قطر الندى

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : مصطفى سلام | المصدر : www.egyptsons.com


 
قطر الندى

" الحنة يا الحنة يا قطر الندى .. يا شباك حبيبى يا عينى جلاب الهوى "
 

أظن أن أحدا من أبناء هذا الجيل لم يستمعوا إلى هذه الأغنية التى كانت منذ عهد غير قريب تتردد فى مصر !!!
و أعتقد أن كثيرا من أبناء جيلى يجدون صعوبة بالغة فى تذكر هذه الأغنية التى تتحدث عن قطر الندى !!!

فمن هى قطر الندى تلك ؟ .. كثيرون سيعرفونها , و قليلون من يعرفون عنها ما كان من أمرها و أمر أبيها .

إنها أسماء – و هذا هو اسمها الحقيقى – بنت خمارويه (تولى بعد وفاة أبيه سنة 271 هـ ) بن أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية فى مصر (254- 292 هـ ) و بانى مدينة القطائع ليتخذ منها عاصمة لمصر بديلة عن الفسطاط التى بناها عمرو بن العاص . و كان خمارويه واحدا من أربع و ثلاثين من الإخوة !!

و كانت الدولة المصرية تمتد من برقة غربا حتى الفرات شرقا شاملة فى ذلك الشام , لكنها مع ذلك كانت منضوية روحيا تحت لواء الدولة العباسية فى بغداد , لكن الدولة الطولونية كانت تخوض ضد جنود الدولة العباسية المعارك من أجل الحفاظ على استقلالها ..حتى تولى خمارويه الحكم فأراد أن يقيم بين دولته و الدولة العباسية حالة من السلام . فأرسل إلى الخليفة العباسى المعتضد الهدايا و الرسائل التى انتهت بخطبة ابنته قطر الندى إلى الخليفة ذاته بعد أن كان خمارويه قد عرض زواجها لابن الخليفة !!

و كانت أسماء - قطر الندى – أجمل نساء عصرها و أوفرهن ذكاء و تثقيفا , و قد ولدت فى قصر القطائع – الذى أنشأه خمارويه على غرار قصور ألف ليلة و ليلة : إيوان ذهبى , بركة كبيرة من الزئبق , مسارح للطير و الأسود .....!!!! , و كان عمرها عند الزفاف أربعة عشرعاما .

دفع الخليفة مهرها ألف ألف درهم و كان هذا الصداق ضربا من الخيال فى ذلك العهد , لكن أباها أنفق على جهازها أضعاف أضعاف هذا المبلغ :
أريكة من الذهب عليها قبة من الذهب المشبك فى كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة من الجوهر لا يقدر بمال .. و مائة هون من الذهب .. لقد صرف على جهازها أربعمائة ألف ألف درهم و هذا مبلغ هائل الضخامة يعادل ميزانية دولة فى ذلك العصر !!

ثم أمر خمارويه أن يبنى لابنته عند كل محطة استراحة قصرا منيفا تستريح فيه كأنها فى بيت أبيها .

و بدأت الرحلة و خرجت قطر الندى فى نهاية عام 281 هـ من مدينة مصر(العاصمة ) فى موكب عظيم يصحبها عمها شيبان و عمتها العباسة و الخدم و الحشم .. و مما يذكر أن القصر الذى بنى للاستراحة على الحدود الشرقية (لمحافظة الشرقية ) قد سمى قصر العباسة , ثم نشأت قرية سميت بنفس الاسم نسبة إلى عمتها .

و وصل ركب الأميرة إلى بغداد فى المحرم سنة 282 هـ و زفت إلى الخليفة فى احتفالات هائلة , و حظيت لدى الخليفة بكل الحب و الرعاية .

و بعد زفافها بأشهر قليلة قتل أبوها فى دمشق فى مؤامرة من خدمه (282هـ) , ثم ماتت الأميرة الجميلة قطر الندى فى رجب سنة 287 هـ و دفنت فى قصر الرصافة ببغداد , ثم مات الخليفة زوجها بعدها بعامين ... ثم :
زالت الدولة الطولونية نفسها عام 292 هـ - 905 م .
------------------------------------
المصادر :
* وفيات الأعيان لا بن خلكان - ج 1
* خطط المقريزى - ج 2
*مصر الإسلامية – محمد عبد الله عنان
مصطفى سلام