تلويحة العاشق

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

 

مولاي إن الروحَ ترقصُ‏

كالحمامةِ في الهديلْ!‏

***‏

نشوانة بالخمرِ في ديّارةِ الأجراسِ‏

أيقظها إذن مولاي بالتَّسبيحِ‏

عودُ الندّ محترقٌ،‏

وهذا النهدُ في ظمأ‏

ينامُ على بياضِ الحلم كالقمرِ الجميلْ!‏

***‏

فانشرْ على ليلي هلالكَ يا نبيّ الصبح‏

في هذي السكينة‏

كي أسبّحَ باسمكَ العالي،‏

وأهتفَ في سواد الليلِ:‏

يا قدوس يا قدّوس‏

طابت نفسي الثكلى،‏

وطابَ الموتُ في هذا الجمال المستحيلْ!‏

***‏

أنا من رأيتُ حمائماً بيضاءَ‏

تهدل عن يمينِ الليل،‏

والأسرابَ سارحةً كآياتٍ من الأشعارِ‏

في صدرِ المدى الشفافِ‏

تهجسُ يا حبيبي!‏

ورأيتُ في أُفق الليالي‏

سارحاً مثل الهلالِ العذبِ في الأصيافِ‏

ذيّاكَ الحبيب مع المغيبِ.‏

***‏

أنا من رأيتُ سحابةً في الصبحِ‏

ترضعُ طفلة شقراءَ دمعتها‏

وتقطرُ بالحليب.‏

وأنا الذي شاهدتُ امرأةً‏

يصيّرُ قلبها طيرُ الإوزّ يمامةً‏

عند الصباحِ‏

ويسرحانِ على غديرِ الماءِ‏

عذراوينِ من قمرٍ ونيلْ!‏

***‏

فارسمْ بريشتكَ الحنونةِ‏

في بياضِ النهدِ سوسنةَ الحليبِ الحلو‏

وارفع سيفكَ المجروحَ في هذا الجمالِ المستحيلْ!‏

***‏

رقصتْ حماماتُ الديارِ‏

على سريري،‏

واستعادَ الحبرُ ريشاتِ الهديلْ.‏

***‏

قم أيُّها المعشوقُ‏

واسقِ عريشةَ الروحِ العليلةِ..‏

ربّها بالطلّ‏

واتركها تعطّرُ قلبك الباكي‏

كزهرِ البيلسانِ الغضّ في نهد جميلْ!‏

***‏

مولاي هذا الطائرُ البريّ‏

ينقرُ حبّةَ الرمانِ من روحي‏

فما أحلاهُ..‏

عذباً، مسكرَ النقراتِ‏

يرميني بماءِ الوردِ‏

والعنبِ المخَمّرْ.‏

وتقومُ امرأةٌ من الحناءِ‏

ترقصُ (كالموسيقى) في المدى المخضرّ‏

تاركةً دمَ النبّاذِ‏

يصنعُ خمرةً ذهبيّةً‏

ويجمّرُ الرمانَ كالذهبِ المجمّرْ.‏

***‏

فأحارُ أيّهما أشدّ‏

الرندُ وهو ينمّ عن شهواتها‏

أم أطلسُ الجسدِ المطيّبِ بالبنفسجِ‏

والمعطّرْ؟‏

***‏

جسدٌ من النيلوفر الريّانِ‏

يرقصُ عارياً وسطَ البخورِ‏

فيوقظُ الريحانَِ،‏

والعطرَ الخفيّ لخمرةِ الحزنانِ،‏

والقمرَ النحاسيّ المقمّرْ.‏

***‏

جسدٌ يطلّ كأنه الشمسُ الصغيرةُ‏

في المدى النشوانِ..‏

مغسولاً برقراقِ الدموعِ..‏

يهزّ أثداءَ البنفسجِ فوق مهدكَ‏

كي تنامْ.‏

***‏

يا أيُّها البدرُ الحرامْ!‏

***‏

هذا جمالكَ مشرقٌ كالصحوِ‏

مغروسٌ كحدّ السيفِ في خصرِ الغمامْ!‏

***‏

يا شمعدانَ الفضّةِ البيضاءِ‏

ذيّاك السفرجلُ – نهدها المبيضّ-‏

من سوّاهُ من شغفٍ‏

تباكر صبحه نجدٌ وشامْ؟‏

***‏

والقمحُ ذاك القمحُ‏

من ربّاه كالخصلاتِ‏

في صدرِ الصبيةِ‏

كي يشفّ عن الحفيفِ العذبِ‏

في شجنِ الهزامْ؟‏

***‏

في النصفِ من شعبانِ‏

يصفو الليلُ‏

تصفو خمرةُ الحزنانِ‏

فاذهبْ أيُّها الكرّامُ خلفَ الناي‏

إنكَ عاشقٌ..‏

واجلسْ بنسكٍ تحتَ أجراسِ العنبْ!‏

***‏

واذهب كأنكَ آخر العشّاقِ‏

تحرسكَ العرائشُ،‏

والرنينُ العذبُ للأقمارِ‏

في صيفٍ من العاجِ الأليفِ،‏

وأُمسياتٍ من ذهبْ!‏

***‏

واذهبْ بعيداً‏

إنما ليلي كنائسُ فضّة..‏

وناووسي قصبْ.