فيروزُ راهبةٌ تطرّزُ في غيابِ الشمسِ
قمصانَ الحنانْ
فيروزُ رَشُّ الغيمِ بالنعناعِ،
تلويحُ النوارسِ
وهي تسحبُ شالها الورديّ
ناثرةً حبيباتِ الغروبِ الحمر
في شفقٍ من الرمانْ
فيروزُ أغنيةٌ لتنويمِ العصافيرِ الصغيرةِ
في ضفائرِ طفلةٍ
نسيتْ قبيلَ النومِ أن تستأذنَ المذياعَ
كي تغفو
فراحَ الخوخُ يسقطُ فوقَ سلتها الحزينةِ
من دموعِ الريحِ
لكنّ الثعالبَ كالبروقِ السودِ
تضربُ في شمالِ الليلِ طبلَ السنديانْ
فيروزُ أرملةُ الينابيعِ التي
فكّتْ ضفائرها
لتركضَ في دروب القمحِ
نادبةً خريفَ الأرجوانْ.
تسبيحةٌ معجونةٌ بالدمعِ
فوقَ محارمِ العشاقِ
زقزقةُ الطيورِ على طلوعِ الفجرِ
عاشقةٌ على الينبوعِ
تغزلُ من حريرِ دموعها المذروفِ
ثوبَ زفافها الباكي..
وعاشقةٌ تقصُّ جديلةَ الريحانْ
ونهوضُ أغنيةٍ من النومِ
الأناملُ وهي تنزفُ فوقَ أوتارِ الكمانْ
وتثاؤبُ الموالِ فوقَ المهدِ
ركضُ غزالةٍ في الفجرِ
شجرةُ سمسمٍ في العيدِ
لابسةً وشاحَ الأقحوانْ
فيروزُ خمسُ أناملٍ بيضاءَ في شَعْرِ القصيدةِ،
غيمةٌ طارتْ إلي الهندِ البعيدة
من تلالِ الأرزِ
كي تتزوّجَ الفقراءَ..
واسمُ صبيّةٍ منسيّةٍ في دفترِ العشاقِ
تأخذهُ الغريبةُ
كي تحوكَ حروفهَ الثكلى
على سجّادةِ النسيانْ
صارتْ مناديلاً لمن غابوا،
وأقماراً لمن عشقوا
وأجراساً لمنْ ضلوا الطريقَ إلى المكانْ
لكأنها تلميذةٌ نسيتْ أنوثتها على المرآةِ
وانصرفتْ لتوزيعِ الرسائل
في طريقِ العينِ مثلَ حمامةٍ
فيحبّها ساعي البريدِ
ويذهبان إلى سهولِ البيلسانْ
وهي الرسائلُ بين نافذتينِ
مشرعتينِ خلفَ الليلِ
شالاتٌ تلوّحُ من أعالي الصيفِ
سنبلةٌ تربيها اليمامةُ
كي تصيرَ أميرةَ الأحزانْ
يا صوتها نايٌ
ينقّرُ حنطة الروحِ الحزينةَ
من ترابِ العمرِ..
مزمارٌ يحلّقُ في فضاءِ الحزنِ،
توبةُ دمعتيْ قمحٍ وخبزْ
يا صوتها
غصنُ الزغاريدِ الذي ينمو على الشباكِ
كي تبقى الصبيةُ خلفه
مخطوبةً لرحيل أسرابِ الإوزّ
ماذا أسمي الشهوةَ البيضاءَ في دمها؟
وخفق يمامتين مع الغروبِ،
وزرقةً مائيّةً في روحها؟
فيروزُ أيلولٌ يمطّرُ في نهارٍ مشمسٍ
ودموعُ موسيقى
يسرّحها حمامُ الحزنِ
في حقلِ الأرزْ
وحفيفُ أنسامٍ تهبُّ على
خريفِ الروحِ
كي يتمايلَ التفاحُ
دربُ الذاهبينَ إلى حصادِ القمحِ
والجيتارُ مرفوعٌ إلي أفق الغناءْ
وهلالُ صومٍ راحلٍ
يطوي مناديلَ الغيومِ البيضِ..
مشمشةٌ تعرّشُ فوق أكواخِ المحبينَ
الأنوثةُ في تنهُّدِ روحها..
أيقونةُ الفقراءْ..
وهي الأمومةُ في زمانِ الحزنِ
صوتُ الناي مبتعداً إلي أقصى الليالي،
جثةُ العصفورِ تبكي فوقَ أشجار العذابْ
فيروزُ رجعُ الحبِّ،
أجراسُ المواويلِ التي
يمشي الغريبُ وراءها
ليقولَ: يا ليتَ الشبابْ!