أعياد الطحين

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

فقراءُ يا مولاي!‏

يا مولاي كلُّ حقولنا قمحٌ،‏

وشمسُ غروبنا منسيةٌ‏

وسياجُ ضيعتنا مواويلٌ وصفصافٌ حزينْ!‏

ودروبنا متروكة لتلف حولَ الدارِ‏

مثلَ الياسمينْ‏

***‏

همْنَا بسنبلةٍ فخلّتْ عطرها فينا‏

وأسرينا وراءَ النهرِ كالعصفورِ‏

نشربُ ظامئينْ‏

***‏

مولايَ محنيّينَ تحتَ الريحِ‏

كالشجرِ المعمّرِ‏

كلما هبّتْ علينا الريحُ‏

نغفو متعبينْ‏

***‏

في الليلِ تغزلُ كلُّ عاشقةٍ حمامتها،‏

وتطلقُ في فضاءِ الحبِّ أغنيةً‏

فيطلعُ من كنائسِ حزنهِ العالي‏

هلالُ العاشقينْ‏

***‏

مولايَ تلكَ جرارنا‏

ملآنةٌ دمعاً‏

وتلك بيوتنا عرزالُ زيتونٍ وتينْ‏

***‏

الأرضُ من ألمٍ‏

ونحنُ حفاتُهَا‏

نمشي عليها متعبينْ‏

***‏

في صيفنا يتزوّجُ الفلاّحُ شَجْرَةَ سمسمٍ‏

ويموتُ في عيدِ الطحينْ‏

***‏

منا الحساسينُ الصغيرةُ‏

والطيورُ البيضُ منا ريشها‏

ونجومنا من روحنا‏

نرنو إليها تائبينْ‏

***‏

كم نحنُ عشاقٌ‏

وأبناءٌ لهذا الناي،‏

للقمر الذي نمشي وراءهُ تائبينْ‏

في الصيفِ يسهر تحت شرفتنا الهلالُ‏

وفي الخريفِ تقومُ (فيروز) بكلّ غنائها الشفّافِ‏

فاردةً ذراعيها‏

لأيلولَ الحزينْ‏

***‏

وصبيّةٌ خلفَ الزفافِ‏

تطرّزُ المنديلَ بالفرَحِ المقصّبِ،‏

والخيوطِ الخضرِ‏

والحبِّ الجميلْ‏

***‏

فتذوبُ في لحنِ الخيوطِ حياتها‏

وتسيلُ ألوانُ المحبّةِ سلسبيلاً‏

سلسبيلْ‏

***‏

لا يتركُ الفلاّحُ أيّ حمامةٍ‏

إلا ويكتبُ اسمها‏

مثلَ الأغاني‏

في كراريسِ الهديلْ‏

***‏

لا يتركُ الناطورُ أيّ سحابةٍ‏

إلا ويلبسها ثيابَ الصيفِ‏

من نَسْجِ الأصيلْ‏

***‏

لا يرجعُ الراعي إلى أوقاتهِ‏

إلا ويغمسَ ريشةَ الأشعارِ‏

في حبرِ المغيبِ‏

مُعتّباً للشمس موّالَ الرحيلْ‏

***‏

مرّتْ علينا في الخريف‏

إوزّةُ الثلجِ الحزينِ‏

وعلّمتنا أن نصلّي‏

كلما غنّى حمامُ الحزنِ‏

في شطّ النخيلْ‏

نعطي لكلّ غمامةٍ في صيفنا ثوباً،‏

لكلّ حمامةٍ من روحنا‏

إسما جميلْ‏

***‏

ما أوجعَ المزمار يشردُ فوقَ سطح ديارنا‏

وقتَ الغروبِ مرجّعاً لحنَ الغيابْ!‏

***‏

والليلُ يمطرُ فوقَ سهرتنا‏

قصاصاتِ الأغاني‏

من قماشِ اللوزِ‏

كالذهبِ المذابْ‏

***‏

فبكلّ أغنيةٍ كتبناها بكينا‏

إنها أرواحنا‏

تبكي على وترِ الربابْ‏

***‏

قمرٌ على أيامنا يبكي‏

ويذرفُ دمعه الفضيّ في كأسِ الشرابْ‏

***‏

ما نحنُ إلا دمعة‏

إن أقبلَ العصفورُ يشربُ نهلةَ الظامي‏

ومحبرة لرسامِ الدواري‏

في مناديلِ الصبايا الذاهباتِ إلى العنبْ‏

***‏

للخبز في أيامنا طعمُ الدموعِ‏

وللدموع بليلنا طعمُ البكاءِ‏

وللبكاءِ بعمرنا طعم الرطب