القسم الثاني : أيقونة لأجراس الحبر أرملة الينابيع

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

فيروزُ راهبةٌ تطرّزُ في غيابِ الشمسِ‏

قمصانَ الحنانْ‏

فيروزُ رَشُّ الغيمِ بالنعناعِ،‏

تلويحُ النوارسِ‏

وهي تسحبُ شالها الورديّ‏

ناثرةً حبيباتِ الغروبِ الحمر‏

في شفقٍ من الرمانْ‏

فيروزُ أغنيةٌ لتنويمِ العصافيرِ الصغيرةِ‏

في ضفائرِ طفلةٍ‏

نسيتْ قبيلَ النومِ أن تستأذنَ المذياعَ‏

كي تغفو‏

فراحَ الخوخُ يسقطُ فوقَ سلتها الحزينةِ‏

من دموعِ الريحِ‏

لكنّ الثعالبَ كالبروقِ السودِ‏

تضربُ في شمالِ الليلِ طبلَ السنديانْ‏

فيروزُ أرملةُ الينابيعِ التي‏

فكّتْ ضفائرها‏

لتركضَ في دروب القمحِ‏

نادبةً خريفَ الأرجوانْ.‏

تسبيحةٌ معجونةٌ بالدمعِ‏

فوقَ محارمِ العشاقِ‏

زقزقةُ الطيورِ على طلوعِ الفجرِ‏

عاشقةٌ على الينبوعِ‏

تغزلُ من حريرِ دموعها المذروفِ‏

ثوبَ زفافها الباكي..‏

وعاشقةٌ تقصُّ جديلةَ الريحانْ‏

ونهوضُ أغنيةٍ من النومِ‏

الأناملُ وهي تنزفُ فوقَ أوتارِ الكمانْ‏

وتثاؤبُ الموالِ فوقَ المهدِ‏

ركضُ غزالةٍ في الفجرِ‏

شجرةُ سمسمٍ في العيدِ‏

لابسةً وشاحَ الأقحوانْ‏

فيروزُ خمسُ أناملٍ بيضاءَ في شَعْرِ القصيدةِ،‏

غيمةٌ طارتْ إلي الهندِ البعيدة‏

من تلالِ الأرزِ‏

كي تتزوّجَ الفقراءَ..‏

واسمُ صبيّةٍ منسيّةٍ في دفترِ العشاقِ‏

تأخذهُ الغريبةُ‏

كي تحوكَ حروفهَ الثكلى‏

على سجّادةِ النسيانْ‏

صارتْ مناديلاً لمن غابوا،‏

وأقماراً لمن عشقوا‏

وأجراساً لمنْ ضلوا الطريقَ إلى المكانْ‏

لكأنها تلميذةٌ نسيتْ أنوثتها على المرآةِ‏

وانصرفتْ لتوزيعِ الرسائل‏

في طريقِ العينِ مثلَ حمامةٍ‏

فيحبّها ساعي البريدِ‏

ويذهبان إلى سهولِ البيلسانْ‏

وهي الرسائلُ بين نافذتينِ‏

مشرعتينِ خلفَ الليلِ‏

شالاتٌ تلوّحُ من أعالي الصيفِ‏

سنبلةٌ تربيها اليمامةُ‏

كي تصيرَ أميرةَ الأحزانْ‏

يا صوتها نايٌ‏

ينقّرُ حنطة الروحِ الحزينةَ‏

من ترابِ العمرِ..‏

مزمارٌ يحلّقُ في فضاءِ الحزنِ،‏

توبةُ دمعتيْ قمحٍ وخبزْ‏

يا صوتها‏

غصنُ الزغاريدِ الذي ينمو على الشباكِ‏

كي تبقى الصبيةُ خلفه‏

مخطوبةً لرحيل أسرابِ الإوزّ‏

ماذا أسمي الشهوةَ البيضاءَ في دمها؟‏

وخفق يمامتين مع الغروبِ،‏

وزرقةً مائيّةً في روحها؟‏

فيروزُ أيلولٌ يمطّرُ في نهارٍ مشمسٍ‏

ودموعُ موسيقى‏

يسرّحها حمامُ الحزنِ‏

في حقلِ الأرزْ‏

وحفيفُ أنسامٍ تهبُّ على‏

خريفِ الروحِ‏

كي يتمايلَ التفاحُ‏

دربُ الذاهبينَ إلى حصادِ القمحِ‏

والجيتارُ مرفوعٌ إلي أفق الغناءْ‏

وهلالُ صومٍ راحلٍ‏

يطوي مناديلَ الغيومِ البيضِ..‏

مشمشةٌ تعرّشُ فوق أكواخِ المحبينَ‏

الأنوثةُ في تنهُّدِ روحها..‏

أيقونةُ الفقراءْ..‏

وهي الأمومةُ في زمانِ الحزنِ‏

صوتُ الناي مبتعداً إلي أقصى الليالي،‏

جثةُ العصفورِ تبكي فوقَ أشجار العذابْ‏

فيروزُ رجعُ الحبِّ،‏

أجراسُ المواويلِ التي‏

يمشي الغريبُ وراءها‏

ليقولَ: يا ليتَ الشبابْ!‏