ريحانةً للثلج كي أبكيْ على أيقونتيْ
يا طائرَ الصلواتِ!
ناياتٌ لتبسطَ راحتيّ إلى النجومِ
بشهوةٍ بيضاءَ كالريحانِ..
زيتونٌ لأعصرَ دمعتي حزناً
على ضلعِ الفراتِ!
كأنّ كلّ حمامةٍ أختيْ إذا هدَلتْ،
وكلّ إوزةٍ روحي إذا شردت
وكل سحابةٍ سوداءَ ثاكلتي
الأخيرةُ في الحياةِ!!!
أيا فراتَ الدمعِ!
ما ناحتْ على الزيتونِ عاشقةٌ
لنرثيها
ونذْكُرَ أننا صفصافُ!!
ما اتكأتْ على الينبوعِ عذراءَ النبوّةِ
كي نشرّدَ روحنَا في مائها الصافي
ونشعرَ أننا أطيافُ!!
واأسفاهُ يا أشعارُ!!
واأسفي على كلّ المواويلِ التي
كَبُرَتْ على صدري،
وأرضعني حليبَ نواحها المزمارُ!!
واأسفي على رجع الأغاريدِ
التي حملتْ إلى أرواحنا وجعَ السحابِ،
وهدْيَةُ الباكي
فراحتْ كالخيولِ البيضِ
تتبعُ عمرَنَا الأشعارُ!
واأسفاهُ يا أشعارُ..
هل أبكي على جرحِ النواعيرِ
التي انتظرتْ هلالَ القمحِ صيفاً كاملاً؟
كيما أردّ الريحَ عني
حين يثكلها العواءُ!!
وهل أتوبُ إذا اغتسلتُ بضحـوةِ تعبى،
بكاملِ صفرتيْ
في النبعِ كالعذراءِ؟!!..
كي تأتي البلابلَ من جذوعِ الدمعِ
حاملةً قميصَ الموتِ من أجلي
كأشرعةٍ من الحسراتِ!!!
أو تحبو دوالٍ من بكاءاتِ العنبْ
كيما تسرّحَ روحها الثكلى
على شَتْلاتِ حزنيْ،
وتعصرَ دمعهَا حزناً على ضلعِ الفراتِ!!
كأنّ كلّ حمامةٍ أختي إذا هَدَلَتْ
وكل سحابةٍ سوداءَ
ثاكلتي الأخيرةْ في الحياة؟!!
أكلما صفصافة ذرفتْ على جسَديْ
تمائمَ روحها الصفراءِ
جاءتني السنابلُ من هديلِ القمحِ
نحو خريفها المجروحِ
تقتل نفسها ..
كحمائم ثكلى على ضريح الروحِ
وانتصبت ذئابٌ سبعةٌ
تعوي على جبل الحدا العالي،
وتجرح بالعويلِ المرّ منديل الضبابِ! .
أكلما أيقظتْ قافيةً لأجلسَ قربها
فرّتْ فراشاتُ المدى الأعمى
إلى شَمْعِ الرسائلِ
كالشحاريرِ الضريرة
واختفتْ مثل السرابِ؟!.
سأتركُ الأيامَ نائحةً إذن قربيْ
لأبلغَ آخرَ الخمسين
في هذا الخريفِ
أكلما طالَ الغناءُ
وصارَ للعشاقِ وحيٌ خلفَ أهدابِ القرى
صِرْنا سحاباً للسحابِ؟ ..
فنحنُ حزنٌ كلما ناحَ الحمامُ
على السطوحِ
ونحنُ نخلٌ كلما مرّ الحداةُ ..
وسالَ زيتونٌ كدمعِ العينِ مجروحاً
على ضلع الفراتِ
فلا صبيةَ كي نزيّنَ هدبها بالقمحِ
لا امرأة ستأتي من شمال جمالها
لتنامَ كالأشجارِ فوق قبورنا التعبى،
وتشرعَ للخريف- خريفها الباكي-
جدائلَ شعْرها السوداءَ
واأسفي على قمرٍ غسلتُ قميصُهُ بالحزنِ
فامتلأتْ بأحزاني الجرارُ
وصابحتْ وجهي صبايا الماء
يزرعنَ المناديلَ الصغيرة
في دروبِ الصبحِ كالأسرارِ
واأسفاهُ يا أشعارُ.. .
ضَمّ الحزنُ زهرته..
وفوقَ صلاتيَ البيضاءِ هرَّ الجلنارُ!! ..
وسالَ زيتونٌ كدمع العينِ مجروحاً
على ضلع الفراتِ!!
كأنّ كلّ حمامةٍ أختي إذا هدلتْ
ثاكلتي الأخيرةُ في الحياةْ!