كيف تزيد من قدرة استيعابك لما تقرأ

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : alm7b | المصدر : www.z7mh.com




التعليم والتثقيف يعتمد بشكل أساسي على الكتب؛ لذا من أراد أن يتعلم ذاتياً أن يتقن مهارات القراءة الصحيحة، فالقراءة مهارة وفن لا يجيده كثير من الناس، فكم من القراء الذين يبذلون جهداً وأوقاتاً طويلة في القراءة، ومع ذلك فإن حصيلتهم قليلة جداً. ولاشك أن الخلفية العلمية والثقافية للشخص لها أثر كبير في عملية الاستيعاب، إلا إن طريقة القراءة وكيفية التعامل مع الكتاب تؤثر بدرجة عالية في مستوى الفهم والاستيعاب.

وفي هذه المقالة سوف يكون حديثي عن كيفية القراءة والذي تعتبر محور أساسي في عملية الاستيعاب. فالقراءة مهارة تكتسب بالتعلم وتتطور بالممارسة والتمرين، وبقدر ما تكون مهارتك عالية بقدر ما يكون استيعابك لما تقرأ عالياً. وسأذكر باختصار بعض القواعد الأساسية في كيفية القراءة الصحيحة، فإن معرفة القواعد يشكل مرونة أو على الأقل هي شرط لاكتساب المهارة.

قبل القراءة:

أولاً: القراءة الفعالة تبدأ قبل القراءة، فالقارئ الجيد يحدد هدفه من القراءة، فقبل كيف تقرأ، أسأل: لماذا أقرأ؟ ما الهدف من وراء قراءتي؟ وقد حدد خبراء القراءة ستة أهداف رئيسة للقراءة لا يكاد القارئ يخرج عن هذه الأهداف:

أـ لفهم رسالة محددة
ب ـ لإيجاد تفاصيل هامة
جـ ـ للرد على سؤال محدد
د ـ لتقييم ما تقرأ
هـ ـ لتطبيق ما تقرأ
و ـ للتسلية والمتعة

ومعرفة الهدف ووضوحه في الذهن أمر أساسي وضروري لعلمية الاستيعاب والفهم. فحدد هدفك قبل القراءة، فإذا كان هدفك أن تقرأ من أجل القراءة فقط، فأجهد نفسك قليلاً لتخرج بسبب أفضل، فالقراءة مع هدف محدد هو بأهمية فهم ما تقرأ. وفي قراءة الكتب الشرعية يجب أن يكون هدفك مرضاة الله ـ عز وجل ـ ، فلا تقرأ العلم الشرعي من أجل تماري به السفهاء أو تكاثر به العلماء أو تريد أن تصرف به وجوه الناس إليك فإن ذلك يقودك إلى النار عياذاً بالله من ذلك.

ثانياً : حدد المكان الذي سوف تقرأ فيه الكتاب. ويشترط في المكان أن يكون خالياً من الملهيات والصوارف التي تعيقك أو تقطع عليك تركيزك خلال القراءة. وكذلك لابد أن يكون المكان بعيداً عن الضوضاء والإزعاج فالقراءة نشاط فردي تتطلب هدوءاً لزيادة درجة الاستيعاب. فاختر المكان الهادئ، على أن تكون إضاءة المكان صحية.


واجعل كل ما تحتاج إليه من أدوات أساسية كالأقلام والأوراق والملفات في هذا المكان قريبة من متناول يدك، فكثير من الوقت يضيع في البحث عن الأساسيات التي تحتاجها مما يسبب إزعاجاً وإرباكاً. وأفضل مكان للقراءة هو المنزل فخصص مكان فيه للقراءة، وبإمكانك أن تقرأ في أماكن أخرى هادئة كالمكتبة مثلاً إلا إن هناك قيوداً تجعل القراءة في هذه الأماكن صعبة فالمكتبة تغلق الساعة التاسعة وأنت لا زلت تشعر بنشاط ورغبة في القراءة، وتفتح في وقت متأخر، بالإضافة أنها قد تكون بعيدة عن المنزل مما يعني ضياع كثير من الوقت في الذهاب والإياب. كما أن القراءة في المنزل لها أثر سلوكي تربوي ينعكس على الأبناء في حب القراءة.

ثالثاً: حدد طريقة قرأتك مع الكتاب فهل ستكون قراءتك متقيدة بالزمن أم بالكمية، وأعني بالزمن هل ستقرأ مثلاً نصف ساعة من الكتاب يومياً بصرف النظر عن كم قرأت من الكتاب، ففي هذه الحالة يكون الاهتمام بالوقت، أم أن قراءتك تهتم بالمقدار، فمثلاً تقرأ عشرين صفحة يومياً ـ مهما أخذت من وقت ـ فالاهتمام للكمية وليس للوقت. أم أنك ستقرأ خلال يومين أو ثلاثة قراءة مستمرة دون انقطاع. يجب في البداية أن تحدد طريقة تعاملك مع الكتاب لكي تحدد زمن الانتهاء وتستطيع تقييم نفسك هل أنت منضبط بوقتك أم لا؟ وهل أنت قارئ جيد أم لا؟

رابعاً: اقتن الكتاب الذي يحقق لك هدفك، فمثلاً لو أردت أن تقرأ عن العولمة فإنك ستجد كتب كثيرة تناولت موضوع العولمة بطرق مختلفة. يجب أن تكون أكثر تحديداً، ماذا تريد عن العلومة؟ هل تريد فقط معرفة عامة لمعنى العولمة دون الدخول في الجزئيات والتحليلات الدقيقة؟ فهنا يكفيك كتاب مختصر تقرأ فيه الخطوط العريضة عن العلومة. أما أنك تريد التوسع في معرفة العلومة ودراستها دراسة تحليله ومعرفة منطلقاتها وأهدافها وآثارها على العالم برمته. فهنا لابد أن تبحث كتاب شامل واسع؛ بل أحياناً يتطلب الأمر أكثر من كتاب لتحقيق الهدف. فكن متقناً في اختيار الكتاب.وكما يراعى في اختيار الكتاب أن يكون متوافقاً مع مستواك المعرفي أو أن يكون لديك القدرة في استيعاب ما فيه.

خامساً: قبل شراء الكتاب اجعل لك عادة أن تقرأ فهرس الكتاب ومقدمته والخاتمة وما كتب خلف الكتاب ومقتطفات سريعة ومختصرة من ثنايا الكتاب. فهذه القراءة لهذه المواقع تبين لك: هل أنت بحاجة لشراء هذا الكتاب؟ وهل الكتاب يحقق هدفك؟

وتبين لك أيضاً ـ من خلال هذه النظرة السريعة ـ جودة قلم الكاتب. فإن الكتاب الجيد المتقن السبك له أثر كبير على الارتقاء بالمستوى الفكري والبلاغي القارئ، بالإضافة ما يشكله من أثر عميق في ثبات أو تغير أو تزعزع قناعات القارئ، لهذا احرص دائماً باقتناء الكتاب الرصين في عباراته، المحكم في معانيه. ويعرف الكتاب القيم: بسلامة عقيدة مؤلفه، فالكاتب لا يكاد يخرج عن معتقداته وتصوراته. وكذلك عن طريق معرفة الكاتب وعلاقته بالموضوع فهل هو متخصص فيما كتب أم متطفل. وكذلك عن طريق استشارة أهل التخصص عن الكتاب وعن أفضل ما كتب في مجال تخصصهم. فإن هذا يعينك على تجاوز كثير من الوقت والجهد.

سادساً: حدد جدول زمني ثابت للقراءة، وإن كان القارئ الجيد يقرأ في كل وقت؛ ولكن لوجود أعمال أخرى ضرورية في حياتنا فإننا بحاجة شديدة إلى تحديد وقت زمني يومي ثابت للقراءة. واجعل هذا الوقت المخصص للقراءة في الفترة التي تقل أو تنعدم فيها المقاطعات والصوارف، على أن يعلم جميع أفراد أسرتك وأصدقائك بهذا الوقت المخصص للقراءة كي يعينوك في في الاستمرار.

سابعاً: لا تذهب إلى القراءة وأنت في حالة عصبية منفعلة، أو تشعر بالضغط النفسي والإكراه فإن عملية الاستيعاب تعتمد بدرجة عالية على مقدار حضورك الذهني. احرص دائماً أن تقرأ وأنت بشوق ومحبة للقراءة. فقراءة الراغب المحب ليست كقراءة المكره المضطر. اجعل عقلك ومشاعرك وعواطفك تدفعك إلى القراءة، انطلق إلى القراءة بكلك لا ببعضك لكي لا يتشتت ذهنك وتضيع وقتك. وقد حذر أسلافنا من القراءة في حالات انشغال البال، فيقول الكناني رحمه الله:" ولا يدرس في وقت جوعه أو عطشه أو همه أو غضبه أو نعاسه أو قلقه، ولا في حال برده المؤلم، وحره المزعج، فربما أجاب أو أفتى بغير الصواب، ولأنه لا يتمكن مع ذلك من استيفاء النظر" فالقراءة نشاط ذهني يشترط فيها هدوء الذهن واستقراره كي يفهم ما يقرأ.

ثامناً: فكر كثيراً في الكتاب، وحاول دائماً أن تحدث نفسك عن قراءة الكتاب الذي اخترته، وأنك سوف تنهيه في الوقت المحدد، حدّث نفسك أنك لن تجعل أحد يعوقك عن المضي في مشروعك هذا، اجعل الدافع ينبعث من ذاتك لكي يكون أدائك أكثر إبداعاً. ومما ينبغي ذكره، ويجمل العمل به هو الاستعانة بالله عز وجل ودعاءه في قراءة هذا الكتاب والاستفادة منه، فالاعتماد على الله عز وجل من أقوى الطرق في تحقيق ما تصبو إليه مع سلوك ما أمر الله به من اخذ الأسباب الصحيحة لتحقيق ما تريد.



خلال القراءة:

أولاً: لا يكن همك من القراءة إنهاء صفحات الكتاب؛ بل اجعل الغاية هي فهم ما بين يديك، ومن العبارات المشهورة الصحيحة: لا تسأل كم قرأت ولكن كم فهمت، فإذا كان هدفك إنهاء الكتاب فقط فإنك بهذا تسعى إلى إجهاد نظرك من غير طائل، والقراءة الجيدة الإيجابية يجب أن يصاحبها التفكير والاستنتاج وأعمال الفكر في المقروء فالهدف الأساسي من القراءة هو فهم ما تقرأه، ولا يتم الفهم إلا بالتفكير في المقروء، ووضع الأسئلة واكتشاف الأجوبة من خلال القراءة.
وخلال قراءتك ستجد أشياء لا تستطيع فهمها، فلا تتذمر أو تتضجر فهذا أمر طبيعي يحدث لكل واحد منا، ولفهم ما أشكل عليك حاول قراءة ما استعصي عليك مرة أخرى ولكن بطرقة مغايرة:

· دوّن في ورقة خارجية تلخيصاً لما قرأت.

· اقرأ بصوت مسموع وببطء.

· حاول أن تتخلى عن استنتاجك السابق واقرأ بنظرة جديدة ومغايرة.

إذا لم تفهم فلا تيأس، استمر في قراءتك فهناك احتمال كبير أن تفهم هذه الإشكالية بعد الانتهاء من قراءة الكتاب.