اننا نحتاج كثيرا من الخيال و المرونة و التخلي عن الجمود حتي نستطيع ان نحلق في هذا العالم الغامض الذي تواتر الينا مبهما لا ندري له اول من اخر نحتاج ان نكتب هذا التاريخ بعيدا عن القوالب الجامدة المنفرة التي تجعل القاريء يكره المتابعة و يغلق الكتاب من او صفحة بل من اول سطر
انه تاريخنا المصري تاريخ ام الحضارات بلا رياء تاريخ اول قلم و اول اسطول و اول تقويم و اول ثورة مدنية و ثورة دينية و اول رحلة بحريةلاكتشاف العالم ...هكذا كنا اصحاب الريادة في كل شيء و لنقل في معظم الاشياء حتي لا يتهمنا احد بالغرور
نحن ابناء و احفاد اول من اسس نظام للاضراب في العالم و نحن اول المشرعين قبل تشريع حمورابي و اول من عرف الهندسة و الحساب و العلوم و الرياضة و نحن اول الشعراء حضارتنا الضاربة في القدم لمليون سنة سابقة (طالع كتاب ام الحضارات للاستاذ/مختار السويفي-الدار المصرية اللبنانية)ففي القرن التاسع عشر الميلادي قام بعض العلماء باكتشافات اثرية سلطت الضوء علي مراحل البدايات الاولي لحضارة مصر القديمة حتي انهم ارجعوا عمر الحضارة المصرية الي مئات الالاف من السنين ففي قرية السلسلة و الواقعة شمال كوم امبو بمحافظة اسوان عثرت احدي بعثات التنقيب الاثرية علي جمجمة متحجرة لانسان مصري كان يعيش في تلك المنطقة في عصر موغل في القدم و عندما اجريت الدراسات و الفحوص العلمية لتلك الجمجمة باستخدام احدث اجهزة التحليل الطيفي و الاشعاعي تبين ان عمرها يزيد علي مليون سنة و معني ذلك ان منطقة جنوب مصر كانت عامرة و مأهولة منذ اكثر من مليون سنة
ساحدثكم عن تاريخ مصر القديم و الحديث في سطور قليلة لاني اعلم ان هناك البعض لا يحب المواضيع الطويلة بملل و لربما لا يكتفي البعض بهذا القليل ثم بعد ذلك سوف نتناول تاريخ مصر ببعض من التفصيل علي مر العصور سوف ياخذ هذا منا الكثير من و قت و لكنها دعوة لكتابة التاريخ بعيدا عن التزييف و الغموض و تطويع النصوص التاريخية حسب الاهواء سوف تكون كتابة مجردة بعيدة عن الاهواء اعاننا الله علي ذلك و اتمني من كل من يريد ان يشاركني هذه الخطوة البداية معي يدا بيد
هذا الانسان المتواضع صاحب هذه الحضارة العملاقة هل قابلت يوما فلاح في حقله او صانع في مصنعه او غازل في مغزله او بناء و هو يعلي بنايته اذا قابلت هؤلاء فقد قابلت حفيدا من احفاد بناة الاهرام و المسلات و المعابد و الكنائس و المساجد و من شق قناة السويس و اول ما سوف تلاحظه هنا هي تلك الابتسامة المرتسمة فوق شفتيه ابتسامة طيبة تآسرك حتي لا تستطيع ان تفلت منها حتي تبادله الابتسامة و لكن تفاجئك تلك النظرة المليئة بالتحدي الساخر و هذه السواعد التي قدت من صخر و جسد هزيل تسأل نفسك مائة مرة كيف زرع هذا الهزيل هذه المساحة الشاسعة من الارض دون ان يقع مغشيا عليه بعد ضربه للارض بالفأس للمرة الثانية...مازلت اراك واقفا هناك يشدك شيء في هذا الانسان الغريب ....اعلم انك تراه لاول مرة و لكنك تحس معه بالالفة و كانك تمت له بصلة قربي و كانه اخوك او اباك او خالك او عمك او جدك و في اسوء الفروض و كانه صديقك ....الاسئلة تتوالي علي راسك ما سبب هذا الشعور و لنخوض معا في اسباب هذا الشعور ان قصة التاريخ المصري القديم في ذاتها قصة بالغة الروعة و لكننا اهل البلاد او زائريها ننسي دائما في اوج اعجابنا المسئول الاول عما نتأثر به. فالاهرام و التقويم و نصوص الاهرام وكتاب الموتي و كنوز توت و المسلات و المعبد و التعامد الشمسي و جامع عمرو و الكنيسة المعلقة و.......و............... كل هذه الاثار توحي الينا باسماء الملوك و الخلفاء و السلاطين و ننسي منشئها الفعلي و هو الشعب المصري ذلك الشعب الذي يقف خلف كل هذه الروائع ثابتا للرزايا و المحن و ننساه لانه غير مسمي فلا هو رمسيس و لا اخناتون و لا كيلوباترا و لا هو عمرو بن العاص و ابن قلاوون و لا محمد علي او جمال عبدالناصر او السادات . ننساه و هو الماثل اما عيوننا اليوم كما كان منذ الالف او الثلاثة الاف او ستة الاف او العشرة الاف سنة السابقة ....فالفلاح المصري اليوم هو نفسه فلاح الالفية الاولي قبل نشاءة التاريخ لا في نوع التفكير و لا في لغته و لا في عقيدته و لا في لباسه و لكن فيما له علاقة بالارض و الري و الزراعة يخرج الي الحقل و يعود الي مأواه البدائي يتزوج و ينجب الاولاد ايادي عاملة ....و ينام هو و هم و البهائم و الدواجن فيما يكاد يكون مكانا واحدا ينظر الي العمدة و شيخ البلد نظرته الي صاحب السلطان هذه هي وحدة المصري عبر تاريخه وحدة الحياة علي ضفاف النيل. و اهم منها وحدة الشقاء الناشيء عن الاستغلال: استغلال رجل المدينة صاحب الارض و كاهن المعبد و ممثل السلطة . و قصة الشقاء هذه لا تتغير بتغير الاشخاص: جناب اللورد في قصر الدوبارة و افندينا في القصر العالي و مولانا ظل الله علي الارض في المابين و الملك الاله في القصر الكبير ((فر – عا)) اختلفت المسميات و ظلت حياة الفلاح ترسف في سلاسل محكمة الحلقات لا فكاك له منها : المال للحكومة و السخرة للدولة و كل شيء لصاحب الارض أي للمملوك المالك و الباشا و رجل الثورة و رجل الدين و الاستراتيجوس الروماني نائبا عن قيصر و البطليموس و كل من حكم به عليه الزمان من قديم الزمان و حديثه. كانت هذه نبذه عن الفلاح كواحد من اصحاب هذه الحضارة العظيمة سواء اما ابن المدينة ابن الحضر فلهذا حديث اخر ياتي في المداخلة التالية