واقع التقويم المستمر في المملكة العربية السعودية

الناقل : Noura Alshibani | الكاتب الأصلى : نورة غازي الشيباني

واقع التقويم المستمر في المملكة العربية السعودية

 ‏التقويم هو أحد الأركان الرئيسة للعملية التربوية والتعليمية، إذ يمثل عنصرًا أساسيًا من عناصر المنهج وهو الأسلوب ‏العلمي الذي يتم من خلاله التشخيص الدقيق للواقع التربوي، وإصدار الأحكام ليس فقط على مدى صلاحية المنهج أو تحصيل الطالب فحسب بل على العملية التعليمية ككل.

ويتمثل الهدف الأسمى لعملية التقويم في تحسين العملية التعليمية كما أكد ذلك د/ أبو علام تحسين التعلم هو الهدف الأسمى لعملية التقويم، حيث نقوم أداء الطلاب بهدف التعرف على نواحي القوة والضعف في أدائهم تمهيدا لعلاج جوانب الضعف وتأكيداً على جوانب القوة ودعمها، وليس الغرض من التقويم بأي حال من الأحوال تحديد مستوى الطلاب.

وتولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بمخرجات التعليم لذا قامت وزارة التربية والتعليم بمراجعات مستمرة ودورية لأساليب التقويم من أجل تحسين ممارسات المعلمين في تقويم الطلاب. فقد بدأ العمل بلائحة تقويم الطالب عام 1419هـ في المراحل الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية، ليكون الترفيع في هذه المراحل آليًا معتمدًا على إتقان مجموعة من المهارات. وقد سبق هذا التطبيق، تطبيق تجريبي سريع خلال سنة على عدد محدود من المواد الشفهية فقط، وفي السنة التالية تم اعتماده. بعد ذلك توالت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية لدراسة فعالية التطبيق من خلال تقارير الميدان ومن خلال الرسائل العلمية في الجامعات السعودية.

أشارت جميع هذه الدراسات إلى وجود خلل وضعف في التطبيق يحتاج إلى إصلاح. وبالرغم من هذه الانتقادات إلا أن المسؤولين في ذلك الوقت طالبوا أن يتم توسيع تطبيق اللائحة ليشمل جميع مراحل التعليم الابتدائي وذلك عام 1427هـ. في هذه الفترة كان الميدان غائبًا عن كل هذه العمليات حيث لم يتم إشراك المعلمين ولا أولياء الأمور في اتخاذ مثل هذه القرارات الحاسمة. فالمعلم هو أهم عنصر في إنجاح هذا العمل لأنه هو المعني بالدرجة الأولى بتطبيق الآلية الجديدة. وفي عام 2019 قام وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ بإلغاء نظام التقويم المستمر بدءاً من الصف الرابع الابتدائي وذلك بسبب مخرجات التعليم وأن الطالب ينتقل من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة وهو لا يمتلك المهارات اللازمة في هذه المرحلة، وذكر آل الشيخ بأن التقويم الموجود الآن ليس بتقويم مستمر وأنه سيتم العمل على الاختبارات المركزية للتقويم.

ومن وجهة نظر الكاتبة أن الاعتماد على الاختبارات وحدها وجعلها المصدر الأساسي لقياس مستوى الطالب لا يتوافق مع التطلعات المستقبلية حيث أنها تركز على الكم المعرفي بصورة كبيرة، ولا تلغي الكاتبة أهميتها ولكن الإشكالية في جعلها المحك الأساسي لنجاح الطالب من إخفاقه. وأثبتت دراسات عديدة بأن التقويم المستمر إذا طبق تطبيقًا صحيح سيرفع كفاءة وجودة مخرجات التعليم حيث  أن الإشكالية ليست في النظام نفسه وإنما في طريقة تطبيقه والأخطاء المصاحبة له ومن هذه الدراسات دراسة (أبو حثرة، 1430ه) و (السحيم، 1431ه) و (طبيقي، 1432ه) التي أجريت على واقع التقويم المستمر في المملكة العربية السعودية إلى وجود معوقات كثيرة أدت إلى ضعف مخرجات التقويم المستمر، كضعف في إعداد المعلم أثناء دراسته الجامعية في جانب التقويم المستمر، وكذلك عدم إلمام كثير من المعلمين بالطريقة الصحيحة لتطبيق التقويم المستمر بشكل شامل ومتكامل، مع ضعف في جانب الالتزام بالتعليمات واللوائح الخاصة بأساليبه، والاكتفاء بتقويم مهارات الحد الأدنى فقط، ويأتي ذلك متزامناً مع كثرة الطلاب في الصف الواحد وعدم توافر تقنيات تعليم حديثة في أغلب المدارس. كما أشارت تلك الدراسات إلى ندرة الدورات التدريبية الخاصة بأساليب وأدوات ومهارات تطبيق التقويم المستمر. 

إن معالجة هذه الإشكالات والعمل على توظيف التقويم المستمر بصورته الصحيحة من أساليب وأدوات ومهارات سيرفع من مستوى مخرجات التعليم وسينتج أفراد قادرين على امتلاك المهارات اللازمة لمواكبة هذا العصر ومواجهة تحديات المستقبل.

فالتقويم في المملكة العربية السعودية يحتاج إلى إعادة نظر فنجاح التقويم يكمن في نجاح الغايات والأهداف المخطط لها، ونجاح العملية التعليمية ككل.

المراجع:

المطرب، خالد وأبو ناصر، فتحي. (2014م). تجربة التقويم المستمر في مدارس المرحلة الابتدائية التابعة لوزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية. مجلة العلوم التربوية والنفسية، مج15 ع2.

عبد الحميد، صفاء. (2017م). التقويم البديل استراتيجيات و أدوات.مسترجع من:

https://www.new-educ.com 

العتيبي،خالد. (2012م). التقويم المستمر بين التأطير والتطبيق. مجلة المعرفة.