فقراءُ يا مولاي!
يا مولاي كلُّ حقولنا قمحٌ،
وشمسُ غروبنا منسيةٌ
وسياجُ ضيعتنا مواويلٌ وصفصافٌ حزينْ!
ودروبنا متروكة لتلف حولَ الدارِ
مثلَ الياسمينْ
***
همْنَا بسنبلةٍ فخلّتْ عطرها فينا
وأسرينا وراءَ النهرِ كالعصفورِ
نشربُ ظامئينْ
مولايَ محنيّينَ تحتَ الريحِ
كالشجرِ المعمّرِ
كلما هبّتْ علينا الريحُ
نغفو متعبينْ
في الليلِ تغزلُ كلُّ عاشقةٍ حمامتها،
وتطلقُ في فضاءِ الحبِّ أغنيةً
فيطلعُ من كنائسِ حزنهِ العالي
هلالُ العاشقينْ
مولايَ تلكَ جرارنا
ملآنةٌ دمعاً
وتلك بيوتنا عرزالُ زيتونٍ وتينْ
الأرضُ من ألمٍ
ونحنُ حفاتُهَا
نمشي عليها متعبينْ
في صيفنا يتزوّجُ الفلاّحُ شَجْرَةَ سمسمٍ
ويموتُ في عيدِ الطحينْ
منا الحساسينُ الصغيرةُ
والطيورُ البيضُ منا ريشها
ونجومنا من روحنا
نرنو إليها تائبينْ
كم نحنُ عشاقٌ
وأبناءٌ لهذا الناي،
للقمر الذي نمشي وراءهُ تائبينْ
في الصيفِ يسهر تحت شرفتنا الهلالُ
وفي الخريفِ تقومُ (فيروز) بكلّ غنائها الشفّافِ
فاردةً ذراعيها
لأيلولَ الحزينْ
وصبيّةٌ خلفَ الزفافِ
تطرّزُ المنديلَ بالفرَحِ المقصّبِ،
والخيوطِ الخضرِ
والحبِّ الجميلْ
فتذوبُ في لحنِ الخيوطِ حياتها
وتسيلُ ألوانُ المحبّةِ سلسبيلاً
سلسبيلْ
لا يتركُ الفلاّحُ أيّ حمامةٍ
إلا ويكتبُ اسمها
مثلَ الأغاني
في كراريسِ الهديلْ
لا يتركُ الناطورُ أيّ سحابةٍ
إلا ويلبسها ثيابَ الصيفِ
من نَسْجِ الأصيلْ
لا يرجعُ الراعي إلى أوقاتهِ
إلا ويغمسَ ريشةَ الأشعارِ
في حبرِ المغيبِ
مُعتّباً للشمس موّالَ الرحيلْ
مرّتْ علينا في الخريف
إوزّةُ الثلجِ الحزينِ
وعلّمتنا أن نصلّي
كلما غنّى حمامُ الحزنِ
في شطّ النخيلْ
نعطي لكلّ غمامةٍ في صيفنا ثوباً،
لكلّ حمامةٍ من روحنا
إسما جميلْ
ما أوجعَ المزمار يشردُ فوقَ سطح ديارنا
وقتَ الغروبِ مرجّعاً لحنَ الغيابْ!
والليلُ يمطرُ فوقَ سهرتنا
قصاصاتِ الأغاني
من قماشِ اللوزِ
كالذهبِ المذابْ
فبكلّ أغنيةٍ كتبناها بكينا
إنها أرواحنا
تبكي على وترِ الربابْ
قمرٌ على أيامنا يبكي
ويذرفُ دمعه الفضيّ في كأسِ الشرابْ
ما نحنُ إلا دمعة
إن أقبلَ العصفورُ يشربُ نهلةَ الظامي
ومحبرة لرسامِ الدواري
في مناديلِ الصبايا الذاهباتِ إلى العنبْ
للخبز في أيامنا طعمُ الدموعِ
وللدموع بليلنا طعمُ البكاءِ
وللبكاءِ بعمرنا طعم الرطب