ماذا تعني السرقة؟ السرقة هي الاستحواذ على ما يملكه الآخرون دون وجه حق، وهي عادة يكتسبها الأفراد، أي أنها ليست وراثية أو فطرية، وهي في الوقت نفسه ليست حدثا قائما بذاته، وإنما هي سلوك يعبر عن حاجات نفسية معينة. ويمكن فهم هذا السلوك في ضوء دراسة شخصية الطفل ومعرفة الدوافع وراء لجوئه إلى السرقة. دوافع اللجوء إلى السرقة: قد تكون السرقة لذات السرقة أحيانا، فالطفل قد يرى شيئا يرغب في امتلاكه، إلا أنه يعجز عن ذلك بالطرق الشرعية، فينزع إلى سرقته ويتفنن في إخفاء فعلته إدراكا منه بعدم مشروعية العمل الذي أقدم عليه. وإذا ما نجح الأمر في المرة الأولى ولم يفتضح أمره، عاد لمزاوله هذا الأسلوب كلما دعت الحاجة لسد غرض من أغراضه. ومن هنا ينموا لدى الطفل الميل لعدم احترام ملكية الغير. كما قد تكون السرقة لا بغرض الحاجة أو حب امتلاك الأشياء وإنما بغرض إيذاء الآخرين بغية إرضاء دوافع عدوانية وتطورات أثناء المرور بتجربة معينة. أو أن تكون بغرض الانتقام من شخص أو جهة معينة أو حتى مجتمع بأكمله. وتقسم الدوافع العامة للسرقة إلى: أولا: الدوافع المباشرة (الظاهرة): 1. السرقة لسد الرمق: قد تدفع الحاجة بعض الأطفال إلى السرقة حتى لا يظهروا أمام أقرانهم وزملائهم في المدرسة أو المجتمع بأنهم أقل مكانة منهم. وقد يكون الدافع أحيانا هو الحاجة الشديدة للقوت الضروري. وتعتبر هذه الحالة أسهل الحالات علاجا. 2. السرقة لإشباع ميل أو عاطفة أو هواية: كميل بعض الأطفال لمشاهدة مسرحية معينة أو جمع الطوابع أو التصوير مثلا، وهي هوايات تحتاج إلى المادة للقيام بها. 3. شعور الطفل بالنبذ: وفي هذا النوع يقدم الطفل على السرقة لينفق على زملائه أو رفاقه فيكون محبوبا بينهم. ثانيا: الدوافع غير المباشرة: 1. الانتقام وإلحاق الضرر بشخص معين بكن له الطفل الكراهية والعدوان أو بدافع الانتقام من المجتمع ككل لما يحمله عليه الطفل من غضب ونقمة. 2. الإسراف في الشدة أو في اللين بالنسبة للطفل الذي ينشأ في أسرة تجهل قواعد التربية والرعاية السليمة. 3. الشعور بالنقص وفقدان حنان وعطف الوالدين أو أحدهما. 4. شعور الطفل بالحاجة إلى الملكية. 5. الغيرة، ومثال ذلك سرقة اللعب من أطفال الجيران أو الأقارب أو الأصدقاء بسبب عجز الطفل عن امتلاك مثلها بالطرق المشروعة. ولكن غالبا ما يتلف الطفل الأشياء التي سرقها لهذا الغرض. 6. السرقة لأجل العقاب: قد يشعر الطفل بالذنب جراء عمل شيء ما، فيلجأ للسرقة حتى يعاقب من قبل الكبار. وفي أغلب هذه الحالات يتعمد الطفل أن يجعل سرقته مكشوفة أو ثغراتها واضحة. 7. الظهور بمظهر القوة: وهنا غالبا ما تكون السرقة ليست هي الهدف الذي يطمح إليه الطفل.، إنما هي الرغبة في تحقيق السيطرة على الآخرين. الأعمال الوقائية: لكي نحمي الطفل من الاتجاه نحو هذا السلوك المنحرف في إشباع حاجاته النفسية، لابد من القيام بما يلي: 1. توضيح مفهوم الملكية للأطفال وحملهم على احترامه. 2. إشباع حاجات الطفل النفسية والجسمية. 3. عدم وصف الطفل بالسارق ولو مزاحا. 4. التدعيم الديني والأخلاقي للطفل ومحاولة إقناعه بالقيم الدينية والأخلاقية وترسيخها في نفسه لا تخويفه منها. 5. الظهور بمظهر القدوة أمام الطفل. 6. توعية الطفل عند قيامه بالسرقة لأول مرة بدلا من إهانته وضربه حتى لا يفقد الثقة بنفسه وبالآخرين. الأعمال العلاجية: إن علاج مثل هذا النمط من الانحرافات السلوكية يجب أن يبدأ في مرحلة مبكرة، أي قبل أن تصبح السرقة عادة متأصلة في سلوك الطفل مما يجعل عملية العلالاج أمرا صعبا إلى حد ما. ويمكن أن تتم عملية العلاج هذه عن طريق التفاعل مع الطفل وتكوين علاقات وصداقات وطيدة معه مما يسهل عملية التأثير عليه. ومن ثم يجب على المربي مراعاة علاج حالة الطفل بصورة تتلاءم وحجم المشكلة، وعدم تضخيم الحالة حتى لا تترك أثرا في نفس الطفل يزيد عملية العلاج تعقيدا. كذلك، فإنه من المهم جدا عدم اللجوء إلى الضرب والعقاب الشديد أو السخرية في علاج السرقة، بالأخص في المرات الأولى، بل يجب استخدام أساليب الإرشاد والتوجيه والتوعيه النفسية والأخلاقية. هذا بالإضافة إلى العمل على تكوين الوازع الديني والرادع الأخلاقي لدى الطفل والذي من شأنه أن يحد من الاستمرار في هذا السلوك وبالتالي تسهيل عملية العلاج. ومن جهة أخرى، فإن الاهتمام بحالة كل طفل تبدو على سلوكه الاتجاهات نحو السرقة، ومحاولة التعرف على الأسباب النفسية والاجتماعية والعائلية التي أدت إلى ظهور هذا السلوك يسهم بدور فعال في الحد من تفاقم هذه المشكلة. وأخيرا، فإنه من اللازم ومن الضروري أن يعمل المربون والمعالجون على توفير التعويض اللازم للطفل كي يتمكن من استعادة تكيفه السليم في المجتمع المحيط به.