ولم ينتهِ الحزنُ
مازلتُ أسمعُ صوتَ ربابٍ ضريرٍ
يرجّعُ في وحشةِ الليلِ
رجعَ مراثي الحياةِ،
وريحاً طشاشينْ!
تشرّدُ أحزانَهُ الهاشلاتِ بأشباحها،
وترحِّلُ أرديةَ الروحِ
قارعةً بالضجيجِ المجوّفِ
كلَّ المواعينْ.
وأسمعُ قلباً وحيداً
يحدّقُ في ظلمةِ الأرضِ من فرجةِ البابِ
أسمعُ نوحَ القبورِ المشرّدَ
يشتدُّ عبرَ مهبِّ المناحاتِ،
والليل يسودُّ تحتَ سياطِ الخماسينْ.
شتاءٌ من الدمعِ
تحتَ جناحيهِ يهدلُ طفلٌ مريضْ..
وتحدبُ أمٌّ على قبرها في العراءِ،
ووحشةُ موتى بعيدين.
ووحدي أخوضُ مثلَ الجنازةِ
في عزلةِ الغابِ،
أرجمُ بالشؤمِ صدرَ القرى كالغرابِ
أنا الذئبُ، قلبُ الحياةِ المهيضُ،
وجدولهُ المرُّ
والانتحابُ المريرُ لحزنِ المساكينْ.
أشقُّ ضريحَ النعاسِ
بصوتي المحدَّبِ فوق الهضابِ:
أغيثوا حدادي الطويلَ!.
وأعوي على فطرةِ الأنسِ
مثل المجانينْ.
مازلتُ أطوي سوادَ الليالي
على ندميْ،
وأرامحُ فزّاعةَ الانتظارِ العجوزِ
أنا الذئبُ أنحتُ من خشبِ الحورِ
تمثالَ حزني
وأهجعُ خلفَ خريفِ السلاطينْ.
أنا المتألمُ في الريحِ
من دون إثمٍ ولا أملٍ،
والأشدُّ نحيباً على نطفةِ الثلجِ
أعبدُ هذا العراءَ المعفّرَ بالثكلِ
لكنني لا أرى حملاً واحداً
ليذكّرني بالنبوّةِ
كلٌّ يحاولُ ليلى
ليقتصَّ من ضلعها
ماجناهُ عليهِ أبوهُ
ووحدي أصيحُ بريئاً من الدمِّ
إني بريءٌ!!
فلا ليلَ يسمعُ رجعَ ندائي فيأوي دميْ،
أو تبرّئني من عذابي الطواسينْ