نحن من أسرة محافظة، ولم تكن لدينا أي ممارسات زوجية أمام الأولاد، إلا أن الأولاد كانوا ينامون معنا في نفس الغرفة إلى ما قبل عامين.. ولم نكن نمارس الجنس بحضورهما، وكنا دوما نتخفى في ذلك، لكن يظهر أن ابننا كان قد شاهدنا مرة أو أكثر ونحن نمارس العملية الجنسية.. والآن هو يدرس بالصف الأول ابتدائي، وبدأ يوجه أسئلة جنسية. لم أهتم بداية بهذا الأمر، وكنت أقول لزوجتي هذا الأمر طبيعي إلا أن الحالة الغريبة أنه يسأل مثل السؤال التالي: لماذا يا ماما إذا رأيت بنتاً حلوة أريد أن أقبلها؟ طبعا هو يشاهد أفلامًا كرتونية أجنبية بعضها فيه مناظر قبلات بين الأطفال، ومثل هذه الأسئلة أثارت المخاوف لدينا، ونخشى الانحراف في سلوك الولد، وأسئلتنا هي: 1- هل ما يقوله ابننا أشياء حقيقية؟ 2- ما هي الطريقة الصحيحة لتخطي هذه المرحلة، مع ضمان عدم انحراف السلوك لدى ابننا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قد يختلف علماء النفس والتربية حول السن المناسبة لابتداء الثقافة الجنسية العلمية.. وبعضهم يطرح تقديم هذه المعلومات في سن مبكرة، وبعضهم يقترح سناً أكبر، ولكن الجميع يتفقون على ضرورة إعطاء معلومات مبسطة وعلمية مناسبة وبلغة هادئة منطقية بعيدة عن الإثارة أو الابتذال ضمن إطار ما يعرف باسم "حقائق الحياة". كما ينصح الأهل بضرورة إجابة تساؤلات أطفالهم حول الأمور الجنسية بشكل منطقي دون إسكاتهم أو إعطائهم معلومات مضللة خاطئة. مما يساعدهم على فهم أجسامهم دون قلق أو خوف مبالغ فيه. ومما لاشك فيه أن درجة من الحرج والقلق قد تكون مصاحبة لعملية التثقيف الجنسي الصحي.. وهذا طبيعي ومقبول نظراً لحساسية الموضوع ودقته واحتمال سوء فهمه من الآخرين، ولكن يستدعي ذلك مواجهة الموضوع بنضج ومسؤولية وثقافة علمية صحيحة دون الهروب منه أو إغفاله، وأيضاً يستدعي البحث عن اللغة المناسبة، والمعلومة المناسبة، والمكان المناسب، والظرف المناسب، دون إفراط أو تفريط.. كل ذلك يمكن أن ينعكس إيجابياً على الصحة النفسية والجنسية، وعلى التخفيف من مشكلات كثيرة يساهم فيها الجهل والمعلومات الجنسية الخاطئة من مصادرها الخاطئة. ولكي تعطي ثقافة جنسية سليمة للأبناء يجب مراعاة بعض الأمور: - عدم الهروب من الأسئلة؛ لأن ذلك سيدفعهم ليفتشوا عنها في المجلات والأقران والتلفاز والإنترنت، وللأسف هذه الوسائل تصور الجنس بصورة دنيئة وعدوانية. - عليكم إعطاءهم المعلومات على دفعات وليس مرة واحدة، مرة عن طريق كتاب، وأخرى عن طريق شريط. - الإسلام ينظر لغريزة الجنس كغيرها من الغرائز، وهو ليس موضوع محرم في الإسلام. - عدم إظهار الوالدين جسدهما عاريا، وستر ما يمكن ستره. - عليكم اتخاذ الحيطة والحذر من استيقاظ ابنكم بالليل فجأة. - عليكم مراقبة لعب أولادكم مع بعض وخاصة في خلوتهم. - الابتعاد عن جعل الأولاد ينامون مع بعض تحت غطاء واحد... قال الرسول "يفرق بين الأولاد في المضاجع لست سنوات" وطبعاً البنات كذلك.. - عدم عرض الأفلام و المناظر الإباحية أو الأفلام "الجنسيةsex". - في النهاية عليكم الإجابة عن الأسئلة دون عصبية، ولا تعتقدوا أن كثرة الأسئلة نتيجة لشذوذ أو قلة أدب، وإنما للمعرفة ،فاستغلوا الفرصة بما أن أولادك يلجؤون إليكم، ولا تتركوهم لغيركم لأخذ المعلومات.. وأما عن سؤالك حول ما يقوله الطفل هل هو حقيقي، فإن الإجابة نعم؛ حيث إن الطفل قادر لبلوغ اللذة الجنسية، وقد وجد العلماء أن الأطفال قادرون على الوصول إليها ابتداء من العام الخامس، ولكن الوصول إلى قمة اللذة مع نزول المني لا يحدث إلا بعد سن البلوغ. وأما عن سؤالك حول كيفية تخطي تلك المرحلة فإن المشرع الإسلامي شدد على منع كل المثيرات التي من شأنها أن تهيج الشهوة الجنسية عند الأطفال، والأحداث، والمراهقين، بل إن القواعد الجنسية المذكورة آنفاً إنما تستهدف في العام الأول منع المثيرات الجنسية التي تشكل خطراً على المستقبل الجنسي للطفل المسلم، ومن أجل وضع حاجز بين الطفل وهذه المثيرات أوصى المشرع بضرورة تطبيق مبادئ الاستئذان، وعملية العزل بين الذكور والإناث في المضاجع، وأمر بأهمية إبعاد الطفل عن رؤية عملية الجماع الجنسي بين الزوجين حتى لو كانت ظروفهما السكنية صعبة، فعليهما أن يعزلا الطفل عن الاطلاع المباشر على الممارسة الجنسية. كما أن عملية التثقيف والتدريب على ضبط النفس عن المثيرات الجنسية، وتعيين ضوابط شرعية للنظر والتستر بين الآباء والأبناء، والكبار والصغار، الرجال والنساء، إنما يهدف إلى إبعاد الطفل -خاصة المميز- عن كل مثير جنسي قد يوحي له بشيء، فيقلده تأسياً بغيره. ومع افتراض أن المربي المسلم قد أتاحت له الظروف في تطبيق هذه القواعد، فإنه لا ينبغي أن يغفل عن بعض المثيرات الجنسية الأخرى التي تشكل فعلاً مناخاً للانحراف الجنسي عند الأحداث والمراهقين، ومن هنا أوصى المشرع الإسلامي في تعليماته بالانتباه الجدي لخطر هذه المثيرات على شخصية الطفل المميز غير البالغ، سواءً في نطاق الحياة العائلية أو في الأماكن العامة، فإن مظهراً من هذه الإثارة لها دلالاتها، وإيحاءاتها النفسية الخطيرة، بالرغم من أن بعض المثيرات ليس واضحاً لدى الأطفال المميزين بدرجة كافية. وقد صرحت النصوص الإسلامية بخطورة هذه المثيرات، وأخذت معها بالاحترازات وسد الذرائع ومن هذه المثيرات ما يلي: 1- التقبيل. ويتخذ ثلاثة مظاهر على النحو التالي: أ- تقبيل الآخرين -رجالاً ونساءً- لبعضهم أمام رؤية الطفل المميز، في الأماكن العامة: إذ اعتاد بعض الناس في بعض البلاد –خاصة المحارم- أن يقبلوا بعضهم بعضا، كما نلاحظ ذلك في حالات السفر، حيث يندفع المحارم نحو المسافر فيقبلونه أمام الأطفال المميزين وأمام الناس، وقد يكون الجنس الآخر من المحارم، فيرى الطفل المميز سلوك التقبيل بين المحارم من الجنسين فيتأثر به، ويحسن وصفه للآخرين من أقرانه، فالمشرع يرى تقبيل المحرم بين عينيها ورأسها، ويجب أن يبتعد عن خدها، وعن فيها، وبشرط أن لا يتم ذلك أمام أنظار الغرباء. ب- تقبيل الكبار من الجنسين للصغار: تقع أحياناً بعض حالات التقبيل بين البالغين وغير البالغين من الجنسين للصغار دون صِلة رحم بينهم ، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغت الجارية ست سنين، فلا يقبلها الغلام، والغلام لا تقبله المرأة إذا جاوز سبع سنين". يمنع المشرع التقبيل نهائياً للطفل المميز خاصة وأنه يتم بشهوة من بعض المرضى. 2- وضع الفتاة في حجر الرجل الأجنبي (غير المحرم). هذه حالة تحدث كثيراً في البيوت المسلمة،والمشرع ينهي الرجل الأجنبي (غير المحرم) أن يضع في حجره فتاة لها صلة رحم بينه وبينها، وقد بلغت من العمر ست سنوات، وهي فترة قريبة من النضج الجنسي خاصة في الحالات النادرة جداً، فجلوسُها في حجر رجل أجنبي أمر غير مرغوب فيه خشية أن تعتاد الفتاة على الجلوس في أحضان الغير، وقد اقتربت من سن البلوغ. 3- النوم تحت لحاف واحد: نهى المشرع الإسلامي عن نوم الصغار مع آبائهم وأمهاتهم تحت لحاف واحد، إلا إذا كان طفلاً غير مميز، وبالرغم من ذلك فقد نصح المشرع المؤمنين والمؤمنات بالالتزام بضوابط عملية التفريق في المضاجع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلا أن يضطر، فينام كل واحد منهما في إزاره، ويكون اللحاف بعداً واحداً، والمرأتان جميعاً كذلك" ثم أضاف صلى الله عليه وسلم: "ولا تنام ابنة الرجل معه في لحاف ولا أمه". 4- تزين الصبي المميز بالحلي النسائية: اعتادت بعض العائلات المسلمة أن تلبس أطفالها الذكور في السنوات الثلاث أو الأربع الأولى من العمر أدوات الزينة، والحلي، والقلائد، والخلخال، والدمالج (ما يوضع في اليد وما دونه)، والملابس الحريرية، ومما لا شك فيه أن المشرع يمنع هذا السلوك خاصة بين أطفال المرحلة الثانية الذين على درجة من الوعي والنباهة والتمييز، ويهدف المشرع الإسلامي بالتأكيد إضفاء سمة الرجولة على الطفل الذكر، وإبعاده عن سلوك أنثوي قد يشب عليه أو يتعود عليه أو يتعود على التفاعل معه في تعامله اليومي مع الآخرين، لهذا نهى المشرع الإسلامي عن ارتداء الأطفال -خاصة المميزين- للملابس الحريرية، وحرم استعمالها على الذكور، واتخذ الموقف نفسه من أدوات الزينة، وبالأخص الذهب. ونجد أحياناً سلوكاً ذكرياً في حركة الفتاة الصغيرة، كارتدائها الملابس الرجالية، وبنفس الطريقة المستعملة عند الذكور، وكحلق شعر الفتيات الصغيرات على نحو مماثل عند الأطفال الذكور... هذا السلوك قد يؤدي إلى استرجال البنت. وأخيراً: أرجو من الله تعالى أن يبعد أطفالنا عن كل سوء. وأخيرا أرجو أن تستمر معنا بأسئلتك، وأن نستطيع دائما إفادتك باستشارتنا عبر موقعنا.