عالم الطفل من الناحية الأحصائية التسجيلية هو من عمر (0 الى عمر 18).. فهوعالم متكامل له فضاءاتة، وله تجلياتة البريئة، وله طموحاتة، وله أخطاءه، وله مخاوفه.. والأن نتطرق للطفل الذي تجاوز الثلاث سنين الأولى حتى معانقة دور الشباب!. لقد أثبت العلم الحديث أن للطفل قابلية تعلّم (أربع لغات) في اليوم الواحد، وسوف تبقى في ذاكرته، ومن ثم سيستعملها بطريقة الحفظ والنطق السليمين.. والتعليل كون الطفل مثل (فلوبي أو سي دي) فارغ تضع به أي مادة سيستقبلها ويحفظها، ولكن عندما يمتلأ سوف يرفض تلك المواد، ولكن الله تعالى أعطى للأنسان قابلية أن يكون رأسه عبارة عن مكتبة كاملة من الكتب والمعلومات، حيث هناك تجاويف وشرائح في مخ الأنسان تفوق بكثير شرائح أعداد من الكومبيوترات!. ولكن السؤال المهم: كيف نجعل الطفل مدرك، وطبيعي، وله ثقة بنفسه، ويعرف كيف يعبّر؟ هذا لن يأتِ ألا من خلال الأعتماد على ماجاء في الأديان وأولها ( الدين الأسلامي).. وتوصيات سيدنا محمد(ص)، خصوصاً عند أتباع المراحل المنطقية والناجعة في التربية وهي// مرحلة التربية والحنان، مرحلة التعليم السلوكي أي مرحلة التصويب والتأديب، والترغيب والترهيب، ولكن الترهيب ليس بالعصا بل بالعقوبات اللفظية المسلكية مثل// تمثل دور الزعلان عليه، تمنعه من الشوكلاتة والحلوى، أو تقول له لم أشتري لك اللعبة الفلانية// ، ثم تنتقل الى مرحلة نسج علاقة الصداقة للوصول الىالتآخي.. وفي كل هذه المراحل على الأنسان ان لاينسى أن للطفل ( كرامة) لهذا حذاري أحراجة أمام زملاءه، أو أمام الناس، أو أمام الضيوف وغيرهم. أن أستعمال الشدّة مع الطفل في صغره تعطي نتائج عكسية في كبره، لهذا لابد من عدم الضغط على رغبات الطفل وميوله، بل يُترك ليستفيد من تنشأته وتحت المراقبة الأبوية وليس العسكرية، فهنا أذا أستفرغ رغباته، وعرف خيبة أمله، سوف ينقاد لأبويه وأساتذته مختارا وغير مجبورا.. لأن الحجر في الصغر يولد ردّة فعل عند الكبر. فلو نظرت الى البخلاء تجد بينهم من هم في غاية السخاء. وأنظر الى الأشقياء تجد بينهم من هم في غاية الصلاح. وأنظر الى الصالحين وأهل الكرم تجد بينهم من هم على غير وتيرتهم...وهذا يعطي دليل واضح أن القسر والجبر منع هذا الناشيء من التأثير بمحيطه. أن الشفقة قد تمنع كثيراً من تنفيذ الارادات الصالحة في حق الطفل العزيز، غير أن هذه المعزّة تختلف قوّة وضعفاً. ** الطفل عندنا وبمفهومنا...! الطفل بمفهومنا، أي عند معظم العائلات العربية هو رزق من الله وهذه الكلمة الأولى، وبعدها يبدأ خط المسير والذي هو عملية أعوجاج عند معظم المجتمعات العربية، حيث يطغي عنصر الترهيب من لدن الأم والأب أو أحدهما.. وأخطر شيء على الطفل عندما يسمع قولين أو توجهين أو تربيتين مختلفتين وفي آن واحد، واحدة من الأب و واحدة من الأم( واحد يرفع والآخر يكبس) هكذا يُعبّر عنها عربياً..وبما أننا أكدنا من قبل أن الطفل يمتلك قابلية ذكاء كبيرة جدا، فيبدأ يفكر كثيرا في هذه الأزدواجية، ونتيجة هذا التفكير المبكر ستدمر لديه شرائح كثيرة في المخ قد تكون تابعة للذاكره، أو الذكاء، أو الخير، وهكذا تتم عملية تدمير لهذا الكائن الجديد أو الجهاز الجديد( تعبيرا مجازياً للتقريب)... وبالتالي سيكون مرهق وقلق، وهذا سيمتد الى سلوكياتة وتصرفاتة بين أقرانه والتي تكون غير متزنة، وعامل الشك والخوف واردة لديه في أي لحظة. الطفل العربي حال نضوجة ، يسمع كم هائل من الممنوعات، وكل لحظة وساعة ويوم وفترة، ولكن لم يجد تعليل واحد // لماذا هذا وذاك في دائرة الممنوع؟//.. وأن تفوه وسأل ضُرب، أو عوقب بعبارة( أنت غير مؤدب، أو طويل اللسان، ولسانك لازم يُقص، أو هذه أمور لاتخصك، أو أنت بعدك طفل أمض من هنا//.. الطفل يبقى في حالة ذهول وهناك أسئلة كثيرة في رأسه : لماذا ممنوع أمسك هذا السلك؟، لماذا ممنوع أن أدخّن؟ لماذا أنا لا أشرب أو أتناول الحشيش وهذا بالنسبة للشباب الجدد ؟ لماذا ممنوع أمشي مع الذي هو أكبر مني؟، لماذا أنا ممنوع أمشي مع جمال أو أحمد أو عصام؟ ، لماذا أنا لايجوز أن أجلس مع البنات وألعب معهن، لماذا لايجوز أن أتكلم بصوت عالي، لماذا أنا أجلس صامت في حالة وجود الضيوف؟ لماذا لا أضع ساق على ساق عندما والدي أو من يكبرني موجود قربي؟ ووووووكم هائل من الأسئلة المرادفة للممنوعات الكثيرة // أنظروا كم يُجهد الطفل الصغير الغض!//. غياب التعليل والتفسير عند المنع كارثة حقيقية.. تجعل الطفل أو الشاب اليافع يذهب هو بنفسه ويجرّب هذا الممنوع كي يكتشف علّة هذا الممنوع، ويقع في المحظور وربما لايمكن أن يتراجع وتكون الكارثة عليه وعلى العائلة.. والسبب هو النمط التربوي الخاطيء وعدم أحترام شخصية الطفل!... أما مسألة الضرب فهذه مسألة تهشيم للشرائح ( النفسية داخل نفسية الطفل).. نحن نستخدم كلمة شرائح لدقتها المتناهية وهو تعبير مجازي بحت...وهذا الضرب يولد حالة من الأنكسار، والجبن، وضعف الشخصية، والحقد الدفين والشوق لتعويض الكرامة المفقودة عند النضج... كذلك عدم سماع رأي الطفل من قبل الأهل يوّلد عنده شعور بالأحتقار لنفسه، والهروب الى من يسمعه، لهذا ترى فتيات يقعن في علاقات مع أشخاص ليس لغرض الحب أو الجسد بل لأن هذا الشخص يسمعها، ويحاورها، وكذلك الحالة مع الأولاد، ولهذا أحيان كثيرة يكون الصديق أقرب من ( الأب أو الأم) عند بعض الأطفال والشباب. هناك كثير من الآباء أو الأمهات يريدون أن يكون أطفالهم نسخة مكرره منهم، وهذا خطأ شائع وهروب من قول الأمام علي بن أبي طالب (ع)// ربّوا أولادكم غير تربيتكم لأنهم سيعيشون زماناً غير زمانكم//.. نعم أن الحياة في تطور معرفي وتكنلوجي وتربوي وهناك قفزات تحدث كل يوم وفي جميع مجالات الحياة فلا يُعقل أن يكون الطفل نسخة من أبيه أو أمه، ودائما أنا أردد أن // الطفل أفهم من أبيه// ولا أقصد من الناحية التربوية أو التعامل مع الناس في المجلس أو الديوان! ، بل من ناحية مواكبته للحياة الجديدة والقفزات الجديدة وبالتالي هو عنصر هذه المرحلة وليس الأب.. فأنظر مثلا هناك أكثر من 70% من الأباء والأمهات لايجيدون أستعمال الحاسوب ( الكومبيوتر)، ولكن هناك أكثر من 70% من الأطفال يجيدون أستعمال الحاسوب( الكومبيوتر)...وهذا مثل بسيط!. كذلك من الأمور الأخرى هي حُشرية الأهل في رغبات وطموحات أولادهم وبناتهم، حيث الأب مثلا يريد أبنه أن يكون ( طبيبا) ولكن الأبن يكره ذلك ويريد أن يكون ( طياراً).. وهناك أم تريد أبنتها أن تكون ( مهندسة) ولكن البنت تكره ذلك وتريد أن تكون( مدرسة).. ونتيجة هذا يحدث صراع كبير داخل كثير من العائلات العربية... والقضية هي أما مسألة تعويض ما فات الأبوين في أطفالهم، أو مسألة التباهي بين الجيران والأقارب وغيرهم، أو حسابات مادية بعيدة المدى... والضحية هو الطفل أو الشاب أو الشابة كونهم هم من سيدفع الثمن وبالتالي لم يستفد منهم المجتمع لأنهم أمتهنوا مهن لا يحبونها فمات الأبداع ومات التجديد، وتولد الأحباط والملل والنفور... وربما ستتكرر الحالة مع أولاد هذا الشاب أو هذه الشابة لتعويض ما فات، وتستمر اللعبة والضحية الأطفال أو الشباب!. هناك مشكلة أخرى هي أبتعاد الآباء عن أولادهم وتركهم بيد ( الخادمات أو المربيات)، أو تركهم لنظام الروضات، أو عند الأقرباء، ولايلتقون بهم ألا بعض السويعات يكون فيها ( الطفل تعبان والأبوين كذلك) وبالتالي سيحدث تجميد لتجديد العواطف نتيجة الهروب من الواجب نحو اللجوء للنوم والراحة.. وهكذا ولم يفكر قسم من ( الأهل) الذين لديهم هذا النظام نتيجة العمل، أن يستغلوا العطل لتكون للأطفال وهذا حقهم المشروع .. بل كثير من الأهل يستغلون حتى العطل للأجتماعات أو التزوار مع الزملاء أو مع الأقارب أو دعوة الضيوف، متناسين تماما هناك كائن يريدهم، هناك كائن يريد التقرب لهم، هناك كائن يريد أن يسمعهم، ويريد أن يلمس لمسة جنان أبوية منهم.... أن هذا الكائن لا تشبعه ولا ترضيه لمسات أو حنان مؤجّرة من الخادمة/ أو الحنان القادم بالفطرة والخجل والمجاملة من الخالة أو العمّة، أو القادم نتيجة التوظيف من معلمة الروضة التي تنظر الى ساعتها كي ينتهي الدوام الرسمي...!. الطفل في مجتمعاتنا ليس له برنامج غذائي ألا ما ندر، وليس له برنامج نوم، بل تجد الطفل العربي (ينكَز) الى الساعة الواحدة ليلا دون أن يحرص الأهل على تدريبه كي ينام مبكرا كون في اليوم التالي لديه مدرسة، فأكيد سيكون متعب ومنهك في النهار التالي، فتتولد عنده عقدة من المدرسة، وخوف من الفشل، وقلة التركيز!. ** كيف يُعامل الطفل في الغرب! الغرب ليس كما نسمع من تخاريف... بل هناك أسس لتربية الطفل، حيث هناك عملية أصغاء تام للطفل عندما يتكلم، وهناك شرح وتفسير مستفيض للقضايا الممنوعة، كما هناك أجابات مستفيضه الى كل سؤال يطرحه الطفل، وترى الأب أو الأم أو الأخ الأكبر يتعامل معه كصديق أو رجل ناضج تراه يعطيه كل وسائل الأيضاح حتى ينمو عوده بشكل سليم من الناحية الجسدية والنفسية وحتى الفكرية وبسلاسة ودون خوف او رعب من الأهل أو المعلّم وغيرهم. الطفل في الغرب له وقت يقدسه الأباء والأمهات وهو عطلة نهاية الأسبوع، حيث يعمل الأهل برامج لأطفالهم كي يتم تعويض نسيانه لمدة خمسة أيام في الأسبوع.. كما أن للطفل وسائل كثيرة للتغذية النفسية ، والجسمية، والفكرية في البيت من ألعاب أو برامج أو تمارين.. كما الأهل يساعدون الطفل لنسج شبكة من الأصدقاء بل يحرصون على ترتيب الأجواء لأطفالهم عندما يزورهم أصدقائهم، أو هم يرتبون برامج كي يتم أستدعاء مجموعة من الأطفال في سبيل أسعاد وتعويض الطفل عن فجوة مدتها خمسة أيام أسبوعيا نتيجة العمل أو أي شيء آخر. لهذا ترى الطفل الغربي له نظام نوم منتظم، له برنامج غذاء شبة منتظم، لهذا ينعكس على عافية جسدة وعافية فكره وعافية منطقه... أما في حالة نضوجة فيُترك له الخيار فيما يحب من هوايات أو دراسة، ولكن الأهل وان كان لديهم أعتراض فكلها تكون عبر جلسات ودية مع الأطفال والغاية أقناعة وليس كما يحصل في مجتمعاتنا من ترهيب، وضرب، وطرد من البيت، والجلد، وسحب الآذان ، أو التحقير المستمر..... أنا تطرقت للقضايا التربوية والتعاملية، ولم أتطرق لقضية الدين، حتى أستبق من يريد حشر الدين في هذه القضية.. لأن هذا بحث آخر، فيه فروقات كثيرة بين أجيالهم وأجيالنا....... ** أطفال العراق... هل ستنقذهم فردة نعال أبو تحسين؟ واليوم نحن نرى أول الضحايا في العراق هم ( الأطفال) حيث هناك جيل كامل محطّم،متكاسل، ضائع ، وهذا يدل أن هناك مستقبل عراقي محطّم ومتكاسل وضائع، كون هؤلاء هم مستقبل العراق أن لم تتم المعالجة وبسرعة، ولكن لم يلتفت لهم أي مسؤول أو محتل// بل كُشفت عورة المحتلين في هذا المجال، كونهم رموا شعار الحرب الذي يقول نحو( الديموقراطية وأعادة كرامة وبناء الأنسان العرقي)//.. هناك آلاف مؤلفه من أطفال العراق مشردين، ويتامى، ومتسربين من المدارس، محترفي لأنحرافات خطيرة . وهناك أطفال يعملون بمهن خُصصت للكبار وليس للصغار، ناهيك أن هناك شرخاً أخلاقيا وسلوكياً حدث للطفل العراقي، ومن الجانب الآخر تمزقت شرنقة طفولتة بالعمل والجوع والخوف وتحمّل المسؤولية.... على بعد أمتار من ما يسمى ب ( مجلس الحكم) عشرات بل مئات الصبية يصرخون ( جرايد، علك، بانزين للبيع، غاز، سكائر، تصريف عمله ... وغيرذلك)........وهناك تقارير تقول نشطت تجارة بيع الأطفال من العراق صوب قبرص واليونان وبلدان مجاورة لكي تصل الى أوربا.... من المسؤول؟ ** من الذي سينهض بالمهمة؟ أسئلة لا تحتاج الى تأجيل ، حيث هي أسبق من الشرف نفسة، وأسبق من ملف الأمن الذي يبكي عليه أعضاءمجلس الحكم ( حتى يذبحوا الناس هناك بالقطنة!)....... وربما حتى تذهب ال ( 5 مليار) دولار التي تخصصت للملف الأمني من أصل ( المبلغ الكلي المقرر لأعمار العراق)..الى جيوب هؤلاء، الذين لا هم لهم غير الدولار والكرسي وتفريخ القرارات على الورق فقط... ساعدك الله يا حبيبي يا طفل العراق... أني أرى ( أبوتحسين) يُجهّز فردة ( نعالة) الأخرى... يا ترى سيصفع وجه مَنْ هذه المرة؟ هل سيصفع (25) وجهاً، أم نصفهم، أم ثلثهم، أم ربعهم، أم سيصفع وجه من عيّنهم؟ الخبر عند أبو تحسين!. وعند حنجرة خالتنا ( تسواهن)...متى تزغردي يا خالتنا يا تسواهن!؟. ومتى تفرح يا طفل العراق؟ ومتى تجلس في مدرسة نظيفة وفيها شبابيك تقيك من البرد؟ متى يبعدوك عن لعبتهم القذرة..كنت في زمان الحصار اللعبة، والآن أنت اللعبة والضحية!؟ متى سنراك تخرج من المدرسة نظيفا ومن ثم تلتحق بدورات الحاسوب والتسلية والرياضة؟ لا يحققها لك ألا من أحبّك فقط يا حبيبي!