الخطبة الأولى
الحمد لله أمر بالعدل والإحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ، والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه ،اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصي نفسي وإياكم معاشر المسلمين بتقوى الله فإن تقوى الله أقوم وأقوى ،{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب} (الطلاق: من الآية2-3). {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} (الطلاق: الآية5).
أيها المسلمون الحديث عن المرأة تفرضه عدة اعتبارات :
حجمها العددي في المجتمع فهي نصف المجتمع أو تزيد.
موقعها في دين الإسلام فالنساء شقائق الرجال ،{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } (البقرة : من الآية : 228) ،والتكاليف الشرعية بعمومها للرجال النساء ،إلا ما دل الدليل على تخصيصه لأحدهما . المرأة تشترك مع الرجل في عمارة الكون ،كما تشترك معه في الثواب والعقاب والمنشأ والمصير { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: من الآية195).وكما اقتضت حكمته ذلك فقد اقتضت أن الذكر ليس كالأنثى فبينهما فروق لا تخفى .
تاريخ المرأة في الإسلام حافل بالمواقف العظيمة ،والمشاركات الفاعلة كالإيمان والدعوة والنفقة والجهاد والإجارة والهجرة والعلم والتعليم والإحسان والإصلاح .... ونحو ذلك مما يصعب حصره ،وسنشير إلى نماذج منه.
وتاريخ المرأة في الإسلام كذلك حافل بالعفة والحياء والحشمة والبعد عن الاختلاط بالرجال والحذر من الفتنة والافتتان { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (الأحزاب: من الآية32-33) .
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: من الآية53).
وتدعو الحاجة للحديث عن المرأة لكثرة استخدامها للإفساد وإن لم ترض بذلك ، والزج بها في مواقع الفتن وإن لم تقره ،واستدراجها لأماكن الرِّيَبِ وإن كانت أكرم من ذلك ، وإظهار ذلك بمظهر التحضر والتحرر والتقدمية ومجاراة العصر ..بل ربما لُبَّس الأمر ووصف الإفساد بالإصلاح و لُبَّست الرذيلة بثوب الفضيلة ، وهكذا تختلط المفاهيم ويلبس أخل الريب... وينشط المنافقون وعلى حين غفلة أو تراخ من الصالحين{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (البقرة: من الآية11).
وتدعو الحاجة للحديث عن المرأة لكثرة الاستفزازات للعقلاء وللأخيار، وتعتبر المرأة في نظر هؤلاء المستفزين أكبر عناصر الاستفزار ، نعم فالحرب على الحجاب على أشده ، والدعوة للاختلاط تذاع وتعلن ، ويدعى لها عبر وسائل الإعلام المختلفة - المقروءة والمرئية والمسموعة - ،والتحرر من القوامة الشرعية مجال حديث ونقاش .. بل وتطاول على النصوص الشرعية المحكمة ،ورياضة المرأة تعد معتركاً وطموحاً ويعلن عن دوريات مجهولة الهوية في الصفحات الأولى من صحفات بلادنا .
وبالبنط العرض : وإذا كان الحديث عن البطالة تباكى هؤلاء الموتورون على بطالة المرأة وناسين أو متانسين بطالة الرجل وهم في قرارة أنفسهم يعلمون ويعلم غيرهم أن توظيف رجل يكفي إعالة أسرة بأكملها.
وليس مجرد عمل المرأة يطرحون بل الدعوة إلى الزج بها في كل مجال ، والرمي بها في كل ميدان.
أيها المسلمون..إننا أمام هجمة شرسة ، ومنظمة ذات حلقات وفصول ، وخلفها مخططون ومنفذون ، سياسات للدولة بشأن المرأة يتجاوزها هؤلاء وأنظمة تحدد مجالات عمل المرأة وتضبط مسارها وخروجها يرمى بها عرض الحائط ، وفتاوى لأصحاب الفضيلة العلماء بل ولكبار العلماء يسخر بها وربما بأصحابها ، وتصريحات لكبار المسؤولين في الدولة يتجاهلها أولئك القوم وكأن لم تكن أو تقل .
وما ذا بعد هذا ؟ وأين سينتهي بنا هؤلاء ؟ أليس من رجل رشيد يوقف هذه التصرفات الرعناء ؟ ...بل أليس من رجال ذوي غيرة وحكمة يضعون حداً لهذا الطيش ويحفظون على البلد أمنه الفكري وقيمه وتوازنه ... بل ويحفظون عليه تماسك وتآلف أفراده، ويسهمون بحكمتهم وبعد نظرهم بدفع غوائل الإرهاب ومسببات التطرف والغلو عن بلادنا ؟.
أيها الإخوة .... المرأة رسالة سامية... وليست مجالاً لاستفزاز، والمرأة أهل للطموح وليست ميداناً للجموح أو للجنوح .
أيها الإخوة المسلمون ... لا مجال لهؤلاء الموتورين بإعطاء المرأة من الحقوق أكثر مما أعطاها الإسلام ،وكفلتها لها نصوص الوحيين ، وكانت السيرة النبوية مجالاً للتطبيق الواقعي.
كفى المرأة فخراً أنها أول خلق الله آمن بالنبي المختار.. وخديجة أم المؤمنين رضي الله عنها أول خلق الله آمن من حين نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم .
ومدونات أهل الإسلام ... بل وغير أهل الإسلام تشيد بها وتسطر ترجمتها بمداد من ذهب .
كانت المرأة نعم الأنيس والمثبت في زمن تدثر النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزمل وارتجفت بوادره فرقاً مما أنزل عليه .
كانت كلمات المرأة الأولى في الإسلام بلسماً شافياً ومثبتاً واعياً ( كلا والله لا يخزيك الله أبداً) .
وكفى المرأة في الإسلام سؤدداً أن تثبت على الإسلام وإن زاغ زوجها عنه وأم سليم الغميصاء أو الرميصاء بنت مَلحان رضي الله عنها أسلمت وزجها غائب فلما قدم استنكر إسلامها وقال ساخراً:أصبوت ؟ قالت : ما صبوت ولكني أمنت بهذا الرجل(الطبقات لابن سعد 8/425).
وحين يعد الثابتون على الإسلام رغم المحن والبلاء والسخرية والأذى تذكر النساء قي قائمة هؤلاء ، فحواء بنت يزيد بنت سنان الأنصارية رضي الله عنها أسلمت وكتمت عن زوجها الشاعر قيس بم الخَطيم إسلامها ،وكان يدخل عليها فيراها تصلي فيأخذ ثيابها ويضعها على رأسها ويقول: إنك لتدينين ديناً لا يدرى ما هو؟ فصبرت المرأة حتى توسَّط لها النبي صلى الله عليه وسلم وشفع لها عند زوجها بالكف عنها ففعل .
بل كان لأم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها في أرض المهجر ، ومكان الغربة موقف صدق هو تاج للنساء كلهن ، حين ثبتت على إسلامها بعد أن تنصر زوجها في الحبشة ،ولذا كافأها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بالزواج بها فأصبحت واحدة من أمهات المؤمنين في زمن كان أبوها أبو سفيان قائد ركب المشركين حتى هداه الله للإسلام (الطبقات 4/97 المستدرك 4/20-22) .
أجل لقد عني الإسلام بالمرأة وتعامل النبي صلى الله عليه وسلم معها معاملة راقية فهي تشفع وتشفع ،وهي تعلن جوارها فيفي المسلمون لها بذلك الجوار .
ومن زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم التي أجارت زوجها أبا العاص بن الربيع – مرتين- حتى أسلم على إثر الجوار الثاني ، إلى أم حكيم بنت الحارث حين أسلمت وكانت سبباً في إجارة زوجها عكرمة ابن أبي جهل أولاً ، ثم في إسلامه ثانياً، لقد فر عكرمة إلى اليمن حين فتحت مكة ، واستأذنت أم حكيم رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم في طلب زوجها وتأمينه واجارته ، فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما طلبت، فعاد عكرمة مؤَمناً من امرأة ..ثم أسلم بطوعه واختياره وكان السبب الأول بعد توفيق الله امرأة.
كذلك عزز الإسلام وكرم النبي صلى الله عليه وسلم المرأة ، أجل لقد قالها معلم هذه الأمة الأول :( لقد أجرنا من أجرت يا أم هاني) وأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانها وإجارتها لرجلين من أحمائها كما روى ذلك البخاري ومسلم.
إخوة الإسلام ...احتاج الإسلام إلى مال المرأة فأنفقت بسخاء ... أو شجعت زوجها على البر والإحسان، واحتاج الإسلام إلى الدعوة للدين الحق فشاركت المرأة ... بل هاجرت في سبيل ذلك وتركت العشيرة والوطن.
واحتاج الإسلام إلى نشر العلم وتعليمه ، فتعلمت المرأة وفاقت غيرها ،وكان لها في ميدان العلم والتعليم صحائف بيضاء ، ومع العلم أدب ودعوة وصون للحرمات وتقوى ،وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر .
وهذه رمز العلماء عائشة رضي الله عنها ترى جارية لها جمة - يعني شعر رأسها قد سقط على منكبيها- فقالت : للمرأة معها:لو سترت هذه كان أحرى بها ، فقالت : إنها لم تحض،ولابدا بعد الحيض- يعني لن يظهر منها ذلك بعد اليوم .
وعن ابن سعد أنها رأت على بنت ابن أخيها حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر خماراً رقيقاً يشف عن جيبها ، فشقته عائشة وقالت أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ، ثم دعت بخمار فكستها (الطبقات 8/72) .
بل وصل احتساب المرأة إلى الأمراء وهذا عبد الملك بن مروان يقول : كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن ألي هذا الأمر فكانت تقول لي: يا عبد الملك إني أرى فيك خصالاً وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر ، فإن وليت فاحذر الدماء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها بملء محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق )) ( الاستيعاب 4/1795 وكأنه مال إلى تصحيح الحديث).
كما احتاج الإسلام إلى الجهاد في سبيل الله فشاركت المرأة في سقي الجرحى ومداواة المرضى وصنع الطعام للمجاهدين ، وإسعاف من يحتاج إلى ذلك من المسلمين ، والاجهاز على جرحى المشركين ،والدفاع عن قادة المسلمين إذا تعرضوا للخطر، بل وربما قاتلت إذا أحوج الأمر لذلك، وربما قتلت علجاً حاقداً ، أو أجهزت على مشرك مقاتل، فساهمت في صد العدوان على المسلمين ،وشاركت في حركة الفتح الإسلامي .
وتطلعت المرأة بهمة عالية إلى ركوب البحر غازية في سبيل الله ، فدعى لها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فكانت في عداد الشهداء وهي تحقق هذا الطموح وتتجاوز متاع الدنيا وغرورها ، بل وجود بنفسها رخيصة في سبيل الله .
وأم حرام بنت ملحان رضي عنها نموذج لهذا الاستشهاد في سبيل الله .
ولم يكن هذا الجد والجهاد ليوقع المرأة في مزاليق لها أو لغيرها، بل وضع الإسلام حدوداً لجهادها كما وضع شروطاً لمشاركتها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } القصص من الآية 23-25
تلكم نماذج من القرآن في الحشمة والحياء والبعد عن الخلطة بالرجال وإن دعت الحاجة لجلب الماء .
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للتقوى وللمتقين ، جعلنا الله من المتقين وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين .
إخوة الإسلام.... وفي ميدان التربية كان للمرأة المسلمة ولا يزال جهد مشكور ، خرجت من تحت عباءتها أكابر الرجال .
ووفت ذمتها حين تأخرت عن زواجها حتى تكمل تربية ابنها .. وهل تعلم أن أنس بن مالك وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير نتاج تربية نساء ..وأي نساء ؟
خطيبات مسطعات وشاعرات من فحول الشعراء... استخدمن ذلك في سبيل الإسلام ونشره ،وما عرف عنهن في الإسلام قول منكر ، ولا لحن في القول سيء .
وأسماء بنت يزيد بن السكن والخنساء رضي الله عنهما نماذج سوية صادقة في هذا الاتجاه.
إن من يقرأ تراثنا الإسلامي يجد للمرأة صفحات ناصعة ملؤها العزة بالإسلام ، والحشمة والوقار والهمم العالية ، والمشاركات الإيجابية ، وتوفر السعادة والأمن لها ولمجتمعها، وتلك حقائق لامست مشاعر غير المسلمين فراحوا يكتبون بكل صراحة واعجاب مكبرين لتجربة المرأة في الإسلام..وناعين على المرأة تعاستها وضياعها في ظل حضارة الغرب المعاصرة.
إخوة الإسلام... وهنا يرد السؤال المهم : ترى ألا تروق هذه النماذج العالية وغيرها كثير للمرأة في الإسلام لبعض أبناء جلدتنا فيكون نصيبها الإهمال والتهميش ، وربما الازدراء والاحتقار!!
وتبقى في نظر هؤلاء تجربة المرأة الغربية ببؤسها وشقوتها وانحرافها وسفورها واختلاطها هي النموذج المحتذى لهؤلاء ...
بأي عقل يفكرون .. وبأي معتقد بدينون ؟ . إن رضي هؤلاء لأنفسهم بذلك ..فلا ينبغي أن يفرضوه على غيرهم ،وإن ستمرأوه لذواتهم أو لأهليهم وبناتهم .. فلا ينبغي أن يروجوه على الآخرين حين يؤتمنون على الإعلام؟
نخاطب المسؤولين والعقلاء ...فضلاً عن ولاة أمرنا وعلمائنا ..بل وعامة مجتمعنا الخير .
من المستفيد من عنوان كبير ؟ .. وفي الصفحة الأولى في جريدة الرياض يقول:المرأة السعودية تدخل المعتزل الرياضي ..ثمانية فرق نسائية تتنافس للمرة الأولى في دوري للكرة السلة بجدة ( جريدة الرياض الأربعاء 2/جمادى الأولى 1429 هـ عدد 14562).
وتحت العنوان تفاصيل عن هذا الدوري ومن شارك فيه ومن حكمه من النساء .. وإحالة إلى صفحة أخرى ؟
عباد الله ...أليس في هذا نوع استفزاز لفئة هي الأكبر في المجتمع ؟ ..هل نحن بحاجة إلى هذا الاستفزاز؟ ،وهل نشر مثلَ هذا الخبر ضمن سياسة إعلام بلدنا؟ وهل يسير ذلك في اتجاه إصلاح المجتمع أم في إفساده ؟ .
هل هذه طموحات المرأة في بلادنا ؟...بل هل هو محل رعاية واهتمام لغالبية النساء في وطننا ؟ .
وإذا كان الإعلام الصادق يعكس توجهات المجتمع فهل مثل هذا يعكس توجه المجتمع ؟. أيراد فرض هذا اللون من الاهتمام على المجتمع بالقوة .هل يسمح بنشر تعليق على مثل هذا الخبر ؟
ومع هذه الأسئلة المهمة فهناك سؤالان مهمان تجاه هذا العنوان المثير :
أولهما :
من المسؤل عن هذا الدوري النسوي؟ وعجبا لأمر هؤلاء فإذا كان النشاط تابعاً لجهة رسمية في الدولة – ولم يرق لهم – شغبوا عليه وشنعوا على أصحابه ، واتهموا النشاط ومخرجاته كما صنعوا مع حلق تحفيظ القرآن الكريم مع أنها تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية ،وصنعوا كذلك مع المراكز الصيفية وهي تحت إشراف وزارة التربية .
وفي المقابل ينشرون ويروجون لمناشط لا زمام لها ولا خطام ، لا تشرف عليها جهات رسمية في الدولة ولا تتفق وتوجهات المجتمع ، فمن يحاسب هؤلاء على هذه التجاوزات ؟
والسؤال الثاني :
لماذا ينشر مثل هذا الخبر في الصفحة الأولى ، والأخبار الرياضية عادة بل والرسمية الذكورية إنما تنشر في صفحات متأخرة للرياضة .
أهو مزيد استفزاز للناس لنشر خبر رياضي نسوي لا يخضع لاشراف رسمي وفي الصفحة الأولى وبالبنط العريض ؟ ..أم هي محاولة لتحطيم الحواجز وفرض لمثل هذه الأنشطة بالقوة؟
ومرة أخرى من يحاسب هؤلاء ..وهل بات الإعلام ملكاً لهم وحدهم يتصرفون فيه كيفما شاءوا ولوكان على حساب الأنظمة والسياسات ..ولو تجاز الاعتبارات والهيئات ؟
إننا تعودنا من ولاتنا وفقهم الله كبح جماح مثل هذه النزوات المستفزة ،التي لا تثمر إلا تفريقاً للمجتمع وشحنا للنفوس – ليست بلادنا أبدا ً بجاحة إليها- وإننا لمنتظرون وقفة محاسبة لهؤلاء .
أيها الإخوة المؤمنون ..كلنا مسؤل أمام هذه الهجمة الشرسة والمحاولات المستميتة لتغريب المرأة في بلادنا ،ومع القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أن تغرق السفينة ،وحماية مجتمعنا من المخاطر والحفاظ على نسائنا وبناتنا وأخواتنا من دواعي الرذيلة ،فلا بد من الحكمة والتروي والاتصال بالمسؤلين وأهل العلم والدعوة .
وثقوا أن في مجتمعنا من الخيرية ما يرفض مثل هذه الاهتمامات الدونية – وإن صدق الخبر الذي بلغني- فقد ألغي هذا الدوري .. وهذا أحد المؤشرات على أنه خلاف توجه المجتمع ، فإن صح الخبر فلا يكفي ذلك بل لابد من محاسبة هذا النادي الذي نظم هذا الدوري والمسمى ب(جولدزجيم) وهو ناد أهلي .
ولابد من محاسبة الجريدة كذلك التي نشرت هذا الخبر وفي أول صفحة من صفحاتها .
فأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ من الآية :17 .
اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا واكفنا شر أنفسنا ،واصلح وثبت على الحق رجالنا ونساءنا .