المختلط أو في السوق غير النسائي ، أما ترويح النساء عن أنفسهن في الأسواق النسائية فذلك  ميزة لتلك الأسواق وخدمة تقدمها إلى المرأة ، ما العيب في أن تروّح المرأة عن نفسها في بيئة نسائية خالصة .

 واعترفت ( أم فيصل ) بارتفاع الأسعار في الأسواق النسائية  لكنها سوَّغت ذلك بجودة  البضاعة ، وغلاء الإيجارات .

 وفي النهاية أكدت ( أم فيصل) أن الأسواق النسائية في تزايد مستمر مما يعني أنها تجربة ناجحة تلبي مطلباً لدى النساء ، لكنها اعترفت أن تلك الأسواق لن تقضي على الأسواق المختلطة أو المجمعات التجارية .

 

الأسواق فرص جديدة لعمل المرأة

 هل تقدم الأسواق النسائية فرصاً جيدة لعمل المرأة وتساهم في القضاء على بطالة النساء ؟ سؤال ربما لا يحتاج إلى إجابة ، لكن المدهش أن المتباكين على بطالة المرأة الداعين إلى زج النساء في كل عمل وفي كل مكان لم نسمع لهم صوتاً وسكتوا عن الكلام المباح في هذا الموضوع ، فما يهمّهم هو أن تعمل المرأة سفيرة ووزيرة وقاضية وشرطية وجندية كما يحدث في الغرب ، وإلا فنحن نضطهد النساء ونضيق عليهن .

 يحذرنا الدكتور ( عبد الرحمن العشماوي – الأكاديمي والشاعر المعروف ) من الانسياق وراء الحديث عن بطالة المرأة ويقول :

إن دراسة متميزة للأميرة الجوهرة  بنت سعود آل سعود خلصت إلى أنه لا توجد نسبة مئوية رسمية لمعدل بطالة المرأة ، ولم تصدر عن أية جهة في البلاد دراسة معتمدة عن معتمدة عن معدل هذه البطالة وكل ما يتداول حول هذا الموضوع ادعاءات وتهويلات وتهويمات ويؤكد (د. العشماوي)  أن عمل المرأة في المملكة له طابعة الخاص وأن التباكي المصطنع على وضع المرأة في بلادنا يحتاج إلى وقفة واعية حتى تنطلق على بصيرة وروية .

 أما الدكتور (نورة بنت خالد السعد ) فتحذر من الاختلاط بين الرجال والنساء في مواقع العمل ، وتدعو إلى اتخاذ ضوابط في تنفيذ قرار قصر البيع في محلات المستلزمات النسائية على المرأة ، حتى لا تختلط البائعات بأصحاب المحلات ولا ببقية البائعين في المجمعات التجارية وترى أن الحل في ذلك يمكن في قصر بيع مستلزمات النساء على محلات في الأسواق النسائية بحيث تكون مجالاً خاصاً لعمل النساء وفي معارض مغلقة للنساء حيث لا علاقة بين البائعات والرجال ولا بين البائعات والتجار ، ورغم أن الأسواق النسائية تقدم فرص عمل جديدة للنساء إلا أن نورة السعد ترى أن الأهم هو توظيف الشباب فهم المسئولون على أسرهم وليس النساء .

 يبدي الدكتور ( علي الحكمي – أستاذ  الاقتصاد بجامعة الملك سعود ) خشيته من أن يكون التوسع في الأسواق النسائية استجابة لسلوك التقليد الذي يشيع بين التجار  دون دراسة مسبقة أو تخطيط كما حدث مع كبائن الاتصالات الهاتفية التي ملأت الأسواق ثم أغلق معظمها بعد ظهور بطاقة وجوال الاتصال الهاتفي مسبق الدفع . صحيح أن الأسواق النسائية ظاهرة قديمة لكنها لم تأخذ حقها من الدراسة والتنظيم .

 أما الأستاذ ( عبد الله عبد الرزاق الحمود – قسم الاقتصاد العلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) فيتناول بالتحليل إيجابيات وسلبيات الأسواق النسائية من الناحية الاقتصادية فيقول :

طبعاً أي سوف قبل أن ينشأ تعد له جدوى اقتصادية من أرباح وتكاليف تشغيل وغيرها من تكاليف الإنشاء ابتداءً ، ومن أهم مزاياه تشغيل الأموال الخاصة بالنساء ، ومن الناحية الاقتصادية فإننا ننظر إليه أيضاً من ناحية توفير الوقت للأزواج ليتضاعف إنتاجهم في أماكن عملهم بدلاً من أن تهدر طاقاتهم مع زوجاتهم في الأسواق ، ولا تحضرني هنا أرقام بحجم الفوائد الاقتصادية المترتبة على قيام الأسواق الخاصة بالنساء ؛ لأنه – إلى الآن- لم تجر دراسات ميدانية وأكاديمية مشتركة .

 أما المعايب الاقتصادية فهناك إمكانية ارتفاع الأسعار بسبب قلة وعي النساء بالأسعار ، وبسبب أن المرأة أقل مراعاة للصرف بمجاراتها لمعارفها عن طريق المباهاة فتشتري وفقاً لصراعات الموضة وهنا تدخل عوامل فنون التسويق التي يعتمد بعضها أساليب خادعة يتضرر منها الأزواج ، من ناحية أخرى فإن النساء لا يعرفن (( محاجة ) البائع لتخفيض الأسعار هذا فضلاً عن إمكانية رفع أسعار إيجارات المحلات داخل هذه الأسواق .

 ولا يتوقع ( د. الحكمي ) أن تؤدي الأسواق النسائية – أو قصر البيع في محلات المستلزمات النسائية على المرأة – إلى تقليل البطالة بين النساء ويقول : أين البائعة السعودية التي ستقبل العمل في محل لدوام 10 ساعات وأكثر  مقابل ألف ريال أو ألف وخمسمائة ؟!  وإذا ألزم التجار من أصحاب المحلات برفع الرواتب فهل تستطيع كل المحلات الاستمرار أم معظمها سيغلق ولا سيما المحلات الصغيرة  كما حدث في محلات بيع الخضروات ..

 إن معدل التوظيف في الأسواق منخفض ، والسعودة مطلوبة في المحلات الرجالية  والنسائية على السواء فالبطالة بين الشباب أكثر خطورة وأدعى للمعالجة بخطوات أسرع .

 ويؤيده ( أ. الحمود ) بقوله : قصر بيع المستلزمات النسائية  الخاصة على النساء ، سيحدث أضرار اقتصادية لعدم استقرار مثل هذه الوظيفة ، بمعنى أن المرأة قد ترفض هذه العمل فيضطر صاحب العمل لزيادة الرواتب ، وهذا بلا شك سينعكس على أسعار البيع ، والمتضرر في نهاية الأمر هو المستهلك ، من ناحية أخرى فإن عدم استقرار العمل يؤثر  على الجودة وعلى قلة المبيعات حال عزوف المرأة عن العمل أو عن الشراء بأسعار مرتفعة .

 لكن ( د. آل حسن ) له رأي مختلف يصب في اتجاه تأكيد الآثار الاقتصادية الإيجابية للأسواق النسائية ، يقول آل حسن : أهم أثر اقتصادي للأسواق النسائية  هو خلق فرص وظيفة للنساء السعوديات خاصة أن عمل المحلات التجارية لا يتطلب مؤهلات علمية بقدر ما يتطلب تدريباً وتأهيلاً . .

 وهو ما يدعم فرص ومجالات عمل المرأة بتدريب وتأهيل السعوديات للعمل في هذا المجال من خلال برامج يعدها ويدعمها صندوق تنمية الموارد البشرية والتنظيم الوطني للتدريب المشترك ومجلس الغرف التجارية الصناعية ومراكز التدريب الأهلية النسائية .

  وفي السياق نفسه يؤكد ( د. المباركي ) أن قصر العمل على المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية يتيح تشغيل المرأة لتحصل على دخل مناسب تعول به الأسرة ، وأضاف : أشدد على أن يكون توظيف المرأة وفقاً  لضوابط الشريعة بمعنى ألا تبيع وسط الرجال . وأحتاج شخصياً لإجابات على الأسئلة الآتية :

هل ستكون هذه المحلات التي تبيع فيها المرأة داخل أسواق مركزية مفتوحة ؟ أم ستكون داخل أسواق خاصة بالنساء فقط ؟ أم بالأسواق الخاصة بالعائلات فقط ؟ ولكن القرار تحدث بعموم وهو ما لا نستطيع التفصيل في إيجابياته أو سلبياته .

 وعن غلاء الأسعار في الأسواق النسائية قال ( د. الحكمي ) :

 الأمر يرجع على مستوى السلع ومستوى السوق وذهنية المرأة المتسوقة ، ولو أغلقنا الأسواق النسائية ، بل وكل الأسواق لما توقفت حمى التسوق عند بعض النساء ورغبتهن في المباهاة والتفاخر ، وليس صحيحاً أنّ وجود مع المرأة في الأسواق المشتركة يمثل كابحاً لسلوكها التسوقي ، فأغلب النساء يتسوقن بدون الأزواج .