الأسباب الجالبة للمحبة
هذا الفصل هو أهم الفصول … وهو بيت القصيد وحجر الزاوية .. لأنه سيضعك على المحك تماما .. وسيضع بين يديك أمورا يمكنك أن تزن نفسك على ضوئها .. هل أنت جاد في طلب تحصيل محبة الله جل جلاله .. ؟
فهذا هو الطريق إذن .. وعلى ضوء ذلك تحرك وامض في هذا الطريق السالك نحو الفردوس .. بل نحو جنة معجلة في دنياك ، قبل جنة الآخرة .. وباله التوفيق فاقرأ متأملا .. ثم حاسب نفسك على ضوء ما تقرأ .. في الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها وهي عشرة أحدها : قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد .. كتدبر الكتاب الذي يصل إلى إنسان من مسئوله في العمل ، فهو يقرأه بعناية وتركيز ، ليتفهم مراد صاحبه منه ، وينفذ منه ما يريده منه .. الثاني :التقرب إلى الله بالنوافل ( بعد الفرائض ) .. فيقبل عليها في همة .. فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة .. ففي الحديث : ولا يزال عبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ….الخ الثالث :دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر .. فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره ، وانشغل قلبه به .. الرابع :إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى .. والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى .. فحين تواجه الإنسان مواقف فيها فتنة هوى ،
عليه أن يتذكر جيدا : أن علامة محبة الله أن يغالب هواه من أجل الله ..
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه .. الخامس :مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها .. وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها .. فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة .. السادس :مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة ، فإنها بالضرورة داعية إلى محبته .. فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها .. وهذا شيء مشاهد . السابع :وهو من أعجبها ..انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى .. وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات فيبقى القلب في حالة انكسار بين يدي الله بشكل دائم ، مستشعرا الفقر بين يديه ، وشدة الحاجة إليه ، وعدم الاستغناء عنه طرفة عين ، فما من خير هو فيه ، أو يأتيه أو يتوقعه فإن الله هو الموفق له ، والميسر له ، ولولا الله سبحانه ما كان شيء من هذا .. قيل لبعضهم : أيسجد القلب ؟ قال : سجدة لا يقوم منها أبدا .!! الثامن :الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه ، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة . والمراد : الحرص على التهجد والناس نيام ..حين يخلو كل حبيب بحبيبه ،وتكون ساعتها صافا قدميك بين يدي مولاك تتلذذ بمناجاته والشكوى إليه ..ولقد قيل : إذا أردت أن تكلم الله فادخل في الصلاة وإذا أردت أن يكلمك الله ، فاقرأ القرآن ..وصلاة الليل تجمع الأمرين .. التاسع :مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم
كما ينتقى أطايب الثمر .. ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك العاشر :مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل .. فلا يصح أن تملأ قلبك بالأكدار وأنت تنتظر الأنوار !! هذا لا يكون .. ولا يجتمع في قلب إنسان حب الغناء _ مثلا _ وحب الرحمن _ على الوجه الذي يريد . وعلى هذا قس .. فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة ودخلوا على الحبيب .. وملاك ذلك كله أمران : 1 ) استعداد الروح لهذا الشأن .. 2 ) وانفتاح عين البصيرة
وبالله التوفيق