راعية المواويل

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

تُعذّبني القرويّةُ‏

تتركني مثلَ حزنٍ صغيرٍ‏

يفكّر بالحبّ في دَرْبِهَا‏

وتَعُودُ بغزلانها‏

حينَ تَحْزَنُ قريتُنَا بالغروبِ!.‏

***‏

تُعذّبني القرويّةُ‏

وَهْيَ تربّي مواويلَهَا في المراعي،‏

وتَسْرَحُ بالنّاي‏

بينَ المروجِ..‏

وحينَ يَعُوْدُ الظّلامُ إلى التلّ‏

تَهْرَعُ سَبْعُ نجومٍ إلى راحتيها‏

فتبكي عليها!‏

وتأخذُ نجماً إلى بيتها‏

في الجنوبْ!.‏

***‏

تُعذّبني القروّية‏

تَحْملُ جَرّةَ ماءِ‏

وترحلُ عندَ الغيابِ إلى حزنها ..‏

ما أحنَّ حفيفَ الرياحِ على شَعْرِهَا‏

المتموّجِ‏

يجرحني الماءُ في حبُهّا‏

والدروبُ في الليلِ‏

تجرحني بالبكاءِ!..‏

ويجرحني في طفولتِهَا العندليبْ.‏

***‏

تعذّبني القروّيةُ‏

حينَ تنادي على الحَوْرِ.‏

تأخذني مِنْ يديّ إلى النهرِ‏

عمرُكَ أصغرُ...‏

يكبْركَ الياسمينُ‏

بنصفِ خريف، بصيفٍ منَ التوتِ..‏

يكبرُكَ القمحُ سنبلتينِ،‏

وحُزْنٍ قليلْ!.‏

***‏

تعذّبني القرويّةُ‏

في ضفّةِ النّهْرِ‏

تَتْرُكُ للماءِ رُوْحيَ عريانَةً‏

في المَهَبّ‏

وتُنقذني مِنْ سقوطِ دموعيْ‏

على رَاحَةِ العُشْبِ قبلَ الرحيلْ..‏

وتُنقذني مِنْ سُقُوط وريقاتِ حزنيْ‏

أمامَ التماثيلِ‏

لا شجْرَةُ الفُلّ تبكي فُرَاقيْ‏

إذا غِبْتُ ..‏

لا مُهْرَة في ضُلُوعِ الأصيلْ.‏

***‏

تُعَذّبني القرويّة‏

في ساحلِ الليلِ‏

يا قرويّةُ رفْقَاً بأغنيتي!‏

للموشّح جرحي..‏

وشبّابتي للهديلْ!‏

-ألا أيّها المبعدُ الطفلُ‏

كيفَ استحلتَ غريباً على صَخْرَةِ البُعْدِ؟‏

-شردّني طائرُ العُتْمَةِ المغربيّ‏

وأخّرني عنِ الحزنِ أيلولُ‏

شَهْرَاً من التينِ..‏

أخرّني طائرَ النهرِ صيفَ نخيلْ.‏

***‏

تُعذّبني القرويّة‏

يركضُ قمحٌ إلى خَصْرِهَا‏

ويَشبّ بسَبْعِ سَنَابِلْ‏

ويركضُ طيرٌ إلى شَعْرِهَا‏

ليحرّرَ سبعَ رسائلْ.‏

ويمشي الحمامُ وراءَ الحمامْ.‏

***‏

تُعذّبني القرويّة والنايُ‏

تمضي بجرّتِهَا إلى النبع صبحاً‏

فيتبعها‏

وتَعُوْدُ مِنَ الحقْلِ ليلاً‏

فيسبقُهَا..‏

ويبكي وحيدَاً على رُوْحِهَا في الظلامْ.‏

***‏

تعذِّبني القرويّةُ بَعْدُ الغروبِ! .‏

***‏

تعذِّبني القرويّةُ في الفجرِ‏

والقَمْحُ يُحْزنني‏

كلّما هبّتِ الريحُ مجروحَةً في العيونِ‏

وتُحزنني أينما رحتُ تلكَ النصوبْ!.‏