أما الشباب فقد سبقت بغضه
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
البحتري
| المصدر :
www.adab.com
أمّا الشّبَابُ فَقَدْ سُبِقْتَ بغَضّهِ،
وَحَطَطْتَ رَحلَكَ مُسرِعاً عَن نَقضِهِ
وأفَاقَ مُشْتَاقٌ، وأقْصَرَ عاذِلٌ
أرْضاهُ فيكَ الشّيبُ، إذْ لمْ تُرْضِهِ
شَعْرٌ صَحِبْتُ الدّهْرَ، حتّى جازَ بي
مُسْوَدُّهُ الأقْصَى إلى مُبَيِّضهِ
فَعَلَى الصِّبَا الآنَ السّلامُ، وَلَوْعَةٌ
تَثْني عَلَيْهِ الدّمْعَ في مُرْفَضّهِ
وَلْيَقْنَ تُفّاحُ الخُدودِ، فلَستُ من
تَقبيلِهِ غَزِلاً، وَلاَ مِنْ عَضّهِ
وَمُكايِدٍ لِي بالمَغِيبِ رَمَيْتُهُ
بِصَرِيمَةٍ، كالنّجْمِ في مُنْقَضّهِ
فَرَدَدْتُ ظُلْمَةَ يَوْمِهِ في أمْسِهِ،
وأرَيْتُهُ إبْرَامَهُ في نَقْضِهِ
أمضَيْتُ ما أمضَيتُ فيهِ، وَلَوْ ثَنَى
بإشارَةٍ، أمْضَيْتُ ما لمْ أُمْضِهِ
وَعِتَابِ خِلٍّ قد سَمعتُ، فلَمْ أكنْ
جَلْدَ الضّميرِ على استِمَاعِ مُمِضّهِ
هذا أبُو الفَضْلِ الذي صَرْحُ النّدَى،
في رَاحَتَيْهِ، مَشوبُهُ عَنْ مَحْضِهِ
لمْ نَخْتَدِعْ بِجَهَامِهِ عَنْ غَيمِهِ
يَوْماً، وَلَمْ نَرَ خُلّباً مِنْ وَمْضِهِ
طافَ الوُشاةُ بهِ، فأحدَثَ ظُلْمَةً
في جَوّهِ، وَوُعُورَةً في أرْضِهِ
غَضْبانُ حُمّلَ إحنَةً، لوْ حُمّلَتْ
ثَبَجَ الصّباحِ، لَثَقّلتْ من نَهضِهِ
مَهْلاً! فِذاكَ أخُوكَ ذو ألْهَيْتَهُ
عَنْ لَهْوِهِ، وَشَغَلْتَهُ عَنْ غُمضِهِ
خَزْيَانُ أكبَرَ أنْ تَظُنّ خِيَانَةً
في بَسْطِهِ لصَدِيقِهِ، أو قَبْضِهِ
ماذا تَوَهّمَ أنْ يَقُولَ، وَقَوْلُهُ
في نَفْسِهِ، وَلِسَانُهُ في عِرْضِهِ
أنَبَوْتُ عَنْكَ بزَعْمِهِمْ؟ وَمَتى نَبا
في حَالَةٍ بَعضُ امرِىءٍ عَنْ بَعْضِهِ
أنَصَلْتُ مِنْ عَوْدِ الحَيَاءِ وَبَدْئِهِ،
وَخَرَجْتُ من طُولِ الوَفَاءِ وَعَرْضِهِ
"المَذْحِجيّةُ" بَيْنَنَا مَوْصُولَةٌ
بِنَوافِلِ الأدَبِ الأصِيلِ وَفَرْضِهِ
وَتَرَدّدٌ للكَأسِ أحْدَثَ حُرُمَةً
أُخْرَى، وَحَقّاً ثالِثاً لمْ نَقْضِهِ