قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم 21 فالحياة الزوجية رحلة طويلة تتحقق فيها السعادة والهناء إذا أخلص كل من الزوجين وابتغى بعمله وجه الله ،فابتسامة الزوج تضفي اشراقة على الأسرة ،وابتسامة الزوجة تدخل السرور على الزوج،وتكريس كل منهما وقته وجهده في سبيل إسعاد الآخر مما يعين على بقاء هذه اللبنة وامتدادها على مر السنين والأعوام،فالزوجان هما دعامة الأسرة وسر سعادتها. ولا تتحقق السعادة في الأسرة إلا بالعمل على البذل والتضحية ونكران الذات،وشيء من الأناة وسعة التفكير وإذابة أي مشكلة قد تعترض هذا العش الهانئ ،فالأسرة هي ركيزة المجتمع فإذا سعد بناء الأسرة سعد المجتمع كله؛لأن الإنتاج يكون سليماً،وإن سلم نتاج الأسر من الأبناء سلم المجتمع ككل،وإذا عرف الزوجين عبء هذه المسئولية وخطورتها شمر كل منهما عن ساعد الجد لتنشئة جيل مسلم نقي السريرة قوي الإيمان ثابت البنان، لا تهزه الأعاصير. ومن أسباب سعادة هذا الكيان الأسري اهتمام المرأة _وهي الأساس في بناء هذه الأسرة_ بما يلي: 1. بطاعة زوجها ،وذلك بمعرفة عظم حقه عليها ،وأن طاعته من طاعة الله ،قال صلى الله عليه وسلم (إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ )(1) وقال صلى الله عليه وسلم :( أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ) (2). " ويرسم الرسول الكريم صورة وضيئة مشرقة محببة للزوجة الصالحة الودود السمحة الحسنة الخلق السعيدة في الدنيا والآخرة فيقول: إلا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا:بلى يا رسول الله .قال: ولود ودود إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى.." (3). وإن المرأة المسلمة الرشيدة لتعلم أن الإسلام الذي أجزل لها المثوبة بطاعتها لزوجها ،وادخلها الجنة،هو الذي توعد كل امرأة تنكبت طاعة الزوج وأعرضت عنه،ولم تبال به،توعدها بالإثم والسخط ولعنات الملائكة،ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) (4). 2. الاهتمام بمظهرها ،وذلك باللبس الأنيق الجميل والرائحة الطيبة (5)،فتختار من اللباس ما يعجبه ويروق له وترتاح نفسه إليه،ومن الروائح الجميلة التي تميل إليها نفسه،محتسبة ذلك عند الله. 3. الابتسامة الحلوة والدعابة المحببة إلى النفس،والمنطق الحلو وجمال الروح وخفة الدم،وهذا يضفي على الأسرة جواً من المرح والألفة تزيل عن كاهل الزوج كثير من الأعباء التي يحملها من خارج البيت. 4. الاهتمام بالبيت من ناحية النظافة والترتيب وحسن التنسيق،مع المحافظة على الهدوء والسكينة وخاصة عند عودته من العمل،مع إظهار الفرح والسرور بقدومه وعودته سالماً. 5. إذا استطاعت إرسال رسالة عبر الجوال قبل عودته أو أثناء وجوده في العمل فيها من عبارات الشوق والحب،والدعاء له فهذا مما يدخل السرور إلى نفسه قبل عودته إلى البيت . وتحرص على الاستحمام وتغيير ملابسها قبل عودته ،وتحتفي بقدومه،وتقدم الطعام فور عودته وتهيئ له كل ما يحتاجه. 6. التفنن في اختيار أشهى المأكولات التي يحبها ،لترضيه بذلك وتنال استحسانه،ولا تعتمد في إعداد الطعام على الخادمة ،حتى تشعره باهتمامها به وحرصها على إرضائه ،وأنها تتفانى في سبيل إسعاده . 7. أن تقدم له الهدايا كلما سنحت الفرصة،مبتغية بذلك إدخال السرور على نفسه،وهذا مما يسعد الزوج ويشعره بمكانته في قلب زوجته فيبادلها الشعور وتدوم المحبة بينهما كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تهادوا تحابوا). 8. أن تكرم أهله وتظهر الاحترام لوالديه ،وتحرص على أن تبادر بدعوتهم لزيارتها ،وتشعرهم أنهم عماد الأسرة ومنبع الخير ،فالرجل يقدر للمرأة ذلك وتزيد مكانتها لديه. 9. إشباعه من الناحية الجنسية،وهذا مما قد لا يروق لبعض الزوجات ،فتقع المشكلات بسبب نفورهن أو تهربهن والتعلل بحجج واهية قد تغضب الزوج وتسخطه، "ذلك أن قضية إحصان الرجل وإبعاده عن الفتن أهم من كل عمل تقوم به المرأة؛ لأن الإسلام يريد للرجل والمرأة على السواء أن يعيشا في جو كله نقاء وصفاء وطهر وبعد عن أي إثارة من آثار الفتنة والتطلع إلى اللذة الحرام ،ولا يطرد خاطرة الجنوح إلى الحرام إلا تفريغ الطاقة الطبيعية في مصارفها الحلال الطبيعي والمشروع"(6)،وهو ما أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي: ( إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ)(7) . فلتنظر الزوجة في هذه الفتن وقد احتوت الرجال من كل جانب :الفضائيات ،الانترنت، النساء في المركز والأسواق...وفي كل مكان ،ولتجتهد في تطبيق هذه الأحاديث مستعينة في ذلك بالله ،مبتغية الأجر والمثوبة منه ومتطلعة إلى جنة عرضها السموات والأرض تدخلها من جميع الأبواب إذا شاءت. 10. لا تكلف الزوج فوق طاقته المادية ،فتراعي أن تتناسب متطلباتها ومتطلبات البيت والأبناء مع دخل الزوج وقدرته المادية ، وتبتعد عن الإسراف والبذخ وحب المظاهر ،فإرهاق الزوج ماديا من أكثر دواعي تنكيد عش الزوجية. 11. أن تعلم أن سعادة أسرتها منوطة بحسن تبعلها لزوجها والحرص على مرضاته ،فتبذل وسعها في إسعاده ،بالخلق الحسن والكلمة الطيبة ،والابتسامة المشرقة،والتعامل الراقي البعيد عن التعالي والكبر وحب الذات، يقول صلى الله عليه وسلم (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) (8). وكما إن للمرأة دور كبير في إسعاد الأسرة وتذليل اكبر العقبات التي تعترض الحياة الزوجية ،فإن للزوج أيضا الأثر الكبير في السعادة الزوجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: 1. تفهم الرجل لنفسية الزوجة فقد تتعرض المرأة في كثير من الأحيان لضغوط نفسيه سواء من أطفالها وكثرة متطلباتهم وتعليمهم أو مشاكل أسرية تتعلق بأسرتها أو مرض جسدي كالآم الدورة الشهرية كل ذلك يحتاج إلى تفهم من الزوج وتقدير لهذه الظروف فيتلطف معها ويشعرها باهتمامه بها وحبه لها مما يزيح الكثير من ألامها فتسعد برفق هذا الزوج ولطفه. 2. احترام الزوج للزوجة وأخذ رأيها في كثير من أمور الأسرة يشعرها بأهميتها وإنها جزء من كيان هذه الأسرة وموافقتها والثناء على رأيها وامتداحها مما يعزز ثقتها بنفسها ،فتكن بذلك الاحترام والود والحب لزوجها ،وبذلك تشعر الزوجة بالطمأنينة والاستقرار مما ينعكس على تصرفها وسلوكها مع زوجها وأطفالها. 3. مساعدة الزوج لزوجته في أعمال البيت اقتداء بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولو بالقليل يضفي على جو البيت بهجة ويسعد الزوجة ويشعرها بتقدير زوجها لها فيسعدان معا بهذه المشاركة ، عن عمرة : قيل لعائشة رضي الله عنها: ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته قالت : كان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ، ويخدم نفسه ). 4. الثناء والمديح من الزوج لزوجته في ترتيب البيت أو اختيار أصناف الطعام أو إتقان الطبخ،وكذلك لبسها وعطرها وأسلوب تربيتها لأولادها أو أسلوب تعاملها مع الآخرين ،كل هذا مما يدخل السرور والسعادة إلى نفسها وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث "إن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم " فكيف بمن هي أحب الناس إليه زوجته فليحتسب الزوج كل هذا عند الله سبحانه وتعالى . 5. الكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة لها اثر عظيم في إسعاد الزوجة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم"الكلمة الطيبة صدقة" وقال صلى الله عليه وسلم"لا تحقرن من المعروف شيئا ولو إن تلق أخاك بوجه طليق" وقال صلى الله عليه وسلم"تبسمك في وجه أخيك صدقة" فكيف بالزوجة فإن الأجر أعظم وكم لهذه الابتسامة من الزوج من اثر على نفسية الزوجة وكم من الكلمات الطيبة التي تسعد الزوجة وتزيل ألامها وتشحذ همتها لمواصلة الجهد في إسعاد هذه الأسرة. 6. العناية بالنظافة الشخصية والاهتمام بحسن المظهر،فكما يحب الرجل أن يرى زوجته في صورة حسنة يحصن بها نفسه،فكذلك الزوجة،ورحم الله ابن عباس رضي الله عنهما فقد قال : (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها على، لان الله تعالى قال: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف") 7. احترام أهلها ،وإظهار التقدير والإكرام لهم،وعدم ذكرهم أمامها إلا بالخير،وقدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يكرم أهل خديجة رضي الله عنها حتى بعد وفاتها ،عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها ، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يُقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يبق في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟! فيقول : إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد )رواه البخاري. 8. إذا أردت أن تعاتب أو تعاقب فلا تفعل أمام الآخرين_ والأبناء على وجه الخصوص_ ولا توجه لها ألفاظ قد تجرح مشاعرها ،أو تقارنها بغيرها من النساء،وأعلم أن مشاعر المرأة مثل الزجاج شفافة،حساسة،سهلة الخدش والكسر،لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( رفقا بالقوارير). 9. الحزم في القضاء على أي مشكلة قد تحدث بين زوجته وأهله وعدم السماح لأي طرف منهما التدخل في شؤون الطرف الآخر ولا يترك لهم فرصة في ذلك وضرورة احترام كل منهما للطرف الآخر ،وذلك في بداية الحياة الزوجية حتى يسد بابا لا يغلق لو ترك ،فيصم أذنيه عن السماع لهما ويقف موقف رجل ،فإذا أحست الزوجة إخلاص الزوج لأهله وعدم السماح لها بأي كلام مهما كان وكذلك مع أهله يقطع عليهم أي فرصة للتدخل فيكون بذلك قد أزاح عن حياته كثيرا من المشاكل كما عليه إن يفرض كل منهما احترام الطرف الأخر. 10. لا يجبرها على زيارة أهله بطريقة دورية وإنما يترك لها اختيار الوقت المناسب لزيارتهم. 11. أحرص على أن تحصل زوجتك على ما تحتاجه من العلوم الدينية والعلوم الدنيوية النافعة ،لأن ذلك سينعكس على فكرها وسلوكها وعلى حسن تربيتها للأبناء ،وقد حرص رسول الله على ذلك ،عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة" رواه أبي داود. 12. تقديم الهدية المناسبة للزوجة تعبيرا عن حبه لها وتقديره لها مما يقوي أواحد المحبة بين الزوجين وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام "تهادوا تحابوا". 13. القيام برحلات أسبوعية مع الزوجة بمفردها مما يتيح لهما الجلوس سويا بعيدا عن جو البيت فيوثق ذلك عرى المحبة بينهم . وأخيرا من غرس بذرة بشيء من الرعاية والاهتمام والبذل والتضحية جنى الثمرة وفرح بها عند حصادها... أولاد صالحون ،وزوج راضٍ ،وأسر هانئة سعيدة. اسأل الله العلي القدير أن يثبتنا على الحق ويرزقنا الإخلاص في العمل لوجهه الكريم ،وأن نتطلع دائما إلى الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين، قال تعالى :{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } فصلت /35. ----------------------------
قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم 21
فالحياة الزوجية رحلة طويلة تتحقق فيها السعادة والهناء إذا أخلص كل من الزوجين وابتغى بعمله وجه الله ،فابتسامة الزوج تضفي اشراقة على الأسرة ،وابتسامة الزوجة تدخل السرور على الزوج،وتكريس كل منهما وقته وجهده في سبيل إسعاد الآخر مما يعين على بقاء هذه اللبنة وامتدادها على مر السنين والأعوام،فالزوجان هما دعامة الأسرة وسر سعادتها.
ولا تتحقق السعادة في الأسرة إلا بالعمل على البذل والتضحية ونكران الذات،وشيء من الأناة وسعة التفكير وإذابة أي مشكلة قد تعترض هذا العش الهانئ ،فالأسرة هي ركيزة المجتمع فإذا سعد بناء الأسرة سعد المجتمع كله؛لأن الإنتاج يكون سليماً،وإن سلم نتاج الأسر من الأبناء سلم المجتمع ككل،وإذا عرف الزوجين عبء هذه المسئولية وخطورتها شمر كل منهما عن ساعد الجد لتنشئة جيل مسلم نقي السريرة قوي الإيمان ثابت البنان، لا تهزه الأعاصير.
ومن أسباب سعادة هذا الكيان الأسري اهتمام المرأة _وهي الأساس في بناء هذه الأسرة_ بما يلي:
1. بطاعة زوجها ،وذلك بمعرفة عظم حقه عليها ،وأن طاعته من طاعة الله ،قال صلى الله عليه وسلم (إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ )(1) وقال صلى الله عليه وسلم :( أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ) (2).
" ويرسم الرسول الكريم صورة وضيئة مشرقة محببة للزوجة الصالحة الودود السمحة الحسنة الخلق السعيدة في الدنيا والآخرة فيقول: إلا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا:بلى يا رسول الله .قال: ولود ودود إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى.." (3).
وإن المرأة المسلمة الرشيدة لتعلم أن الإسلام الذي أجزل لها المثوبة بطاعتها لزوجها ،وادخلها الجنة،هو الذي توعد كل امرأة تنكبت طاعة الزوج وأعرضت عنه،ولم تبال به،توعدها بالإثم والسخط ولعنات الملائكة،ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) (4).
2. الاهتمام بمظهرها ،وذلك باللبس الأنيق الجميل والرائحة الطيبة (5)،فتختار من اللباس ما يعجبه ويروق له وترتاح نفسه إليه،ومن الروائح الجميلة التي تميل إليها نفسه،محتسبة ذلك عند الله.
3. الابتسامة الحلوة والدعابة المحببة إلى النفس،والمنطق الحلو وجمال الروح وخفة الدم،وهذا يضفي على الأسرة جواً من المرح والألفة تزيل عن كاهل الزوج كثير من الأعباء التي يحملها من خارج البيت.
4. الاهتمام بالبيت من ناحية النظافة والترتيب وحسن التنسيق،مع المحافظة على الهدوء والسكينة وخاصة عند عودته من العمل،مع إظهار الفرح والسرور بقدومه وعودته سالماً.
5. إذا استطاعت إرسال رسالة عبر الجوال قبل عودته أو أثناء وجوده في العمل فيها من عبارات الشوق والحب،والدعاء له فهذا مما يدخل السرور إلى نفسه قبل عودته إلى البيت . وتحرص على الاستحمام وتغيير ملابسها قبل عودته ،وتحتفي بقدومه،وتقدم الطعام فور عودته وتهيئ له كل ما يحتاجه.
6. التفنن في اختيار أشهى المأكولات التي يحبها ،لترضيه بذلك وتنال استحسانه،ولا تعتمد في إعداد الطعام على الخادمة ،حتى تشعره باهتمامها به وحرصها على إرضائه ،وأنها تتفانى في سبيل إسعاده . 7. أن تقدم له الهدايا كلما سنحت الفرصة،مبتغية بذلك إدخال السرور على نفسه،وهذا مما يسعد الزوج ويشعره بمكانته في قلب زوجته فيبادلها الشعور وتدوم المحبة بينهما كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تهادوا تحابوا).
8. أن تكرم أهله وتظهر الاحترام لوالديه ،وتحرص على أن تبادر بدعوتهم لزيارتها ،وتشعرهم أنهم عماد الأسرة ومنبع الخير ،فالرجل يقدر للمرأة ذلك وتزيد مكانتها لديه.
9. إشباعه من الناحية الجنسية،وهذا مما قد لا يروق لبعض الزوجات ،فتقع المشكلات بسبب نفورهن أو تهربهن والتعلل بحجج واهية قد تغضب الزوج وتسخطه، "ذلك أن قضية إحصان الرجل وإبعاده عن الفتن أهم من كل عمل تقوم به المرأة؛ لأن الإسلام يريد للرجل والمرأة على السواء أن يعيشا في جو كله نقاء وصفاء وطهر وبعد عن أي إثارة من آثار الفتنة والتطلع إلى اللذة الحرام ،ولا يطرد خاطرة الجنوح إلى الحرام إلا تفريغ الطاقة الطبيعية في مصارفها الحلال الطبيعي والمشروع"(6)،وهو ما أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي: ( إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ)(7) .
فلتنظر الزوجة في هذه الفتن وقد احتوت الرجال من كل جانب :الفضائيات ،الانترنت، النساء في المركز والأسواق...وفي كل مكان ،ولتجتهد في تطبيق هذه الأحاديث مستعينة في ذلك بالله ،مبتغية الأجر والمثوبة منه ومتطلعة إلى جنة عرضها السموات والأرض تدخلها من جميع الأبواب إذا شاءت.
10. لا تكلف الزوج فوق طاقته المادية ،فتراعي أن تتناسب متطلباتها ومتطلبات البيت والأبناء مع دخل الزوج وقدرته المادية ، وتبتعد عن الإسراف والبذخ وحب المظاهر ،فإرهاق الزوج ماديا من أكثر دواعي تنكيد عش الزوجية.
11. أن تعلم أن سعادة أسرتها منوطة بحسن تبعلها لزوجها والحرص على مرضاته ،فتبذل وسعها في إسعاده ،بالخلق الحسن والكلمة الطيبة ،والابتسامة المشرقة،والتعامل الراقي البعيد عن التعالي والكبر وحب الذات، يقول صلى الله عليه وسلم (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ) (8).
وكما إن للمرأة دور كبير في إسعاد الأسرة وتذليل اكبر العقبات التي تعترض الحياة الزوجية ،فإن للزوج أيضا الأثر الكبير في السعادة الزوجية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1. تفهم الرجل لنفسية الزوجة فقد تتعرض المرأة في كثير من الأحيان لضغوط نفسيه سواء من أطفالها وكثرة متطلباتهم وتعليمهم أو مشاكل أسرية تتعلق بأسرتها أو مرض جسدي كالآم الدورة الشهرية كل ذلك يحتاج إلى تفهم من الزوج وتقدير لهذه الظروف فيتلطف معها ويشعرها باهتمامه بها وحبه لها مما يزيح الكثير من ألامها فتسعد برفق هذا الزوج ولطفه.
2. احترام الزوج للزوجة وأخذ رأيها في كثير من أمور الأسرة يشعرها بأهميتها وإنها جزء من كيان هذه الأسرة وموافقتها والثناء على رأيها وامتداحها مما يعزز ثقتها بنفسها ،فتكن بذلك الاحترام والود والحب لزوجها ،وبذلك تشعر الزوجة بالطمأنينة والاستقرار مما ينعكس على تصرفها وسلوكها مع زوجها وأطفالها.
3. مساعدة الزوج لزوجته في أعمال البيت اقتداء بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولو بالقليل يضفي على جو البيت بهجة ويسعد الزوجة ويشعرها بتقدير زوجها لها فيسعدان معا بهذه المشاركة ، عن عمرة : قيل لعائشة رضي الله عنها: ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته قالت : كان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ، ويخدم نفسه ).
4. الثناء والمديح من الزوج لزوجته في ترتيب البيت أو اختيار أصناف الطعام أو إتقان الطبخ،وكذلك لبسها وعطرها وأسلوب تربيتها لأولادها أو أسلوب تعاملها مع الآخرين ،كل هذا مما يدخل السرور والسعادة إلى نفسها وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث "إن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم " فكيف بمن هي أحب الناس إليه زوجته فليحتسب الزوج كل هذا عند الله سبحانه وتعالى .
5. الكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة لها اثر عظيم في إسعاد الزوجة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم"الكلمة الطيبة صدقة" وقال صلى الله عليه وسلم"لا تحقرن من المعروف شيئا ولو إن تلق أخاك بوجه طليق" وقال صلى الله عليه وسلم"تبسمك في وجه أخيك صدقة" فكيف بالزوجة فإن الأجر أعظم وكم لهذه الابتسامة من الزوج من اثر على نفسية الزوجة وكم من الكلمات الطيبة التي تسعد الزوجة وتزيل ألامها وتشحذ همتها لمواصلة الجهد في إسعاد هذه الأسرة.
6. العناية بالنظافة الشخصية والاهتمام بحسن المظهر،فكما يحب الرجل أن يرى زوجته في صورة حسنة يحصن بها نفسه،فكذلك الزوجة،ورحم الله ابن عباس رضي الله عنهما فقد قال : (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها على، لان الله تعالى قال: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف")
7. احترام أهلها ،وإظهار التقدير والإكرام لهم،وعدم ذكرهم أمامها إلا بالخير،وقدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يكرم أهل خديجة رضي الله عنها حتى بعد وفاتها ،عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها ، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يُقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يبق في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟! فيقول : إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد )رواه البخاري.
8. إذا أردت أن تعاتب أو تعاقب فلا تفعل أمام الآخرين_ والأبناء على وجه الخصوص_ ولا توجه لها ألفاظ قد تجرح مشاعرها ،أو تقارنها بغيرها من النساء،وأعلم أن مشاعر المرأة مثل الزجاج شفافة،حساسة،سهلة الخدش والكسر،لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( رفقا بالقوارير).
9. الحزم في القضاء على أي مشكلة قد تحدث بين زوجته وأهله وعدم السماح لأي طرف منهما التدخل في شؤون الطرف الآخر ولا يترك لهم فرصة في ذلك وضرورة احترام كل منهما للطرف الآخر ،وذلك في بداية الحياة الزوجية حتى يسد بابا لا يغلق لو ترك ،فيصم أذنيه عن السماع لهما ويقف موقف رجل ،فإذا أحست الزوجة إخلاص الزوج لأهله وعدم السماح لها بأي كلام مهما كان وكذلك مع أهله يقطع عليهم أي فرصة للتدخل فيكون بذلك قد أزاح عن حياته كثيرا من المشاكل كما عليه إن يفرض كل منهما احترام الطرف الأخر.
10. لا يجبرها على زيارة أهله بطريقة دورية وإنما يترك لها اختيار الوقت المناسب لزيارتهم.
11. أحرص على أن تحصل زوجتك على ما تحتاجه من العلوم الدينية والعلوم الدنيوية النافعة ،لأن ذلك سينعكس على فكرها وسلوكها وعلى حسن تربيتها للأبناء ،وقد حرص رسول الله على ذلك ،عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة" رواه أبي داود.
12. تقديم الهدية المناسبة للزوجة تعبيرا عن حبه لها وتقديره لها مما يقوي أواحد المحبة بين الزوجين وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام "تهادوا تحابوا".
13. القيام برحلات أسبوعية مع الزوجة بمفردها مما يتيح لهما الجلوس سويا بعيدا عن جو البيت فيوثق ذلك عرى المحبة بينهم .
وأخيرا من غرس بذرة بشيء من الرعاية والاهتمام والبذل والتضحية جنى الثمرة وفرح بها عند حصادها...
أولاد صالحون ،وزوج راضٍ ،وأسر هانئة سعيدة.
اسأل الله العلي القدير أن يثبتنا على الحق ويرزقنا الإخلاص في العمل لوجهه الكريم ،وأن نتطلع دائما إلى الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين، قال تعالى :{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } فصلت /35.
----------------------------
(1) رواه أحمد والطبراني ورواته ثقات. (2) رواه ابن ماجة. (3) شخصية المرأة المسلمة،دكتور محمد على الهاشمي. (4) صحيح مسلم،10/8،كتاب النكاح. (5) المرجع السابق. (6) المرجع السابق. (7) رواه مسلم ، كتاب النكاح. (8) رواه أحمد.