رؤية في كيفية إيجاد الدافعية لدى المتعلم - يُصدم كثير من المدرسين والآباء الذين يرغبون في التحصيل العلمي لأبنائهم بعدم تحفُّز بعضهم لتلقي ذلك العلم سواء أكان مادة شرعية أو أدبية أو علمية أو قل: -إن شئت- عدم الدافعية عند أولائك للاستماع من المدرس أو من الأب أو من أي جهة أخرى، وهذه القضية بل هذه المشكلة أقضت أو لا تزال تقض مضاجع المدرسين والمخلصين والآباء الغيورين على تعلم أبنائهم، فما العمل؟ بل ما هو الدواء الناجع في مثل هذه الحالة؟. - لا شك ولا ريب أن على المدرس أو الأب في مثل هذه الحالة أن يفتش عن السبب فقد يكون تخلفا عقليا مثلا وبهذا يحال الطالب إلى المدارس المتخصصة. - وقد يكون السبب ضعفا في المادة الدراسية فمثلاً: كيف لطالب تكون عنده الدافعية عملية القسمة في الرياضيات وهو لا يعرف عن عملية الضرب شيئا، بل أنه لم يحفظ جداول الضرب، وهنا يأتي دور المعلم في ترميم معلومات الطالب وإعطائه الحلقة المفقودة أو الكم الناقص كي يستطيع الطالب أن يماشي المدرس محتسبا في ذلك الأجر من الله، وهناك أمور أخرى مساعدة أوجزها فيما يلي: أوّلاً: تذكير الطالب بين الفينة والأخرى بالأجر والمثوبة التي ينالها طالب العلم من الله عز وجل، وذلك من خلال تلاوة بعض الآيات على مسامعهم مثل قوله تعالى: ( وقل ربي زدني علما) وقوله تعالى: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وكذلك ذكر بعض الأحاديث الشريفة التي تحث على طلب العلم والأجر الذي يناله من الله في ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: ( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه ابن ماجة (220). وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري (69) وقوله صلى عليه وسلم: ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ )رواه مسلم ( 4867 ). وغيرها من الآيات والأحاديث. كما أنّ على المعلم تذكير الطلاب بفائدة العلم للإنسان في الحياة الدنيا والفرق بين العالم والجاهل من خلال ضرب الأمثلة لمكانة العالم في المجتمع ومكانة الجاهل.... ثانياً: إقامة علاقة ودية بين المدرسين وبين هذا الصنف من الطلاب، فحب الطالب للمدرس يدفعه للاستماع والتلقي منه. ثالثاً: إشاعة روح المرح في جميع الدروس، ومحاولة إيجاد فاصل منشط (نشيد، طرفة، قصة هادف) ويكون ذلك حتى في المواد العلمية بل هو ضروري أكثر من المواد الشرعية والأدبية وذلك لاستقطاب مثل هؤلاء الطلبة. رابعاً: ابتعاد المدرس أثناء الحصة عن العبوس والتجهم والصراخ، وعدم تعرض الطالب الذي تنقصه الدافعية إلى السخرية من المعلم أو زملائه، وكذلك فإنّ استخدام الألفاظ التربوية مع ذلك الصنف من الطلاب، يعين بإذن الله على إيجاد الدافعية لدى المتعلم. خامساً: إسماع الطالب الذي يعاني من عدم وجود الدافعية عبارات التشجيع والثناء وكتابة عبارات تشجيعية جميلة، وذات صياغة جديدة، تشيد بما كتبه في الدفاتر، ولا باس أن يعطى بعض الهدايا في فترات متقاربة. سادساً: إشعار المدرس للطالب أنّه حريصٌ على مصلحته، وأنه مستعد لمساعدته في أي أمر يطلبه منه، أو تذليل أي صعوبة يواجهها الطالب. سابعاً: توفير مناخ تعليمي غير قلق (كالأمن وتكوين الصداقات واحترام الطالب وغيره). ثامناً: ربط المادة بالواقع من خلال الأمثلة. تاسعاً: الابتعاد عن الرتابة في الدرس والتجديد في الطريقة التي يشرح بها الدرس، وكذلك الوسائل من حيث اللون والحجم والشكل. عاشراً: طرح سير علماء المسلمين المبدعين في كل مادة دراسية على حدة، وحفز الطلاب على أن يكون مثلهم . حادي عشر: إيجاد مشكلة في الدرس الملقى ومطالبة الطلاب بالمشاركة في حلها. ثاني عشر: إجراء مسابقة فردية ورمزية في جميع الدروس ومكافأة الفريق الفائز معنويا كان يزاد درجة أو ماديا كأن يعطى قطعة من الحلوى أو أي شيء آخر. ثالث عشر: ربط الطالب الذي تنقصه الدافعية بطالب مجتهد متفاعل في جميع الدروس لاستثارة الدافعية عنده. رابع عشر: إعادة الفقرات الغامضة من المدرس أكثر من مرة. خامس عشر: أن يكون المعلم قدوة حسنة للطالب في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته ولباسه. سادس عشر: الاستخدام الأمثل للسبورة من حيث الترتيب والتسطير والكتابة بخط جميل واستخدام الأقلام الملونة. وأخيرا: دعاء المدرس لهذا الطالب وأمثاله في أوقات الدعاء المستجابة بأن يفتح الله عقولهم. وقد تقول أخي المعلم: ( ماذا عسى أن ينفع الدعاء مع هؤلاء ؟ ). نقول لك: الأمر كله بيد الله تعالى، وهو القادر على كل شيء، ( إنّما قوله إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون )، فهو الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فإذا علم سبحانه وتعالى إخلاصك في عملك و وجد منك حباً ورغبةً في تعليم هذا الطالب، وحرصاً على أن ينهض من الوهدة التي هو فيها. وإكثاراً من دعائك له، فإنّه عز وجل لن يرد يديك صفراً