زهرة الأخضر

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

سَهَرٌ على الينبوعِ‏

وامرأة تَزَوّجتِ الحفيفَ‏

وسيّجتْ شبّاكها بالفلّ‏

والسروِ الحزينْ.‏

***‏

مالتْ على أيقونةِ العذراءِ شاكيةً‏

فمدَّ البحرُ زرقته أمامَ الحزنِ..‏

امرأةٌ بكلّ حنينها..‏

(بأناملٍ) بيضاءَ من رجزٍ وموسيقى‏

تضيءُ شموعها للغائبينْ.‏

***‏

مثلَ الرسولةِ في أقاصي الصبحِ‏

تجمعُ نرجساً لزفافها‏

والأزرقُ الورديُّ يمسحُ وجهها‏

بالياسمينْ.‏

***‏

لصفاءِ طلعتها مصاحفُ لا تَمسُّ..‏

لروحها شهواتُ قبل الفجرِ‏

أسقطَ طائرُ الرمانِ ريشته على شباكها‏

العالي‏

وطارَ بصوته الحافي‏

يغرّدَ في بساتين الحنين.‏

***‏

سهرٌ على الينبوعِ‏

جاءَ البلبلُ الصيفيُّ..‏

جاءَ القمحُ..‏

والفلاحُ يحملُ سلّةَ الليمونِ..‏

والناطورُ يحملُ من كرومِ الليل‏

موّالَ الغروبِ..‏

وجاء نايٌ طاعنٌ في السنّ‏

يحملُ في جوانحهِ المراثي..‏

كلهمْ جاؤوا عشاءً ناحبينْ!‏

***‏

سهرٌ على الينبوعِ‏

راحَ القمحُ يشعلُ موقداً للخبزِ‏

والكرَّام يُعصرُ خمرةَ الأعنابِ‏

والناطورُ يبني من ضلوعِ اللوزِ‏

عرزالاً لشوقِ الحاصدينْ.‏

***‏

قرعتْ طبولَ الصيفِ كفُّ الريحِ‏

راحتْ نسمةٌ بيضاءُ ترقصُ‏

في ثيابِ النومِ..‏

والزمّارُ يزمرُ في أعالي الوعرِ..‏

إنَّ القمحَ في شغلٍ.‏

وغصنُ الحورِ مهتزٌ‏

يراقصُ ريشةَ العصفورِ‏

والصوفيُّ يغزلُ من خيوطِ الوقتِ‏

منديلاً لعذراءِ الحمائمْ.‏

***‏

وأنا الصبيْ..‏

قرأتْ عليه غمامةٌ أسرارها‏

ورعته مريمُ في سريرِ حنانها‏

الحاني فنامْ‏

***‏

أشعلتُ سنبلةً برائحةِ البنفسجِ‏

ثم قلتُ لطائرِ الزيتونِ:‏

اذهبْ في نشيدِ القمحِ أميّاً‏

لتدخلكَ القصيدةُ وقتها العالي..‏

وقلتُ لطفلةٍ لا تذهبي للنومِ‏

(حبركِ أبيضٌ)‏

والليلُ محبرةُ الكلامْ.‏

***‏

فاكتبْ لنا أشواقنا يا حبرُ‏

في فصلِ الكتابة‏

كي نظلَّ على هيامْ!‏

***‏

واذهبْ إلى قمرِ القرى‏

المرفوعِ فوق غنائنا الصيفيِّ‏

سلّمهُ الرسالةَ:‏

إن أزهارَ البنفسجِ والجداولَ‏

والمياهَ الخضرَ والأنهارَ والأطيارَ‏

إخوتنا وقريتنا الغمامْ.‏

***‏

الليلُ سيّج نَومنا (بجدائلٍ) سوداءَ‏

واقتعدَ الغروبُ على السياجِ‏

يضيءُ أزهارَ الشموعِ الحمرِ...‏

والأشجارُ قد هزّتْ على شباكنا‏

المفتوحِ أجراسَ الحفيفِ‏

كأنها الهمسُ الحرامْ!‏

***‏

سهرٌ على الينبوعِ‏

نامَ القمحُ وانطفأَ الهلالُ‏

على سريرِ الليلِ‏

والأقلامُ أغفتْ فوق أوراقِ الكتابة‏

واختفينا في الكلامْ